يقرأ حاليا
تحليل.. تعنت الجزائر و”البوليساريو” يُهدد بفشل مهام المبعوث الأممي الجديد
FR

تحليل.. تعنت الجزائر و”البوليساريو” يُهدد بفشل مهام المبعوث الأممي الجديد

بعد أزيد من 3 سنوات على تقديم المبعوث الأممي السابق في الصحراء المغربية هورست كوهلر لاستقالته، وتوقف المفاوضات منذ 2018 بين الأطراف المتنازعة. يبدأ خلفه “ستيفان دي ميستورا”، المبعوث الأممي الجديد في الصحراء المغربية، جولته الأولى لدى الدول المتنازعة بغية جس نبض جميع الأطراف ومحاولة إقناعهم بالعودة إلى طاولة المفاوضات.

 

على الرغم مما يتميز به المبعوث الأممي الإيطالي السويدي من حنكة تزيد عن 40 سنة في الدبلوماسية والشؤون السياسية، وما شغله من مناصب عليا، حيث عمل كمبعوث أممي خاص لسوريا، وممثلا خاصا للأمين العام لأفغانستان وجنوب لبنان والعراق، فضلا عن اشتغاله كمدير مركز الأمم المتحدة بروما. إلا أن هنالك العديد من التساؤلات تفرض نفسها حول مدى إمكانية الدبلوماسي “دي ميستورا” في حلحلة النزاع الممتدة جذوره منذ عقود، خاصة مع تفاقم وطفو الأزمة المغربية الجزائرية على السطح.

فما حدود نجاح المبعوث الأممي الجديد في تسوية النزاع؟ وما هي الأسباب التي يمكن أن تقف عائقا أمام نجاح مهام “دي ميستورا”؟

وجهات النظر

في هذا السياق، يؤكد خبير العلاقات الدولية، تاج الدين الحسيني، لـ “نقاش21” أنه “على الرغم مما يوصف به المبعوث الأممي الجديد من حنكة في تسوية مجموعة من القضايا خاصة العربية منها، إلا أن الوضع في شمال إفريقيا يختلف”. 

وأردف المتحدث نفسه، أن “هناك صعوبات كثيرة سترافق مهمة “دي ميستورا”، خاصة فيما يتعلق بموقف كل من النظام الجزائري و”البوليساريو”، فالمبعوث الأممي من المفترض أن يطبق مقتضيات قرار 2602، الصادر عن مجلس الأمن”. وحسب تاج الدين “فهذه الخطوة تفترض عقد موائد مستديرة تحظرها كل الأطراف المعروفة في الملف”. 

“إلا أنه منذ الآن يظهر أن زيارة المبعوث الأممي الجديد للجزائر أصبحت مغلقة، وزيارته إلى تندوف من أجل الاجتماع مع البوليساريو كان فيها نوع من التشديد على رفض المقترح المغربي، الهادف إلى تحقيق الحكم الذاتي”، يقول تاج الدين الحسيني. 

وبالتالي فإن خيوط العملية متشابكة منذ البداية، فمع رفض الجزائر الانضمام إلى الموائد المستديرة وامتناع البوليساريو عن مناقشة مقترح الحكم الذاتي، يعني أن الممر مسدود خصوصا وأن الموقف المغربي واضح ومتشبث بأن الوسيلة الوحيدة لحل المشكل هو مشروع الحكم الذاتي. 

ويشرح المتحدث ذاته “أن هذه القطيعة بين الأطراف ستجعل المبعوث الشخصي في مثل هذه الحالة يلجئ إلى تحرير محضر دقيق يوضح من خلاله عدم التزام بعض الأطراف بما ورد في القرار الأممي، فرفض الجلوس إلى طاولة المفاوضات يعني نوع من العصيان في مواجهة قرارات الأمم المتحدة”. 

وأوضح خبير العلاقات الدولية “أن تجاوز البوليساريو لمقتضيات الاتفاق العسكري رقم 1 الذي وقع منذ أوائل التسعينيات، يعد هو الآخر عنصر يحول دون تحقيق مساعي الدبلوماسي الإيطالي السويدي”. مضيفا “أن هذه الخطوة التي لم تجد لها أي صدى سواء على المستوى الإعلامي أو الميداني تعد نقطة تسجل ضد مواقف البوليساريو”. 

بدوره شدد محمد شقير، خبير العلاقات الدولية، في  تصريح لـ”نقاش21″ أن “الحديث عن مدى نجاح أو فشل المبعوث الأممي الجديد، سابق لأوانه، فهذه الزيارات تعد مجرد خطوة لجس النبض والتعرف على الأطراف المتشابكة في هذا النزاع”. 

إقرأ أيضا

وأكد محمد شقير أنه “على الرغم من ذلك فإنه من الصعب جدا أن ينجح المبعوث الأممي الجديد فيما فشل فيه المبعوثون السابقون على اعتبار أن المسألة لا تتعلق بالمبعوث، إنما بمواقف الأطراف”. مشيرا إلى أن “الخلاف الجوهري بين المغرب الذي يؤكد أن أي حل لن يكون إلا في إطار مبادرة الحكم الذاتي والطرف الآخر المتشبث بالاستفتاء وتقرير المصير، يجعل من الصعب جدا أن يقوم أي مبعوث بتقريب وجهات النظر، الأمر الذي حصل سابقا مع المبعوث الأممي السابق “هورست كوهلر” الذي حاول تقريب وجهات النظر، إلا أنه فشل في ذلك وأعلن استقالته قبل نهاية ولايته”. 

وازداد الأمر تعقيدا مع قطع العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والجزائر والتصعيد بين الطرفين، الذي لن يسهل مهمة المبعوث الجديد، دي ميستورا، حتى وإن حاول كما قام أسلافه بتنفيذ ما كلفوا به من طرف الأمين العام للأمم المتحدة. لكن المسألة معقدة نظرا لأن الخلاف بين الطرفين جوهري سواء على المستوى الاقليمي، أو الايديولوجي، أو السياسي بين الجزائر والمغرب.

عزلة وارتياح

وقال محمد شقير إن “الجزائر تعتبر نفسها من خلال خطاباتها الرسمية أنها غير معنية بالنزاع وأنها ليست طرفا فيه، في حين أن المغرب يؤكد على أنها طرف أساسي في النزاع، سواء من خلال احتضانها للبوليساريو أو من خلال تحركاتها الدبلوماسية، وبالتالي فهي تحاول أن تنئ بنفسها عن النزاع وإن كانت طرفا فيه.” 

وأكد شقير على أن ” البوليساريو والجزائر يعتبران الوضع الحالي ليس في صالحهما، خاصة بعد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وبالتالي فالجزائر تحاول كسب المزيد من الوقت والبحث عن متنفس وسط عزلتها الدبلوماسية، مع افتتاح مجموعة من الدول سواء كانت إفريقية أو عربية لقنصليات في كل من العيون والداخلة، وهذا وضع غير مناسب للدخول في أي حوار أو مفاوضات فهو لا يخدم مصالحها ووضعها داخل هذا المسلسل”.

في حين يرى تاج الدين الحسيني أن “المغرب الآن يوجد في وضعية جد إيجابية وله عدة امكانيات للاستمرار في مشروعه المتعلق بتطبيق الحكم الذاتي في حالة الفشل المطلق للمبعوث الشخصي في القيام بمهامه”.

انتقل إلى أعلى