يقرأ حاليا
الجامعي لـ”نقاش21″: السياسة الجنائية سبب معضلات سجون المغرب
FR

الجامعي لـ”نقاش21″: السياسة الجنائية سبب معضلات سجون المغرب

المطالبة بسن عقوبات بديلة، وتفعيل الحكامة داخل المؤسسات السجنية، وأنسنة ظروف إيواء السجناء، كلها ملفات بالإضافة إلى أخرى، ينتظر الحقوقيون تفعيلها وتدخل المؤسسات المعنية لترى النور بشكل يتناسب والتزامات المغرب الوطنية والدولية.

سياسة جناية فاشلة

يعتبر الاكتظاظ داخل السجون، واحدا من أهم الإشكاليات التي لم ينجح المغرب بعد في حلها، رغم دعوات متكررة لحقوقيين من أجل معالجة هذا الإشكال، حتى أن عددا من الهيئات قدمت مقترحات بديلة لم ترى النور، على أرض الواقع.

يرى النقيب والحقوقي عبد الرحيم الجامعي، أن “الاعتقال الاحتياطي والاكتظاظ داخل السجون إشكاليتان مرتبطتان بأمرين أساسيين، أولهما مضمون السياسة الجنائية الذي لم يحقق التقدم المطلوب، ثم عدم العمل على تنسيب السياسة الجنائية، موضحا أنه لو “كانت هناك سياسة جنائية بمضمون حقوقي، ثقافي وعقلاني، لما أعطت الانطباع على أنها سياسة تعتمد على المقاربة القاسية للعقاب”.

وانتقد المتحدث في تصريح هاتفي لـ”نقاش 21″، ربط محاربة الجريمة، بوسيلة وحيدة وهي قسوة العقاب، وبالتالي رفع عدد المعتقلين، سواء الاحتياطيين أو المحكومين بعقوبات ثم رفع عدد العقوبات طويلة الأمد.

وبحسب المتحدث ذاته فقد ارتفع عدد المعتقلين الاحتياطيين إلى 42 بالمئة، من مجموع الساكنة السجنية الذي يقدر عددها بأزيد من 80 ألف سجين، أي أن ما يقارب نصف السجناء “احتياطيون”.

وطالب الحقوقي بتنسيب السياسة الجنائية، بدل السياسة المعتمدة على توسيع الاعتقال الاحتياطي، والحراسة النظرية، محملا مسؤولية ذلك للنيابة العامة، وقضاة التحقيق، فهي الجهة صاحبة اليد الطولى في مجال الأمر بالإيداع في السجون، وإحالة الملفات على قاضي التحقيق.

بالنسبة للجامعي فإن الأمر يجب أن يعالج بحلول جذرية، وذلك برفع العقوبة الحبسية على عدد من المخالفات والجنح، وكذا تخفيض مدة الاعتقال الاحتياطي، بدل تجميد الملفات سنة كاملة بدون النظر فيها، مبرزا أن مدة شهرين كافية للبث في الملفات، وإلا يجب إخضاع القاضي للمحاسبة.

كما دعا في نفس السياق إلى التخلي عن الاعتقال الاحتياطي حينما تكون هناك ضمانات واضحة، وتحديد هذه الضمانات بدقة وترقيمها، بالإضافة إلى تأدية تعويضات عن الاعتقال التعسفي الذي ينتهي بالحكم بالبراءة، مؤكدا على ضرورة تكليف لجنة مستقلة تحت إشراف المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مبرزا أنه حينما سيتم الإقرار بالتعويض عن الاعتقال الاحتياطي فلن تظل هناك سياسة جنائية تعتمد عليه.

جدير بالذكر أن عددا من الدول المتقدمة تعتمد العقوبات البديلة، كالسوار الإلكتروني، بمنع المتهم من التجول خارج نطاق جغرافي معين، وكذا الغرامة المالية، والمنفعة العامة.

التامك وتوسيع الوعاء العقاري

لا حل أمام المندوبية وفق الاختصاصات الممنوحة لها سوى توسيع الوعاء العقاري للسجون، وبناء سجون جديدة، هذا هو الجواب الذي قد يرد به أي مسؤول بالمندوبية على هذه الإشكاليات، فالمسؤولية الأولى يتحملها القضاء، بما فيه القضاء الواقف والقضاء الجالس، وقضاء التحقيق. أما مندوبية التامك فلن تقوم سوى بصرف ملايين الدراهم من المال العام في بناء السجون.

ووفق تقرير للمندوبية توصلت “نقاش21″ بنسخة منه، فإن المندوبية العامة تسعى إلى تحسين ظروف إيواء المعتقلين ومعالجة ظاهرة الاكتظاظ وفق الإمكانيات المتاحة لديها، وذلك في إطار التزامها بالمعايير المنصوص عليها في المواثيق الوطنية والدولية في ما يتعلق بإيواء السجناء.

إقرأ أيضا

وفي هذا السياق شهدت، سنة 2020 افتتاح 3 سجون محلية بكل من مدينة بركان والعرائش ووجدة بطاقة استيعابية إجمالية تقدر ب 4400 سريرا، مقابل إغلاق السجنين القديمين ببركان ووجدة والسجن المحلي بالقصر الكبير.

وتواصلت خلال نفس السنة، بحسب المصدر ذاته، أشغال بناء مؤسستين سجنيتين بكل من أصيلة والجديدة بطاقة استيعابية إجمالية تقدر ب3000 سرير، وإطلاق أشغال بناء مؤسستين سجنيتين بكل من الداخلة والعيون بطاقة تقدر ب 3000 سرير.

أما فيما يتعلق بمشاريع الإصلاح والتوسعة، فقد تم الانتهاء من أشغال توسعة السجن المحلي سلا، كما بلغت أشغال تهيئة وتوسعة المركب السجني بعين السبع مراحلها النهائية.

وقد مكنت هذه الإجراءات وغيرها، من تحسين الطاقة الإجمالية للإيواء، لتبلغ 169.399 متر مربع، سنة 2020 مقابل 160.413م سنة 2019، وبذلك انتقلت المساحة المخصصة لكل سجين من 1,85 إلى 2م وانخفظت نسبة الاكتظاظ من 38 بالمئة، إلى 33 ما بين السنتين المذكورتين.

وبحسب الوثيقة ذاتها فإن هذا التقدم في مساحة الإيواء، رافقه تحسن ملموس على مستوى المعايير الأخرى المتعلقة بالتهوية والإنارة وتجهيزات الغرف من حيث الأسرة والأفرشة والأغطية وأجهزة التلفاز، فضلا عن المرافق المخصصة للأمهات المرفقات بأطفالهن والتي أصبحت مرفقا أساسيا في جل المؤسسات السجنية الحديثة أو التي في طور البناء.

انتقل إلى أعلى