يقرأ حاليا
تحقيق: بالتفاصيل والأرقام.. صفقات خيالية وفساد ينخر مؤسسة “بريد المغرب” (1)
FR

تحقيق: بالتفاصيل والأرقام.. صفقات خيالية وفساد ينخر مؤسسة “بريد المغرب” (1)

كشف تقرير اللجنة الاستطلاعية البرلمانية حول بريد المغرب، بالأرقام، الزبونية و”فساد التدبير الذي تعيشه هذه المؤسسة الحيوية، إذ فضح  التلاعب بالصفقات داخل بريد المغرب. غياب الحكامة الجيدة قاد المؤسسة لانخفاض متواصل في أرقام معاملاتها وأدخلها في نفق العجز. وفي هذا التحقيق (الجزء الأول) نُقدم لكم على “نقاش21” تفاصيل أرقام هاته الصفقات.

 

وللكشف عن  الدرجة التي وصلها الفساد  في نخر جسم مؤسسة البريد، سلط التقرير المذكور الضوء، عن الصفقات التي أجرتها المؤسسة وشابتها خروقات بالجملة في تبديد المال العام، بحيث تم منح بعضها جملة لشركة واحدة دون طرحها للتنافس مع  شركات أخرى.”

وفي ظل هذه الصفقات، هناك غياب تام للاهتمام بالرأسمال البشري في سياسة تدبير المؤسسة من طرف الإدارة المكلفة بالمؤسسة، إذ أكد أمين حلي الكاتب الوطني للنقابة الوطنية المستقلة للبريد، أن المعطيات تبين بالواضح الفاضح أن آخر شيء يتم التفكير فيه من طرف الإدارة هو الاستثمار في الرأسمال البشري، في حين نجد صفقات مشبوهة، بحيث  تم صرف في ظرف سنتين فقط ما يناهز 47 مليون درهم. 

سيارات كهربائية

 كشفت مصادر لـ”نقاش 21″، أن “بريد المغرب باستئجار  225 سيارة  بمبلغ سنوي، على المدى الطويل حدد في  6.500.0004 درهم (ميزانية التسيير). وتشمل القيمة الشهرية لعرض الكراء طويل الأمد، تكاليف التأمين، الضرائب، الصيانة الإجمالية للمركبة من حيث الإطارات (8 إطارات احتياطية)، جهاز المحرك الكهربائي، توفير سيارة بديلة في حالة الأعطال أو الحوادث، وخدمات المساعدة على مدار 24 ساعة و7 أيام في الأسبوع”.

واثر هذه الصفقة، أبرزت مصادرنا أن “بريد المغرب لم يقم  بإطلاق عملية تجريبية، لاقتناء أو استئجار هذا النوع من المركبات، لتجربة استعمالها ووقعها على جودة الخدمات، التي يقوم بها بريد المغرب ودراسة تفاعل السعاة والمستخدمين، مع هذا النوع من السيارات”.

كما كشف المتحدث ذاته أن “اللجنة الاستطلاعية، المكلفة بإعداد التقرير حول البريد، لم تتمكن من الوقوف على محددات سعر الاستئجار، الذي استقر عليه ثمن الصفقة، حيث  لم تتسلم من بريد المغرب الوثائق المتعلقة بالصفقة المعنية، إضافة إلى أن  بريد المغرب  لم يعط أي إفادة حول الشركة المغربية التي استأجر منها هذه المركبات واكتفى بذكر اسم الشركة الفرنسية المصنعة، فضلا عن عدم اطلاع المهمة الاستطلاعية على الأساس الذي اعتمده المجلس الإداري لبريد المغرب، للترخيص للمؤسسة باستئجار 225 سيارة كهربائية.

المعقمات والشركة المحظوظة

 وتستمر شبهات الصفقات تحوم حول إدارة المؤسسة، إذ كشفت مصادر “عن شبهات تحوم حول تدبير بريد المغرب، لصفقات التعقيم واقتناء المواد الخاصة بمواجهة جائحة كورونا، حيث كشفت اللجنة عن إسناد المؤسسة لكل هذه الصفقات لشركة محظوظة نالت ما قيمته 38 مليون درهم، من الصفقات”.

 بخصوص هذه الشبهات، فإن بريد المغرب لم يكشف (مستندات الصفقات أو سندات الطلب)، حيث قام بإسناد كل صفقاته وسندات الطلب المتعلقة بخدمات التعقيم لشركة  محظوظة تحمل اسم” traitement +a “، حيث جاء في وثيقة بريد المغرب: “إسناد اثنين من سندات الطلب لشركة bc f-12-2020) traitement  a+يقدر ب 248000 درهم و 2020- .13 -bc f يقدر ب 276000 درهم) ، بقيمة إجمالية تبلغ 524.400.00 درهم. إسناد صفقة متفاوض حولها 1720 /2020- f لفائدة شركة a + traitement “.

 وبخصوص هذه الصفقة المتفاوض عليها، توضح مصادر خاصة، أن “بريد المغرب استند في الوثيقة التي أمد بها المهمة الاستطلاعية، إلى المادة 85 من قانون المشتريات الخاص ببريد المغرب،  وبالرجوع إلى هذه المادة 85 من قانون المشتريات المنشور ببوابة بريد المغرب، فإنها لا تشير إلى دواعي اللجوء لصفقة متفاوض عليها. حيث جاء فيها: “تهدف هذه الخدمات على وجه الخصوص إلى مواجهة النقص أو وقوع حدث كارثي مثل الزلازل والفيضانات وموجات المد والجفاف والأوبئة والجوائح والأمراض النباتية المدمرة وغزو الجراد والحرائق والمباني أو الأشغال التي تهدد بالخراب أو حدث يهدد صحة المستهلك أو التراث الحيواني أو الطبيعي”. وبالتالي، تسجل المهمة الاستطلاعية بأنه لا وجود لهذا المحتوى، في هذه المادة 85 من القانون الخاص المتعلق ببريد المغرب.

