يقرأ حاليا
جدل بخصوص فرض جواز التلقيح.. هل حكومة أخنوش قادرة على امتصاص الغضب الشعبي؟
FR

جدل بخصوص فرض جواز التلقيح.. هل حكومة أخنوش قادرة على امتصاص الغضب الشعبي؟

“نطالب بإسقاط جواز التلقيح”، “جسدي حُريتي”، “هذا عيب هذا عار الحُقوق في خطر”. بمثل هذه الشعارات ارتفعت أصوات مئات المُتظاهرين من المواطنين المغاربة، في جُل المُدن من قبيل العاصمة الرباط والدار البيضاء والجديدة وأكادير وطنجة وغيرها، احتجاجا على فرض الجواز الصحي الخاص باللقاح المُضاد لفيروس كورونا، وذلك كشرط أساسي للتنقل والسفر وكذا وُلوج الأماكن العامة.

وبعد انطلاق الوقفة الاحتجاجية بقليل، بمدينة الرباط، يوم أمس الأحد 31 أكتوبر 2021، قام رجال الأمن الذين أحاطوا بالمكان في ظل إجراءات مُشددة، بتفريقها، لعدم حصولها على ترخيص.

وتداول عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع صور وفيديوهات لمظاهرات واحتجاجات مُتفرقة في جل المدن المغربية، واصفين جواز التلقيح بالقيد الذي سيُكبل حرياتهم الشخصية، وسيُعيق تنقلاتهم وعيش الحياة بطبيعية؛ كما نشرت عددا من الهيئات الحقوقية والسياسية منشورات اعتبرت فيها القرار يتعارض مع مبادئ الدستور المغربي.

ويرى حسن بلوان، باحث في القانون وعلم الاجتماع السياسي، أن “الحكومة الجديدة التي استقبلها المغاربة بارتياح كبير، عبر التصويت بكثافة على برنامجها الانتخابي، أتت بوعود كثيرة، لكن هذه الحفاوة والصورة الإيجابية والوردية، سُرعان ما بدأت تتبخر إثر مجموعة من القرارات المُفاجئة والمُرتبكة، انطلاقا من إعفاء الوزيرة الرميلي وتثبيت سلفها آيت الطالب على رأس وزارة الصحة، ثم قرار فرض جواز التلقيح لولوج المؤسسات العمومية وشبه العمومية والخاصة والاستفادة من مرافقها”.

وزاد بلوان، في حديثه لـ”نقاش 21″ أنه “مهما كانت المبررات التي ساقتها الحكومة الجديدة في هذا القرار منطقية وقانونية بغية تحقيق المناعة الجماعية، إلا أن الطريقة التي تم بها اتخاذ القرار، والصرامة في تطبيقه، خلَّف موجة من التذمر لدى شريحة واسعة من المغاربة، وهو ما نتج عنه مظاهرات ووقفات احتجاجية حاشدة في مجموعة من المدن المغربية شمالا ووسطا وجنوبا وشرق”.

“بغض النظر عن مطالب المحتجين الذين رفعوا شعارات منددة بقرار فرض جواز التلقيح، إلا أن كرة الرفض قد تتسع لتشمل توجهات وقرارات حكومية أخرى، خاصة في ظل موجة غلاء تعرفها مجموعة من المواد الأساسية كحصيلة ثقيلة موروثة عن الحكومات السابقة” يضيف المُتحدث ذاته.

رفض قاطع لإقرار العمل بجواز التلقيح.. واستفسارات بالجُملة

أصبح جواز التلقيح، وثيقة إلزامية في المغرب لدخول الأماكن العامة والمطاعم والسفر الجوي المحلي والدولي، منذ يوم 21 أكتوبر المُنصرم؛ وفي المُقابل وقع أكثر من 30 ألفا من الحقوقيين والسياسيين عريضة إلكترونية تُطالب بإلغاء هذا القرار.

وتساءلت سيدة ثلاثينية، من مدينة الرباط، قدمت نفسها باسم نزهة “لماذا لم تُنشر مُكونات هذا اللقاح؟ ألهذه الدرجة تهتم الدولة بصحة المواطنين عبر قيد حُرياتهم لإلزامهم على التلقيح؟” مشيرة “أنا ضد التلقيح، لأنه في الأصل حُريتي، وضد تلقيح أبنائي، غير أنه للأسف تم منعهم من ولوج الجامعة؛ أريد أن توضح الأمور، أطالب بالفهم فقط، وبعدها لي حُرية القرار”.

