يقرأ حاليا
تقرير: الاتحاد الأوروبي والمغرب.. ازدواجية المواقف وعلاقات مُعقدة
FR

تقرير: الاتحاد الأوروبي والمغرب.. ازدواجية المواقف وعلاقات مُعقدة

“نقول لأصحاب المواقف الغامضة أو المزدوجة، بأن المغرب لن يقوم معهم، بأي خطوة اقتصادية أو تجارية، لا تشمل الصحراء المغربية”. بهذا الخطاب حَسم الملك محمد السادس مع أصحاب المواقف الرمادية من شركاء المملكة الاقتصاديين. وبدا واضحا أن المقصود الأول بهذا المقتطف، من الخطاب الملكي هو الاتحاد الأوروبي، الذي تربطه بالمملكة علاقة متميزة على المستوى الاقتصادي، خصوصا فيما يتعلق باتفاقية الزراعة والصيد البحري، والتي أصدرت محكمة العدل الأوروبية بحقها قرارا يقضي بإلغائها بسبب نزاع الصحراء.

 

وعلى ما يبدو، أن بلدان التكتل سرعان ما التقطت إشارة الخطاب الملكي، وترجمتها على أرض الواقع من خلال الطعن في قرار محكمة العدل الأوروبية. ولتحليل هذا الغموض الذي يكتنف مواقف الاتحاد الأوروبي من ثوابت المغرب رغم الشرَكات الاقتصادية الكبيرة التي تجمعها مع المملكة، طرحنا أسئلة محورية على محللين ومختصين في المجال السياسي الدولي أبرزها، ما هو سبب ازدواجية هذه المواقف؟ وهل يعتبر المغرب شريكا استراتيجيا في المجال الاقتصادي فقط؟

تغيير المصالح يصاحبه تغيير المواقف

في هذا السياق، يؤكد عبد الفتاح البلعمشي، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي، للجريدة الالكترونية “نقاش 21″، أن “قرار الطعن منتظر، فهذه خطوة تخدم مصالح الدول الأوروبية، كما أنها تعتبر الأقاليم الجنوبية جزء لا يتجزأ عن المملكة المغربية، واعتبر المتدخل أن هنا “يظهر مكر خصوم الوحدة الترابية من خلال التعامل مع بعض الجهات لضرب مثل هذه القرارات، فقبل 5 سنوات لم تنجح خطة إلغاء اتفاقية الزراعة والصيد البحري من طرف محكمة العدل الأوروبية، بل إن وقوف العديد من الدول الأوربية ضد هذا القرار أدى إلى التراجع عنه، وهو نفس الشيء حاليا في دول الاتحاد لن تفرط في مصالحها مع المملكة”.

“إن المشكل في العلاقات المغربية الأوربية هو تدبير كل ملف على حدى”، يوضح أستاذ العلاقات الدولية، أن “هذه العلاقات معقدة بشكل كبير وتحتوي على العديد من الملفات، فحينما نتحدث شراكة مغربية أوروبية تحقق مكاسب وتخدم المصالح المشتركة للدول، يصفق له لكن حينما يتعلق الأمر ببعض القضايا، كقضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية، نجد خلل في التعامل من طرف بعض الحكومات”.

“لكن اليوم حان الوقت للتعامل مع المغرب بمنطق جديد، فهو يعتبر شريك موثوق به في مجموعة من الملفات كـ”الهجرة والتعاون الأمني والقضائي.. ولهذا على دول التكتل الأوروبي أن تغير نظرتها القضايا السياسية التي تهم المغرب وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية، ولعل الرسائل القوية التي جاء بها الخطاب الملكي الأخير يعد تأطيرا للعلاقات المغربية الأوربية”، يضيف رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات.

وشدد البلعمشي، على أن ” الدول الأوروبية ليست على نفس المستوى في التعاطي مع قضية الوحدة الترابية، فعلى سبيل المثال الموقف الفرنسي في مجلس الأمن، الذي كان موقفا يدل على أن تحالفات المغرب هي تحالفات ثابتة، لكن هناك بعض الدول تستعمل هذا الملف من أجل كسب مصالح من دول أخرى، وهذا ما يدل على أن شرعية المغرب على صحرائه تتعرض للكثير من الابتزاز”.

