يقرأ حاليا
الإدمان الجنسي.. مرض بخلفيات نفسية ومحاولة الانتقام “للذكريات المؤلمة”
FR

الإدمان الجنسي.. مرض بخلفيات نفسية ومحاولة الانتقام “للذكريات المؤلمة”

الإدمان الجنسي أو السلوك الجنسي القهري، وهو اضطراب في الرغبة الجنسية ناتجة عن قضاء الفرد وقت طويلا في أعمال لها علاقة بالجنس. والذي بدوره قد يأخذ وجوها متعددة سواء عن طريق الإفراط في الممارسة الجنسية، وتعدد الشركاء أو الاستمناء، ويصل الأمر إلى الولوج إلى استخدام الإباحية أو الدفع مقابل الجنس، وبالتالي فهي حالة إدمان نفسية.

 

ففي الوقت التي تتحول فيه الممارسة الجنسية من متعة إلى عبادة، تشغل تركيز الإنسان ويصعب التحكم فيها فتؤثر على صحة وعمل وعلاقات الشخص، عندها يمكن تصنيف هذه الفئة في خانة الإدمان الجنسي القهري. 

إذا هل يمكن اعتبار الإدمان الجنسي مرض؟ وهل هو ناتج عن اضطراب هرموني أو تصور مجتمعي؟ وما هي طرق العلاج والتخلص منه؟ 

التخلص من الضغط والتوتر

أمال شباش، أخصائية في العلاج النفسي الجنسي، تؤكد في هذا الإطار لـ “نقاش 21″ أن ” الإدمان الجنسي هو عندما يصبح لشخص علاقات جنسية مع أي شخص دون اختيار الشريك، فتصبح غاية في حد ذاتها، وليست الرغبة في الحصول على اللذة، فتصير الممارسة مبالغ فيها”.

عند الحديث عن الإدمان الجنسي، تسود مجموعة من الأفكار الخاطئة داخل المجتمع، حيث تقول شباش، أن ” المشكل ليس نابع من خلل هرموني. فالإدمان بإمكانه إظهار مجموعة من الأشياء سواء في حياة أو نفسية الشخص، كما أن هذه تعد طريقة يلجئ إليها الشخص من أجل تفريغ ضغوطات معاشه أو فراغ. ولهذا فالبعض يظن أن الإدمان على الجنس كما على المخدرات أو العمل ما هو إلا وسيلة لتحقيق نوع من التوازن”. 

ففي بعض الحالات فإن الإدمان الجنسي يكون نتيجة التعرض الشخص لبعض المواقف في صغره، كالتحرش الجنسي. ورغم عدم وعيهم بهذه المواقف إلا أن لها تأثيرات كبير تقوده للقيام بنفس السلوك في حياتهم المستقبلية.

وأردفت المتدخلة، أن الإدمان غير عادي. يطيح بالشخص في دوامة سلبية تقوده للهلاك وتحقق المضرة بالآخرين، خاصة في حالة تعدد الشركاء فيضحى المرء أكثر عرضة للأمراض الجنسية، علاوة على عدم وجود نوع من عدم التوازن في العلاقات.

أنانية مرضية

بدوره يؤكد محسن بن زاكور، مختص في طب النفس الاجتماعي، أن السبب في مثل هذا النوع من الإدمان يمكن “أن يكون بيولوجي أو نفسي، أو هناك علاقة بين الاثنين. فيصبح الجنس صورة جسدية محضة وصورة نفسية مما يجعل المسألة أكثر تعقيدا. ولهذا السبب يجب أن نوضح بأن الجانب النفسي رهين بما يسمى “اليبيدو” كما أنه رهين لتمثل الإنسان للعلاقة مع الآخر، وبالتالي كلما كانت العلاقة أنانية كلما أصبح الإدمان الجنسي أكبر ويغيب الطرف الآخر. كما تكون استجابة لشهوة الذات في شكلها الشاذ أكثر من الاستجابة لعلاقة جنسية متوازنة تسموا فيها الروح الإنسانية نحو العلاقة نفسها. لكن حينما تغيب هذه الحصانة تحضر اللذة الجنسية من أجل اللذة الجنسية”، وأضاف المتدخل أنه يمكن لشخص سواء أكان ذكر أو أنثى أن يبحث عن اللذة بكل أنواعها وكلما وصل لها بحث عن لذة أقوى وأبعد، فيجد ما يبرر هذا السلوك.

“إن الثقافة المجتمعية عامل إضافي، إما أن يزيد من الإدمان أو يحرض عليه. فمثلا ربط فحولة الرجل بمدى قدرته على ممارسة الجنس يعد عامل وليس سبب. والإدمان الجنسي هو أنانية مرضية سواء اتخذ طابع السلطوية أو البعد الجنسي. زيادة على أن التوازن النفسي والاجتماعي مهم جدا لتغلب على هذا السلوك، فالثقافة سواء أكانت عربية أو غربية ما هي إلا عامل مزكي للإفراط الجنسي”، يقول بن زاكور.

إقرأ أيضا

التربية الجنسية والثقافة هي الحل

وفي معرض حديثه،  أوضحت الأخصائية في العلاج النفسي الجنسي، أن “التربية الجنسية والتربية في الوسط الأسري أمر ضروري، بالإضافة إلى وجوب التحسيس في وسائل الإعلام من أجل تحقيق نوع من التوعية في صفوف المجتمع. كما أبرزت الأخصائية، أنه لكل حالة طريقة علاج خاصة بها فلا يمكن تعميم العلاج على جميع المرضى، خصوصا وأن لكل شخص، شخصيته وانتظاراته، فلا يمكن التعميم. 

وشددت أمال شباش، أنه من الواجب اللجوء للعلاج قبل فوات الأوان، فلا يجب السكوت على مثل هذه السلوكات الخارجة عن الإرادة والتي تجعلهم يعانون داخل المجتمع. 

من جانبه أوضح بن زاكور، أن العلاج يختلف حسب كل فئة عمرية، فبدايته في فترة مبكرة خلال المراهقة، يكون ناتج عن غياب التربية الجنسية لدى الطفل المراهق، بالإضافة إلى تقديم مواضيع الجنس في إطار المفاهيم المحرمة (الطابوهات)، مما يجعل المراهق أكثر إقبالا على الجنس. وبالتالي فالتربية الجنسية خطوة لا محيد عنها من أجل حل المشكل، علاوة على وجوب وجود قنوات تواصل داخل الأسر للتواصل حول الحياة الجنسية للمراهقين.

أما بالنسبة للشباب يشرح الباحث، أن هذه المرحلة أكثر حساسية خاصة فيما يتعلق بالتعرف على الجنس الآخر، فيعجز الفرد عن إثبات ذاته أمام الآخر فيلجئ للإفراط في الممارسة بمختلف أشكاله. ومثل هذه الحالات تستوجب مرافقة نفسية لاسترجاع الثقة في الذات والآخر، وبالتالي يجب اللجوء إلى حصص علاج لدى طبيب مختص، من أجل أن يجعل الشخص قادر على العودة لتوازنه والتحكم في رغبته الجنسية وهذا لا يتطلب وقت طويلا.

انتقل إلى أعلى