يقرأ حاليا
قصة.. أمازيغ المملكة حاربوا الاستعمار إلى جانب السلاطين
FR

قصة.. أمازيغ المملكة حاربوا الاستعمار إلى جانب السلاطين

احتفل أمازيغ المملكة إلى جانب كل “إيمازيغن” في ربوع المعمور باليوم العالمي للعلم الأمازيغي، يوم 30 غشت الماضي، مستحضرين “تاريخ المغرب الذي خاضوا فيه إلى جانب سلاطين المملكة حروباً ضروس  ضد المستعمر”.

 

ويعد هذا العلم الأمازيغي في يومه العالمي، فرصة للكثيرين بالمغرب للتقرب أكثر منه ومن حمولته الثقافية والهوياتية والتاريخية العريقة. هو يوم غير معترف به رسميا ودوليا، ويرجع إقراره في هذا الموعد، ضمن الاحتفالات العالمية المعروفة حول الرايات الهوياتية، يوم 30 غشت 1997، حين تبنى  العالمي الأمازيغي بالإجماع العلم الأمازيغي هذه اللوحة الجمالية رمزا هوياتيا.

أمازيغ  المملكة حاربوا الاستعمار 

سعيد فرواح، الباحث في الثقافة الأمازيغية، أكد أن  “اسم الأمازيغ في المغرب، ارتبط  بالمقاومة المسلحة ضد الاستعمارين الفرنسي والإسباني.”

وأشار فرواح، أن “ايمازيغن” “خاضوا في سبيل الدفاع عن الوطن معارك عسكرية ضد الاستعمار،  في إطار المقاومة المسلحة وجيش التحرير خلدها التاريخ بل صارت  استراتيجياتهم العسكرية، تدرس وتستلهم من طرف ثوار عالميون كـ”تشي غيفارا” الذي نقل من عبد الكريم الخطابي أسلوب حرب العصابات، وقد كانت في المناطق الأمازيغية، سواء الريف أو سوس أو الجنوب الشرقي أو الصحراء المغربية، أول وآخر معاقل المقاومة ضد الاستعمار وفي سبيل الدفاع عن الوطن كل الوطن”.

 العلم الأمازيغي 

العلم الأمازيغي بألوانه الثلاثة المعروفة، الأزرق والأخضر ثم الأصفر يتوسطها الأحمر قد تجده في التظاهرات الاحتفالية كالمهرجانات، والندوات، والاحتجاجات، كما هو موجود في العديد من التظاهرات الرياضية خصوصا مباريات كرة القدم للمنتخب الوطني، وفريق حسنية أكادير”.

وبالرجوع إلى ألوان هذا العلم الأمازيغي سنجدها ذات إيحاءات و معاني رمزية نقية، فالأزرق للبحر و المحيط و لسكان الساحل، والأخضر للطبيعة، والجبال الخضراء ويمثل سكان السهول و الجبال، أما الأصفر فهو للأرض والصحراء.

ويتوسط هذه الألوان حرف “الزاي” الأمازيغي، الذي  يرمز للإنسان الحر، وكتب هذا الحرف باللون الأحمر، والذي  يرمز إلى لون التضحيات، والنضال من أجل الوطن.

وبذلك، يجمع العلَمُ الأمازيغيُّ ثلاثية: الإنسان والأرض واللغة ،التي تدل على شارة الأصابع الثلاثةِ التي يرفعها الأمازيغ في تظاهراتهم ونضالاتهم.

وفي هذا السياق، اعتبر لحسن اوسي موح  الصحفي والناشط الامازيغي، أن “رفع الرايات الهوياتية، لا يتنافى مع الهوية الوطنية وراياتها، كما يعتقد الكثيرون، فحمل راية فريق برشلونة، مثلا، ليس معناه أنك انفصالي، وتؤيد “البارصا” ضد الوطن، وإنما يحدد هويتك الرياضية فقط”.

ومن جانبه، أكد أحمد عصيد رئيس المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات، أن “العلم الأمازيغي ليس علما سياسيا وليس علم دولة، إنه علم ثقافي هواياتي عالمي يرمز لوجود الأمازيغ واعتزازهم بانتمائهم لأرض شمال إفريقيا،  ولهذا يتواجد هذا العلم في كل بلدان المعمور حيث يتواجد مواطنون أمازيغ ينتمون لجنسيات ودول مختلفة لكنهم يحافظون بوعي على الشعور بالانتماء لهذه الهوية العريقة التي تحمل قيم الحرية والمساواة والجمال والنسبية واحترام الاختلاف وحب التنوع، وهي القيم التي تجعل هذه الهوية في مواجهة كل الهويات القاتلة التي تعتنق المطلقات وتمارس الإقصاء وتسعى إلى إقامة التوتاليتارية والحجر على الحريات هنا أو هناك”.

أصل الأمازيغ

أطلق على الأمازيغ قديماً تسمية “بربر”، التي يُعتقد بحسب إحدى النظريات أنها مشتقة من كلمة باربادوس وتعني الأغراب باليونانية.

