يقرأ حاليا
أهمية الدعم النفسي لإخراج الناجين من زلزال الحوز من دائرة “الخوف والهلع المستمر”
FR

أهمية الدعم النفسي لإخراج الناجين من زلزال الحوز من دائرة “الخوف والهلع المستمر”

“ليلة سوداء عاشتها ساكنة امنتانوت بعد الهزة الأرضية التي ضربت مختلف المناطق المغربية يوم 8 شتنبر 2023، والتي وصلت درجها إلى 7 درجات على سلم ريشتر، ما أدى إلى سقوط العديد من المنازل والأرواح وتسجيل مئات الإصابات في بؤرة الزلزال الحوز، وهي منطقة قريبة منا”، يقول جبران الذي كان في زيارة للمنطقة عند حدوث الكارثة.

 

وأوضح المتحدث ضمن تصريحه لـ “نقاش21″ أن الأسر المنكوبة اجتاحها نوع من الخوف على أبنائها، خاصة وأن المنازل معرضة للسقوط بسبب البناء الطيني ما جعلها غير آمنة”. 

“ساكنة امنتانوت اليوم تطالب بالخيم وأماكن آمنة للنوم، لأن العديد من الأسر تنام في الخلاء. ومع غياب مأوى يحميهم، في ظل أجواء المنطقة الباردة، والتي ستزداد سوء مع حلول فصل الشتاء، يزداد معها الأمر سُوءً”، يقول المتكلم. 

وتابع جبران بكل حسرة “الليل أصبح مصدر هلع وخوف بالنسبة لأبناء المنطقة، بعدما كان وقت للراحة والسكينة، خاصة مع توالي الهزات الأرضية الارتدادية التي تشعر بها الساكنة”. 

وفي جوابه عن سؤال متعلق بأكثر الفئات تضررا من الجانب النفسي أجاب المتحدث بصوت يلفه الحزن “مختلف الفئات العمرية عانت من هول الصدمة، طبعا هناك أشخاص يتمتعون ببنية نفسية قوية لم يتأثروا كثيرا، لكن شريحة واسعة تأثرت”.

الأطفال يمكن اعتبارهم الأكثر تأثرا خلال هذه الفاجعة، وتساؤلات من قبيل لماذا جاء الزلزال؟ هل هو عقاب من الله؟، هل الله ليس رحيما بنا؟ تعد من أكثر الأسئلة التي يطرحها الصغار حسب ما أكده جبران.

وبصوت مرتجف تابع المتحدث قائلا: “الموت أصبحت أمرا واقعا، والوسواس القهري مرض أضحى يعاني منه مختلف الأشخاص. فبمجرد تحريك بعض الأشياء أو سماع أصوات عالية، يذب الهلع والخوف في نفوس الساكنة من جديد”.

وفي ختام حديثه لـ”نقاش21″ اعتبر جبران أن استمرار التلاحم الشعبي يمكن أن يخفف من هول الكارثة، خاصة وأن هناك فئة مازالت تعاني من  الصدمة، وكأن الموت خاطبتها قائلة سير نجاك الله”. 

هذا حال معظم السكان الذين عانوا من مخلفات زلزال الحوز، والذي دمر بيوت مئات الأسر ويتم عشرات الأطفال، كما جعل من المنزل مصدر خوف بعدما كان مصدر الأمن والأمان، ما يستوجب العمل على بناء الصحة النفسية للساكنة المتضررة، خاصة التي فقدت أسرتها ومنازلها وأضحت تفترش الأرض وتلتحف السماء بعدما كان لها منزل يأويها. 

وتعليقا على هذا الموضوع أكد محسن بن زاكور، مختص في علم النفس الاجتماعي، أن الحديث عن تدبير الجانب النفسي لهذه الفئة يضعنا أمام علم النفس الكوارث، فالصدمات خلال الكارثة تختلف من شخص لأخر، ومن بيئة لأخرى.