كما أن تغير مواقف بعض الحكومات الأوروبية رهين أساسا بتغير موازين القوى، حيث يوضح المتحدث، أنه في “العلاقات الدولية تعد التوازنات هي المحدد الأساسي، بمعنى أن مصلحة كل دولة، بناء على القوة واللعب على أوراق الضغط المتواجد لدى كل طرف هي من تحدد السياسات في نهاية المطاف، وهذا ما قام به المغرب فيما يتعلق بالأزمة الإسبانية المغربية فهو تعامل بكل حزم وقوة في هذا الجانب”.

تناقضات الاتحاد الأوروبي

بدوره أكد المحلل السياسي، عتيق السعيد لجريدة “نقاش 21″، أن ” دول الاتحاد الأوروبي بعد هذا التوجه الواضح من المغرب، أصبحت أمام تناقضات كثيرة لاسيما مسألة الشراكة و التعاون بين الطرفين من جهة، ومن جهة ثانية الاعتراف الصريح بعدالة القضية الوطنية، مشيرا إلى أن “هناك عدد من دول القارة الأوروبية لازالت مواقفها غامضة و أحيانا مسيئة للمغرب، من بينها إسبانيا، التي مهما حاولت التلوي على المواقف لن تستطيع نكران انزلاقها في أوضاع عدائية ضد مصالح المغرب، و بالتالي، هي مطالبة أولا بالتركيز على أصل المشكل قبل الحديث عن مسببات أخرى، لأن حسن الجوار لم يكن يوما طريق ذا اتجاه واحد، فالمغرب ليس ملزما في العديد من القضايا، وبالتالي ليس حارس بوابة أوروبا، كونه يقوم بهذا كشريك على أساس فهم مصالح الطرفين”.

إقرأ أيضا

وأردف المتحدث ذاته، أن “الوضع المتقدم للمغرب مع دول الاتحاد الأوروبي يعد سابقة في مسار نشأة الاتحاد الأوروبي ككيان دولي، ومنه شكل اعترفا بجهود المغرب من جهة، ومن جهة أخرى تتويجا فريدا للعلاقات الثنائية المتميزة التي أسسها جلالة الملك. لكن هذا الامتياز الذي يحظى به المغرب منذ سنوات طويلة لم يرقى إلى ثبات مواقف دول الاتحاد الأوروبي، فمثلا موقف ألمانيا من قضية الصحراء ظاهره يكابر الحياد لكن تفاعلاته مع نظام العسكر والجبهة الإرهابية متناقض وغير مفهوم، تارة يعلن الحياد وتارة أخرى يتبنى تيسير منابع العداء لقضايا المغرب”.

“اليوم وقبل أي وقت مضى، حان الوقت للمواقف الصريحة والواضحة مع المغرب وقضاياه الوطنية أما دون ذلك لن يكون على حساب العلاقات الغامضة والاستفادة فقط من الشراكات الاقتصادية والتجارية، لأن بلادنا بقيادة جلالة الملك محمد السادس استطاعت أن تنال تقدير واحترام المنتظم الدولي في مختلف المجالات، كما حظيت بمكانة رفيعة فيها، شامخة بمواقفها الثابتة والصريحة، بقدر ما تمد يد العون لشركائها لن تتوانى في الحسم بصرامة مع كل ما يمس وحدتها وثوابتها الوطنية بأي شكل من الأشكال”، يضيف عتيق السعيد.

وختم عتيق  أستاذ القانون العام، حديثه بالقول  إن “خطاب ذكرى المسيرة الخضراء وضع طريقا واضحا للسير في اتجاه الشراكة والتعاون مع المغرب ومؤسساته، بالتالي دول الاتحاد الأوروبي يجب أن تساير هذا الوضوح في المواقف وأن تتخذ قرار الولايات المتحدة الأمريكية محفزا لها لأن الاعتراف الصريح بعدالة القضية الوطنية مشهود لها دوليا وقاريا بالشرعية القانونية. الاتحاد الأوروبي مطالب بالالتحاق بدينامية افتتاح القنصليات بالأقاليم الجنوبية آنذاك ستفعل بشكل ملموس وواقعي الوضع المتقدم للمغرب بالاتحاد، والخروج من دائرة التناقضات”.

انتقل إلى أعلى