  وبحسب محضر نتائج لجنة الصفقات المنشور في بوابة بريد المغرب، والموقع بتاريخ 4 يناير 2021، فقد تم إسناد هذه الصفقة لطلب العروض مرة أخرى، لنفس الشركة a + traitement وبقيمة إجمالية 13,9 مليون درهم، وهو ما دفع اللجنة الاستطلاعية الى تسجيل الملاحظات التالية:

تم الإعلان على طلب العروض بقيمة 26,8 مليون درهم وإسناد الصفقة ب 13,9 مليون درهم لشركة بينما العرض الثاني لشركة “hyatt négoce” فقد قدمت عرضا بقيمة 24,4 مليون درهم.

الإعلان على طلب العروض بقيمة 26.8 مليون درهم وإسناد الصفقة ب 13.9 مليون درهم لشركة “a+traitement” بينما العرض الثاني لشركة “lyatt négoce” فقد قدمت عرضا بقيمة 24.4 مليون درهم. مما يدفع إلى التساؤل حول هذا الفرق الكبير بين سعر الإعلان عن الصفقة وبين عروض الشركتين المتنافستين:

  1. السعر المتوقع: 26,8 مليون درهم.
  2. السعر الذي على أساسه تم إسناد الصفقة ل  a+traitementهو 13.9 مليون درهم.

3، السعر الثاني والوحيد هو 24,4 مليون درهم لشركة ” négoce  hyatt”

وقد تم فتح الأظرفة يوم الخميس 31 دجنبر 2020، ويوم الجمعة هو يوم عطلة فاتح يناير 2021 وفي يوم الاثنين 4 يناير 2021، تم إسناد الصفقة كما يبين محضر أشغال اللجنة المكلفة، وذلك بعد استيفاء دراسة ملفات العروض على المستوى الإداري والتقني والمالي. وهنا تساءلت اللجنة الاستطلاعية عن مدى إمكانية فتح الاظرفة، ودراسة العروض وإسناد الصفقة في ظرف وجيز جدا، علما أن بريد المغرب يخضع لضرورة احترام مسطرة وآجال دعوات أعضاء اللجنة من الإدارات، ودعوة المقاولات المعنية، طبقا للمساطر إسناد الصفقات.

إقرأ أيضا

وأشار مصدر “نقاش 21″، أن “بريد المغرب قام باقتناء المواد المعقمة خلال سنة 2020، بقيمة إجمالية تقدر بـ38 مليون درهم وكلها ممنوحة لنفس الشركة a + traitement”.

تأزم الشغيلة 

وسجّل المتحدث ذاته، أن “الوضعية الاجتماعية للشغيلة تأزمت منذ الشروع في تطبيق الهيكلة الجديدة في نونبر 2020، التي عملت على تجميع الاختصاصات وتقوية مراكز ونفوذ المدراء في الهرم التنظيمي للمجموعة ودخول النظام الأساسي الجديد حيز التطبيق، وتكتم من طرف القائمين على إعداده وعلى تنزيل آلياته ومقتضياته، وتواتر أخبار تفيد بوجود أجور عليا وتعويضات ومنح كبيرة لفائدة المتعاقدين، مما خلق إحساسا بالحيف وعدم الإنصاف. وكان المجلس الأعلى للحسابات قد وقف على الفوارق في الأجور بين المتعاقدين والمستخدمين البريديين وعلى غياب مساطر في توظيف المتعاقدين”.

وفي هذا السياق، قال أمين حلي الكاتب الوطني للنقابة الوطنية المستقلة للبريد، إن “ما نعيشه اليوم من وضعية احتقان وسخط عارم كشغيلة بريدية ما هو إلا نتيجة حتمية لسياسات واستراتيجيات فاشلة، فاشلة لأنها لم تأخذ بعين الاعتبار العامل رقم واحد في معادلة أي تطوير أو تنمية أو تصور مستقبلي، ألا وهو العنصر البشري.

وأكد حلي أن “المعطيات التي تبين بالواضح الفاضح أن آخر شيء يتم التفكير فيه من طرف الإدارة هو الاستثمار في الرأسمال البشري، بحيث نجد أنه في ظرف سنتين فقط أي السنة الماضية وهاته السنة كلفت أو ستكلف خزينة المؤسسة ثلاث صفقات فقط (السيارات الكهربائية + صفقة المعقمات + الدراجات الكهربائية ) ما يناهز 47 مليون درهم (الثالثة في الأيام القادمة)

وأوضح المتحدث ذاته، أن “هذا الرقم باحتساب سنة واحدة فقط من تكلفة صفقة الكراء الطويل الأمد للسيارات الكهربائية -تكلفة سنوية تقدر ب 5,3 مليون درهم و هي جاثمة بمكانها- ، الصفقة التي كانت تحت إشراف الوزارة الوصية والتي إلى حدود كتابة هاته الأسطر لازال اسم الشركة التي رست عليها مجهولا، أما فيما يخص الصفقة الحدث، أي تلك الخاصة بالمعقمات “الكوفيدية”، والتي ناهزت 24 مليون درهم، مشيرا إلى أن “الشركة المحظوظة ليست سوى شركة م.م يوجد مقرها الاجتماعي بإحدى الفيلات بحي الرياض و لا يتعدى رأس مالها 100000 درهم”.

وختم المتحدث ذاته، “هذا في انتظار موعد فتح أظرفة صفقة الدراجات الكهربائية لنعرف الكلفة الإجمالية والشركة الفائزة بها”.

انتقل إلى أعلى