يقرأ حاليا
انتشار زواج القاصرات بالمغرب.. تعديلات تشريعية لمدونة الأسرة تسعى للحد من الظاهرة
FR

انتشار زواج القاصرات بالمغرب.. تعديلات تشريعية لمدونة الأسرة تسعى للحد من الظاهرة

قدم  فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب (المعارضة)، بمقترح قانون يقضي بنسخ المواد 20، 21 و22 من  مدونة الأسرة، المتعلقة بتزويج القاصرات.

 

ودعت المذكرة التي يتوفر “نقاش 21” على نسخة منها، إلى “ضرورة وضع حد لهذه الظاهرة، لما لها من نتائج سلبية على الطفلات والأسرة والمجتمع، بالنظر لما تخلفه من آثار نفسية وصحية واجتماعية واقتصادية على الطفلات ضحايا هذا النوع من الزواج في ظل تحميلهن مسؤولية تدبير أسرة في عز طفولتهن، الشيء الذي يحول دون تمكنهن من حقوقهن الإنسانية الأساسية، على قدم المساواة مع باقي الأطفال، وعلى رأسها حقهن في التعليم والترفيه، ناهيك عن حرمانهن من فرص تحقيق الرفاه الاجتماعي في المستقبل.

وأشارت المذكرة إلى أنه “بالرغم من تنصيص المدونة في مادتها 13 على أنه من بين الشروط الواجب توفرها في عقد الزواج “أهلية الزوج والزوجة”، وتأكيد المادة 19 على أن أهلية الزواج تكتمل بإتمام الفتى والفتاة المتمتعين، بقواهما العقلية، ثمان عشرة سنة شمسية. بالإضافة إلى ما نصت عليه المادة 4 باعتبار أن الزواج هو ميثاق تراض وترابط شرعي بين رجل وامرأة، والمادتين 10 و11 بتنصيصهما على ضرورة توفر الإيجاب والقبول بين الطرفين”.

نجد بالمقابل أن المادة 20 من مدونة الأسرة تنص على أنه :” لقاضي الأسرة المكلف بالزواج، أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية المنصوص عليه في المادة 19 أعلاه، بمقرر معلل يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك، بعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي والاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي” و “مقرر الاستجابة لطلب الإذن بزواج القاصر غير قابل لأي طعن”، وهو الاستثناء الذي يخول لقاضي الأسرة المكلف بالزواج، أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية، وعدم التقيد بشرط الأهلية المنصوص عليها في المادة 19” حسب ما جاء في المذكرة.

وفي نفس الاتجاه تنص المادة 21 على أن ” زواج القاصر متوقف على موافقة نائبه الشرعي وتتم موافقة النائب الشرعي بتوقيعه مع القاصر على طلب الإذن بالزواج وحضوره إبرام العقد” و”إذا امتنع النائب الشرعي للقاصر عن الموافقة بت قاضي الأسرة المكلف بالزواج في الموضوع”. كما تنص المادة 22 على أنه: ” يكتسب المتزوجان طبقا للمادة 20 أعلاه، الأهلية المدنية في ممارسة حق التقاضي في كل ما يتعلق بآثار عقد الزواج من حقوق والتزامات” و” يمكن للمحكمة بطلب أحد الزوجين أو نائبه الشرعي، أن تحدد التكاليف المالية للزوج المعني وطريقة أدائها”.

وأبرزت المذكرة المقترحية، أنه “إذا كانت هذه الضمانات المسطرية المحيطة بزواج القاصر في مدونة الأسرة تعكس رغبة المشرع في تكريس الطابع الاستثنائي لهذا الزواج، وجعله في حدوده الدنيا، بحيث تجيب عن بعض حالات خاصة واستثنائية”.

“فإن الإحصائيات المسجلة في هذا الصدد، تكشف واقعا مغايرا ومخالفا لغاية المشرع هذه، فقد كشفت دراسة تشخيصية أنجزتها رئاسة النيابة العامة حول زواج القاصر أن نسبة زواج القاصر مقارنة بمجموع عقود الزواج المبرمة مند سنة 2004 وهي سنة دخول مدونة الاسرة حيز التنفيذ الى سنة 2019 تتراوح بين 11.99 % كأعلى نسبة من المجموع العام لرسوم الزواج، وأن %7.53 كأقل نسبة وهي أرقام صادمة تؤكد استفحال ظاهرة تزويج الطفلات” تقول المذكرة.

وحسب نفس الاحصائيات نجد أن نسبة 99 بالمائة من طلبات الزواج خلال الفترة 2004 و2019 تتعلق بالفتيات، مما يؤكد أن الظاهرة تهم الإناث أساسا، لأن نسبة الذكور لا تتجاوز واحد في المائة، الأمر الذي يؤكد أن السلطة التقديرية للقضاة اتجهت نحو التحويل التدريجي لمبدأ الاستثناء إلى قاعدة.

إقرأ أيضا

وأضافت المذكرة أن “الإحصائيات المستقاة من عدد من التقارير والدراسات المنجزة خلال العقود الأخيرة، لهيئات دولية ووطنية وجمعيات، أجمعت على خطورة الظاهرة، وانعكاساتها السلبية، لكونها تشكل عائقا حقيقيا يحول دون تحقيق التنمية، بسبب تقليصه لحظوظ الطفلات في تحقيق الاستقلالية الاقتصادية والاجتماعية والفكرية، خاصة وأن حوالي 99 بالمائة من الطفلات اللواتي تم تزويجهن تتراوح أعمارهن ما بين سن 15 و17 سنة (رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لسنة 2019 حول موضوع تزويج الطفلات)، علما أن القضاء على تزويج الطفلات يفرض نفسه باعتباره هدفا من أهداف التنمية المستدامة بحلول سنة 2030.

وفي هذا الاتجاه تأتي هذه المبادرة التشريعية لفريق التقدم والاشتراكية عبر تقديم مقترح قانون يرمي إلى منع تزويج الطفلات، من جهة، انسجاما مع هويتنا ومرجعتينا التقدمية الحداثية وحرصنا الشديد على إعمال روح ومنطوق دستور 2011 الذي ينص في ديباجته على التشبت بحقوق الانسان كما هي متعارف عليها دوليا، باعتبارها منظومة متكاملة غير قابلة للتجزيئ، تضع المصلحة الفضلى للطفل في صلب السياسات العمومية” يقول فريق التقدم والاشتراكية.

ومن جهة أخرى، يضيف الحزب أنه يسعى إلى “تحقيق الانسجام مع مكونات المنظومة القانونية لبلادنا في ارتباط مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، والاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، والاتفاقية الدولية للقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة وبروتوكولها الاختياري الذي عززه الإعلان الدولي بشأن القضاء على العنف ضد المرأة”.

انتقل إلى أعلى