يقرأ حاليا
البطالة دافع نحو اختيار مهنة التدريس و 10 بالمئة فقط من تلاميذ الثانوي لهم مستوى مقبول
FR

البطالة دافع نحو اختيار مهنة التدريس و 10 بالمئة فقط من تلاميذ الثانوي لهم مستوى مقبول

“ذهبت إلى هذه المهنة بسبب الضرورة”، بسبب “المعاناة مع البطالة والظروف الاجتماعية الصعبة”، “عدد ساعات العمل والرغبة للتفرغ للأسرة”، وأحيانا نادرة “حب مادة التدريس”، و”الرغبة في العمل مع الأطفال”، كلها دوافع بالإضافة إلى أخرى، يختار على أساسها المدرسون في المغرب ولوج مهنة “بدون جاذبية”، وفقط أقل من ٪؜ 10 من التلاميذ المغاربة الذين ينهون تعليمهم الثانوي الإعدادي في المدارس العمومية عندهم مستوى لائق ومقبول سواء في العربية أو الفرنسية أو الرياضيات أو العلوم.

 

غياب الجاذبية

كشف تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين، خفوت جاذبية مهنة التدريس في المغرب، عكس عدد من الدول الأجنبية التي يقدم مواطنوها على اختيار مجال التعليم، لجاذبية تتعلق بالأجر المرتفع، وظروف التدريس المريحة، بالإضافة إلى المكان الاجتماعية للمدرس.

وفي شهادة لأحد المدرسين قدمها تقرير المجلس، فإن الرغبة في الحصول على عمل تعد أحد أهم دوافع اختيار مهنة التدريس كما تؤكد على ذلك شهادة أستاذ التعليم الثانوي التأهلي “ذهبت إلى المهنة بسبب الضرورة، بعد حصولي على شهادة الاقتصاد، عانيت من البطالة لمدة عام، كان التدريس هو أول فرصة أتيحت لي واغتنمتها”.

وتتفق على ذلك عدة شهادات أخرى “التحقت بمركز تكوين التحقت بمركز تكوين الأساتذة في عام 2001، كانت ظروفي الاجتماعية صعبة، توفي والدي وكان من الضروري أن أجد عملا ودخلا مستقرا في أسرع وقت ممكن”.

وبالنظر إلى هذه الشهادات وأخرى فإن مهنة التدريس، ينظر لها أنها واحدة من الفرص القليلة إن لم تكن الوحيدة المتاحة لحاملي شهادات الإجازة في الفلسفة، الأدب العربي…

وبالإضافة إلى ذلك يضيف المصدر ذاته، فإن ساعات العمل والعطل تؤثر في اختيار هذه المهنة، إذ تسمح الأخيرة بالتوفيق بين الحياة المهنية والحياة الأسرية، وغالبا ما يكون هذا الدافع هو المحفز الأساس الذي يدفع النساء إلى اختيار مهنة التعليم، كما تقول أستاذة ثانوي في مقابلة معها “هذه الوظيفة الأنسب للمرأة في المغرب، أعمل نصف يوم ولدي الوقت الكافي لرعاية أطفالي وعائلتي”.

توجه جديد

ومن ناحية أخرى تكشف نتائج الدراسة التي أعدها المجلس، عن تشكيلة جديدة لمواصفات الأساتذة، ويتعلق الأمر بالتحول إلى مهنة التعليم بعد تجربة مهنية أولى، في مجال آخر، أو بعد فترة من التدريس في القطاع الخاص.

وقد تزايد حجم هذا الاتجاه الجديد مع التوظيفات الجهوية التي قامت بها الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، ويرجع ذلك، بشكل خاص إلى إلغاء أو تمديد الحد الأدنى لسن اجتياز مباريات ولوج مهنة التعليم.

وعبر عدد من الأساتذة الذين تمت مقابلتهم عن تذمرهم أو عدم رضاهم عن تجاربهم المهنية السابقة “بعد حصولي على شهادة الماستر في الهندسة المدنية، عملت مهندسا في قطاع البناء والأشغال العمومية، لكنه كان عملا غير مستقر. كنا نعمل بالمشروع وفي أي وقت إذا توقف المشروع لسبب أو لآخر، يمكن للرئيس أن يسرح الموظفين، في بعض الأحيان عن طريق مكالمة هاتفية بسيطة. جئت إلى التعليم بحثا عن الاستقرار”.

وبالنسبة لآخرين، كان استقرار الشغل هو دافعهم الرئيسي لاختيار هذه المهنة، كما تؤكد ذلك هذه الشهادة “حصلت على الإجازة في القانون الخاص عام 2004، وعملت مكونا في الجمعيات، وفي التربية غير النظامية. كما عملت في التعليم الخاص لمدة 4 سنوات، وفي عام 2018 شاركت في المباراة… اخترت هذه الوظيفة للحصول على راتب، منذ 2004 لم أحصل عليه بل على تعويضات زهيدة..”.

تجارب خارجية

تولي الأنظمة التربوية الأفضل أداء اهتماما كبيرا لجاذبية مهنة التعليم، وتشترط أن يأتي اختيار هذه المهنة على راس الخيارات المهنية الأخرى.

وتبين دراسة حديثة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن 90 بالمئة بالأساتذة في بلدان هذه المنظمة، يرون أن إمكانية التأثير في نمو الأطفال، والمساهمة في المجتمع، هي التي دفعتهم إلى اختيار المهنة، أما العوامل المتعلقة بالخصائص الاقتصادية وظروف عملها فهي لم ترد سوى قليلا في تصريحاتهم، وفي حالة المغرب، ترجع أهمية دور العوامل الخارجية التي أشرنا إليها في مطلع المقال، إلى حاجة الشباب إلى إيجاد وظيفة في سوق لا تقدم الشغل لكل من يبحث عنه.

وبلغة الأرقام فإن 8,8 بالمئة من الآباء الذين لديهم طفل يتراوح عمره بين 3 و22 سنة، يتمنون اختيار أبنائهم لمهنة التدريس، مقابل 28,2 بالمئة و26,2 من الآباء الذين يفضلون على التوالي وظائف القطاع العام، والوظائف الحرة لأولادهم.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن 23,9 بالمئة من الآباء يختارون التعليم مهنة لبناتهم في الدرجة الثانية بعد الوظائف الحرة (35%)، وفي بلدان أخرى مثل الصين والهند، وماليزيا… يشجع أكثر من 50 بالمئة من الآباء أطفالهم على أن يصبحوا معلمين.

انتقل إلى أعلى