يقرأ حاليا
كيف تُساهم الجزائر في صنع دمية “قيادة البوليساريو” لتتحكم في خيوطها؟
FR

كيف تُساهم الجزائر في صنع دمية “قيادة البوليساريو” لتتحكم في خيوطها؟

بعد الهزائم المتتالية لجبهة البوليساريو الانفصالية، أمام الدبلوماسية المغربية التي حققت العديد من المكاسب خلال السنوات الأخيرة، ها هي اليوم الجبهة الوهمية تجتمع بمناسبة ما تسميه “مؤتمرها 16” من أجل انتخاب أمين عام لها، قادر على تجاوز ما تعيشه الجبهة من انقسامات وتفكك.

 

وفي خضم ما تعيشه المنطقة من توتر، وما تعرفه العلاقات المغربية الجزائرية من أزمة بسبب مساندة قصر المرادية لقيادة البوليساريو، يبقى السؤال المطروح هو كيف تتحكم الجزائر في خيوط صناعة قيادات الجبهة الوهمية؟

محمد سالم عبد الفتاح، باحث مهتم بقضية الصحراء والشأن المغاربي، يؤكد أن “الأجهزة الأمنية الجزائرية التي تعكف على تدبير ملف البوليساريو، تجد صعوبة في اختيار بديل لـ “إبراهيم غالي”، رغم الوهن والتفكك والترهل التنظيمي والسياسي الذي تعاني منه الجبهة الوهمية، في الفترة الأخيرة بسبب الضعف وشغور  زعامتها”.

وأوضح المتحدث أن “الجزائر لن تبحث عن شخصية قوية من بين القيادات، على العكس من ذلك هي تريد قيادات ضعيفة”. معتبرا أن “ما يهم الجزائر هي القيادات الخاضعة لها رغم احتراق صورهم بسبب ارتباط ماضيهم بما هو إجرامي”.

وبرر المتحدث ضعف الجبهة الانفصالية بـ “الهزائم والانتكاسات المتتالية التي تلقتها خلال السنوات الأخيرة، منذ أحداث معبر الكركرات وما تلاه من انتصارات حققتها المملكة سواء على المستوى السياسي أو الدبلوماسية من خلال افتتاح مجموعة من القنصليات بالأقاليم الجنوبية للمملكة”.

وحسب رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، فإن السبب الرئيسي وراء صعوبة اختيار زعيم جديد يتجلى في “احتراق صورة معظم القيادات داخل البوليساريو خاصة وأن جلهم متورط في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان كما أنهم متورطون في أنشطة غير قانونية كـ الإتجار بالمخدرات وتهريب المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى العلاقات التي تربطهم مع الجماعات المسلحة والتي أضحت أمر مكشوف للعيان”.

وأشار المحلل السياسي، إلى أن الجزائر تبحث عن قيادات ضعيفة ولعل ما يبرر ذلك إقصاء مؤسس الجبهة الانفصالية، لولي مصطفى السيد، بالإضافة إلى استهداف بعض القيادات التي تتمتع بوزن وبحضور من خلال الاعتقالات والاختطافات، مع الاقتصار على القيادات ذات الخلفية الاجتماعية المتواضعة والرصيد المعرفي المتواضع فضلا عن ضعف الكبير في الأداء السياسي”.

“القرار داخل الجبهة لا يقتصر فقط على زعيم الجبهة، وذلك بسبب ضعف الزعامة وترهل تنظيم البوليساريو السياسي وضعف عقيدتها وبالإضافة إلى لجوئها للعصبيات والتحشيد القبلي”، يقول سالم.

وتابع: “أما العامل الثاني يتمثل في انعكاس صراع الأجنحة داخل النظام الجزائري وبالتالي حتى حالة الترهل التي تنتاب النظام الجزائري تنعكس على البوليساريو بحكم ارتباط معظم القيادات في الجبهة الانفصالية وولائهم لمختلف الأجهزة الأمنية والعسكرية الجزائرية”.

وتحدث سالم عبد الفتاح عن القيادية الجزائرية داخل البوليساريو، قائلا “جزء كبير من القيادات، جزائريين ينتمون لمناطق جنوب شرق الجزائر، وتم تأطيرهم بالمخيمات وأفرزوا حضورا لقيادات من الوسط المنتمي جنوب شرق الجزائر وبالتالي الجهات الأمنية بالجزائر تفضل أن تتكون الجبهة من عناصر جزائرية بالدرجة الأولى”.

إقرأ أيضا

وأشار المتحدث ذاته، إلى أن هذا “لا يعني تقديمهم للزعامة، لكن الخلية الأمنية الجزائرية تبقى هي من يحتكر قرار البوليساريو، وهي من يشرف على المشهد السياسي والأمني والتدبيري داخل الجبهة الانفصالية”.

وفي سؤال حول إطالة أمد النزاع، اعتبر المتحدث أنه “غير مرتبط بطبيعة قيادة البوليساريو وإنما يرتبط بالأجندات الجزائرية المتصلة بواقع الجبهة الداخلية للنظام الجزائري، الذي يبقى في حاجة لتصعيد سياسي ولورقة البوليساريو التي يوظفها في حرب الوكالة التي يخوضها ضد المصالح المغربية وضد الوحدة الترابية المغربية بالأساس من أجل تصدير أزمته الداخلية”.

وشدد المحلل السياسي على أن “الصراع حول الصحراء هو بمثابة الشماعة التي يعلق عليها الجزائر كل مشاكل التدبير الداخلي وكل الإشكالات والفشل الذي يعترض النظام الجزائري”.

واعتبر سالم أن “ما يزيد من حدة الصراع هي المكاسب التي حققها المغرب، واختلال ميزان القوى لصالح المملكة المغربية خلال السنوات الأخيرة منذ تطهير معبر الكركرات وما تبعه من تطورات صبت لصالحه وانعكست على ما هو سياسي ودبلوماسي كما انعكست على كيفية تعاطي المجتمع الدولي مع الملف مع تغيير المقارب الأممية حول النزاع لصالح الاعتراف بالسيادة المغربية على المناطق الصحراوية”.

وفي ختام تصريح أكد محمد سالم عبد الفتاح، باحث مهتم بقضية الصحراء والشأن المغاربي أن “اختلال ميزان القوة يدفع الجزائر إلى التصعيد أكثر رغم احتراق البوليساريو ضمن لعبة حرب الوكالة”.

انتقل إلى أعلى