وأوضح المتحدث ذاته، في تصريه لـ “نقاش21″ أن المؤشر الأساسي لمعرفة الأشخاص الأكثر تأثرا، هو وجود علامات تدل على عدم وعي الإنسان بما يحيط به. معطى يمكن إدراكه من خلال وجود بعض الأشخاص في وضعية تركيز تام في اتجاه معين، وعدم إدراكه ما يدور من حوله،  ما يؤكد وجوب المصاحبة النفسية لهذه الفئة من أجل إعادتها للواقع”.

وأشار مختص علم النفس الاجتماعي إلى وجود العديد من التقنيات في هذا الإطار وعلى رأسها تقنية “إمدر” وهو فصل الجانب البصري عن الجانب العاطفي، ما يمكن الشخص من استرجاع الثقة في نفسه.

وتابع قائلا: “توجد أيضا تقنية “TCC”، فتشبع السكان بمجموعة من الأفكار، المصحوبة بالهلع والقلق خصوصا مع وجود فكرة احتمالية عودة الزلزال، جعلت الشخص يخاف من أبسط الأشياء. ومجرد سماع بعض الأصوات العالية مثلا، قد يسبب له الهلع من جديد وهو ما يسمى بالخوف المرضي وهي حالات تحتاج المتابعة سواء داخل الميدان أو بعد نهاية الأزمة. 

واعتبر بن زاكور أن “الأطفال هم الفئة الأكثر عرضة للإصابة ببعض الأعراض النفسية المرضية فيما بعد، انطلاقا من كونها تفقد كل ما يؤسس التوازن النفسي، والحديث هنا عن مفهوم الأمان والرعاية والعطف، والحنان وصورة البيت وما يحفظه من استقرار”.

إقرأ أيضا

“كل هذه الأشياء تفقد بين عشية وضحاها وبالتالي فهو يحتاج أكثر من غيره إلى المساندة النفسية، وخلق مجال لتفريغ هذا الخوف والإحساس بالفقدان”، يقول مختص علم النفس الاجتماعي. 

وفي حديثه، عما يمكن القيام به من أجل إخراج الأطفال من هذا الوضع، أكد المتحدث على وجوب خلق فضاءات ترفيهية كورشات للرسم واللعب من تشتيت تركيزه وعدم جعل تفكيره يرتكز على ما وقع فقط. 

وأشار المتحدث في معرض تصريحه إلى وجود فئة المسنين، الذين لم يتمكنوا على المستوى الجسدي من مواجهة هذه الضغوطات، والعديد من الفيديوهات وثقت عجز بعض الأشخاص عن إنقاذ أنفسهم نظرا لانعدام القدرة على الفرار، ما يؤدي إلى الإحساس بالدونية ويضاعف من خطر الاضطرابات النفسية، والأمر نفسه ينطبق على ذوي الاحتياجات الخاصة.

واعتبر بن زاكور، أن تحرك الأطباء النفسيون إلى الميدان ضرورة أساسية تمكن الشخص من فضاء يعبر فيه عن مخاوفه، ويساعده للخروج من هول الصدمة.

وجوابا عن سؤال مساهمة مواقع التواصل الاجتماعي في تعميق الأزمة النفسية للأشخاص جراء تداول العديد من الفيديوهات والصور المؤثر، قال المتحدث إن “البنية النفسية والصلابة الشخصية تختلف من شخص لآخر، (فئة قادرة على الصمود وأخرى لا)”.

وفي ختام تصريحه أكد مختص علم النفس الإجتماعي أن توقيف تدفق الصور والفيديوهات يعد أمرا مستحيلا، لكن على الأشخاص الواعون بهشاشتهم النفسية، التوقف عن مشاهدة الفيديوهات والصور المتعلقة بالأحداث مع تجنب الحديث عن هذا الموضوع بشكل مستمر.

انتقل إلى أعلى