على غرار نزهة، مُواطنون كُثر حضورا الاحتجاج بقلب مدينة الرباط، للتعبير عن رفضهم القاطع لإقرار العمل بجواز التلقيح، من قبيل اسماعيل، شاب في مُقتبل العمر “أنا حصلت على جُرعتين، وحاصل الآن على جواز التلقيح الذي أدري أنه بعد ستة أشهر سيُسبر غير ساري المفعول، لكنني أرفض الحصول على جُرعة ثالثة” مؤكدا “مذ لحظة حصولي على الجرعة الثانية وصحتي أشعر أنها في تدهور”.

وتم لغاية الآن، تلقيح أكثر من 23 مليونا بالجرعة الأولى، وأكثر من 21 مليونا بالجرعة الثانية من سكان المملكة، البالغ عددهم 36 ملون نسمة، فيما يستهدف المغرب تطعيم 80 في المائة منهم.

وفي السياق نفسه، قال مصطفى ناجي الخبير في علم الفيروسات بكلية الطب بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، إنه “من الناحية العلمية لا سبيل للقضاء على الفيروس إلا بالتلقيح، إذ أن هناك أشخاص يحملون الفيروس يضرون أنفسهم ويضرون الآخرين”.

“الغاية هي الوصول إلى المناعة الجماعية بأن نصل إلى 80 في المئة من الملقحين، ومنذ أسابيع نقف عند 60 في المئة وإذا استمر الوضع كذلك سنفقد حتى مناعة 60 في المئة” يضيف الخبير في علم الفيروسات.

إقرأ أيضا

المشهد السياسي وجواز التلقيح

وبالرجوع إلى نقطة الاحتجاجات التي وُصفت بـ”العارمة” في جُل المدن المغربية، يعتبر حسن بلوان أنها “تأتي في سياق خاص مطبوع بحالة الطوارئ بعد سنتين من معاناة أغلب المغاربة من مخلفات جائحة كورونا التي تعتبر أولوية من أولويات الحكومة”.

أشار الباحث في علم الاجتماع السياسي إلى أنه “في المُجمل يمكن النظر لهذه الاحتجاجات والتحركات الاجتماعية ضد قرار الحكومة بفرض جواز التلقيح انطلاقا من كونها أول احتجاجات واسعة النطاق تشهدها الحكومة الجديدة، مما يستدعي من هذه الأخيرة الوقوف عند مسبباتها ونتائجها على الزمن الحكومي؛ وإن تنزيل القرارات وتدرجها في التطبيق آلية مهمة لكل حكومة جديدة ورثت حصيلة اجتماعية صعبة ناتجة عن ظروف كوفيد19”.

“يجب البحث عن طرق وخيارات أخرى لترغيب غير الملقحين، كخطوة مهمة للتخفيف من الاحتقان الشعبي الذي يتزايد، وقد بدأ بجواز التلقيح، ويمكن في أي لحظة أن يتجه نحو مطالب اجتماعية واقتصادية، خاصة وأن فئات شعبية مهمة تضررت من نتائج الجائحة، كما يجب أن تستثمر الأحزاب المشكلة للحكومة الصورة الإيجابية التي حصدتها قبل وبعد انتخابات الثامن من شتنبر، وإلا تقامر بالإجماع الذي حققته الدولة المغربية فيما يتعلق بإجراءات محاربة كوفيد 19، والذي صنف المغرب ضمن الدول الرائدة في هذا المجال” يسترسل بلوان.

ويختم الباحث في القانون وعلم الاجتماع السياسي، حديثه لـ”نقاش 21″ بالقول “هذه الاحتجاجات يمكن أن تُعيد تشكيل مشهد سياسي جديد تظهر فيها معارضة خارج المؤسسات، وبه ستصبح الحكومة في مواجهة مباشرة مع الشعب، مما سيضرب جميع الوعود المعسولة التي جاءت بها واستقبلها الشارع المغربي بترحيب كبير”.

انتقل إلى أعلى