أما الأمازيغ، فيشرحون كلمة أمازيغ بـ “النبيل الحر”، ويطلقون على اسم المغرب تسمية “تمازيغت” أي أرض الأمازيغ.

“وهناك اختلاف حول أصولهم التاريخية، فمن الخبراء من يقول إنهم جاؤوا من اليمن القديم وسافروا إلى إفريقيا عبر البحر، ومنهم من يرى أنهم ربما جاؤوا من أوروبا أو مناطق البحر الأبيض المتوسط القديمة. إلا أن علماء الآثار عثروا على أول إنسان في التاريخ في بعض مناطق أفريقيا، لذلك، يرجح البعض أن الإنسان الأمازيغي لم يهاجر إلى شمال أفريقيا بل كان موجودا هناك منذ البداية،  حسب ما جاء في كتب تاريخية.

والأمر الوحيد المؤكد، هو أن الأمازيغ موجودون في شمال القارة الأفريقية قبل أي شعب آخر بحسب كتب التاريخ.

متى يُحتفل الأمازيغ برأس السنة؟

يمثل 12 يناير بداية الاحتفالات في المغرب، وتتزامن العطلة الرسمية مع مناسبة “تابورث أسيغاس” في اليوم ذاته. في حين تبدأ بعض المجموعات الأمازيغية بالمغرب وأماكن أخرى احتفالاتها يوم غد.

ويبدأ التقويم الزراعي للأمازيغ يوم 13 يناير، وهو مستوحى من التقويم اليولياني (وهو تقويم فرضه يوليوس قيصر سنة 46 ق. م، ودخل حيّز التنفيذ سنة 45 ق. م، في محاولة لمحاكاة السنة الشمسية ويتكون من 365.25 يوماً مقسمة على 12 شهراً) وكان سائدا شمال أفريقيا خلال فترة الهيمنة الرومانية.

ويوافق “يناير” بداية ما يعرف باسم “الليالي السود” التي تدوم 20 يوما، وهي من الفترات التي تسجل انخفاضا قياسيا في درجات الحرارة.

الأمازيغ والسياسية

يتزعم “أبناء المناطق الأمازيغية، مجموعة من الأحزاب السياسية الكبرى في المغرب، وأمثلة على ذلك، عزيز أخنوش الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار، وسعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب الـ”بيجيدي”.

 وفي هذا السياق، اعتبر فرواح أن “الأمازيغ  خاضوا غمار السياسة، وولجوا إلى مؤسسات الدولة وظلوا دوما قوة تحافظ على استقرار، وتماسك البلاد وتدافع عن الوطن سياسيا وثقافيا، كما كان الحال عليه عسكريا أثناء فترة مقاومة الاستعمار ولكن الثقل الأكبر للأمازيغ يظل في المجتمع المدني، والمناضلين المستقلين الذين يتقاسمون نفس الخطاب المعتدل المؤمن بالوحدة الوطنية والمساواة بين المواطنين واحترام التعددية الثقافية والسياسية وغيرهما” يقول فرواح.

“ولعل أول محاولة حقيقية لتأسيس حزب أمازيغي كانت مع أحمد الدغرني، الذي أسس سنة 2005 الحزب الديمقراطي الأمازيغي، والذي قامت الدولة بحله وحظره لاحقا بعد تغيير قانون الأحزاب عقب تأسيسه وبذلك أغلق الطريق أمام المناضلين المتشبعين بخطاب الحركة الأمازيغية، لتأسيس حزب أمازيغي ولاحقا جاءت مبادرات أخرى لكنها ظلت محدودة وفشلت لأسباب ذاتية بالدرجة الأولى”، يقول فرواح.

وعقب الربيع الديمقراطي اختارت مجموعة من مناضلات ومناضلي الحركة الأمازيغية خوض غمار التجربة السياسية من خلال أحزاب أخرى وضمنهم من وصل لمواقع المسؤولية خاصة بالجماعات والجهات وحافظ على صورته النظيفة أمام الرأي العام الأمازيغي.

في الانتخابات الحالية عادت مجموعة من المناضلات والمناضلين الذين خاضوا سابقا التجربة السياسية بنجاح ليترشحوا في الانتخابات، خاصة بسوس وآيت باعمران التي يخوض فيها بعضهم هذه التجربة لأول مرة وهؤلاء يتمتعون بصورة نظيفة.

اهتمام ملكي بالأمازيغية

في أخر خطاب للملك محمد السادس، بمناسبة الذكرى الثامنة والستين لثورة الملك والشعب،  أكد الملك أن “المغرب مستهدف، لأنه دولة عريقة ، تمتد لأكثر من إثني عشر قرنا، فضلا عن تاريخها الأمازيغي الطويل؛ وتتولى أمورها ملكية مواطنة، منذ أزيد من أربعة قرون ، في ارتباط قوي بين العرش والشعب”.

وفي  الظهير المنظم للمعهد الملكي الأمازيغي، والذي صدر يوم 17 أكتوبر 2001،  قال الملك: “لأن الأمازيغية مُكوّن أساسي للثقافة الوطنية، وتراث ثقافي زاخر، شاهد على حضورها في كلّ معالم التاريخ والحضارة المغربية؛ فإننا نولي النهوض بها عناية خاصة في إنجاز مشروعنا المجتمعي الديمقراطي الحداثي، القائم على تأكيد الاعتبار للشخصية الوطنية ورموزها اللغوية والثقافية والحضارية”.

وأضاف الملك في الظهير: إن “النهوض بالأمازيغية مسؤولية وطنية، لأنه لا يمكن لأي ثقافة وطنية التنكر لجذورها التاريخية. كما أنّ عليها، انطلاقا من تلك الجذور، أن تنفتح وترفض الانغلاق، من أجل تحقيق التطور الذي هو شرط بقاء وازدهار أيّ حضارة”.

“وفي هذا السياق، فإن قيام المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالمهام المنوطة به في الحفاظ على الأمازيغية والنهوض بها وتعزيز مكانتها في المجال التربوي والاجتماعي والثقافي والإعلامي الوطني، من شأنه أن يعطيها دفعة جديدة كتراث وطني يعد مبعث اعتزاز لكل المغاربة” حسب ما جاء في الظهير.

ترسيم اللغة الأمازيغية في المغرب

صادق البرلمان المغربي بمجلسيه، في سنة 2019،  بالإجماع على  قانون يفعل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، بعد ثماني سنوات على اعتمادها، لغة رسمية في المملكة إلى جانب العربية في الدستور.

ويحدد القانون مراحل تفعيل اللغة الأمازيغية، وكيفية استعمالها في إدماجها في التعليم والإدارة ومجالات الحياة العامة ذات الأولوية، ويلزم الدولة بالعمل على حمايتها وتنميتها باعتبارها رصيدا مشتركا لكافة المغاربة.

وأقر القانون كتابة اللغة الأمازيغية بحرف “تيفيناغ”، الذي يتصدر واجهات العديد من المؤسسات العمومية إلى جانب العربية والفرنسية، منذ اعتماده سنة 2003 بعد جدل محتدم، قبل إقرار الأمازيغية لغة رسمية.

ولم يتأت هذا الاعتراف إلا سنة 2011 بمناسبة تعديل الدستور في سياق احتجاجات “حركة 20 فبراير”، وبعدما ناضلت الحركة الأمازيغية طويلا من أجل تحقيق هذا المطلب.

وفي هذا السياق، اعتبر عبد الرحيم أمدجار الناشط الأمازيغي، أن الثقافة الأمازيغية ببلدنا المغرب مكون متجذر، وأساسي منذ وجد الإنسان الأمازيغي على أرض الشمال الإفريقي عموما”.

الثقافة الأمازيغية في المغرب

قال عبد الرحيم أمدجار الكاتب الامازيغي: “عند الحديث عن الثقافة الأمازيغية بالمغرب، فإننا لا نتحدث عن مجرد ثقافة أو عادات وتقاليد ومظاهر فلكلورية. بل إن الثقافة تشمل أكثر من ذلك لتسع المنظومة القيمية والأخلاقية للشعب الامازيغي ناطقين أو غير ناطقين. إنها تشمل نظرة الأمازيغ للعالم وللكون والحياة عموماً”.

أما فيما يخص وضع الثقافة الأمازيغية في المغرب، فقد دخلت الأمازيغية الخطاب الرسمي للدولة وأصبحت مطروحة بقوة داخل مؤسساتها”، قبل أن يستدرك أمدجار قائلا “لكنها مازالت بحاجة إلى إرادة سياسية رسمية صادقة، من أجل تحسين وضعيتها وتنزيل مضامين دستور 2011”.

دور طلائعي للأمازيغية

اعتبر الكاتب الأمازيغي عصيد، أن “الأمازيغية هوية ولغة وثقافة مرشحة لأن تلعب دورا طلائعيا في حماية البلدان المغاربية من الإيديولوجيات العنيفة والهدامة، وخاصة الإيديولوجيات القومية والدينية،  وفي تأطير المواطنين وإكسابهم وعيا بانتمائهم الحضاري العريق والمتعدد، ولكن لكي تتمكن الأمازيغية من لعب هذا الدور لابد من تعميمها في التعليم والإعلام ومختلف مرافق الدولة وتفعيل طابعها الرسمي في المغرب والجزائر والعمل على الاعتراف بها في دساتير بقية الدول المغاربية.

أما الأستاذ أمدجار، فقد أكد أنه “من الطبيعي أن نجد قضية الثقافة الأمازيغية حاضرة في محطات متعددة من التاريخ المغربي المعاصر، وخصوصا في الخطابات الملكية الرسمية، لأن الأمازيغية بكل بساطة تعتبر ميزة فريدة تخص الشعب المغربي، وتَسكن وجدانه”.

الامازيغ
انتقل إلى أعلى