يقرأ حاليا
الرفيقي: كيف بدأ الإصلاح الديني في الإسلام
FR

الرفيقي: كيف بدأ الإصلاح الديني في الإسلام

بعد أن تحدث محمد عبد الوهاب رفيقي، مفكر وباحث في الدراسات الإسلامية متخصص في قضايا التطرف والإرهاب والإصلاح الديني، في الحلقة السابقة، عن حركات الإصلاح الديني في أوروبا، وسياقاته التاريخية، وكيفية تخلص العالم الغربي من سيطرة الكنيسة والإقلاع نحو بناء مجتمعات متحضرة ومتقدمة؛ يُركز في هذه الحلقة على كيفية وصول فكرة الإصلاح الديني للعالم الإسلامي.

“أصبح مفهوم الإصلاح الديني أو تجديد الخطاب الديني معروفا في العالم الإسلامي، بعد حملة نابليون بونابارت على مصر نهاية القرن 18” هكذا انطلق رفيقي، موضحا أن المسلمون اكتشفوا آنذاك أنهم بعيدون عن ركب الحضارة، وأنهم منذ القرن الثاني عشر وهم خارج التاريخ، بدون أي إبداع أو إنتاج علمي يُذكر.

وأضاف رفيقي، خلال الحلقة الثالثة لبرنامج “مراجعات” الذي خص به “نقاش 21” بالقول إن: “أبرز سؤال احتل الأذهان آنذاك هو لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم، إذ ستنطلق أولى المحاولات مع جمال الدين الأفغاني ومحمد عبدو بداية القرن 19، حيث كانت تجربة الإصلاح البروتستانتي حاضرة لديهم وبقوة”.

“كان محمد عبدو يتصارع مع توجهين، يتعلق الأول بالتوجه العلماني المُطالب باستبعاد الدين عن الحياة، وتوجه تقليدي منغلق يرى في أفكاره انحلال وبُعدٌ عن الدين” يضيف الباحث في الدراسات الإسلامية مردفا أن “محمد عبدو ركز خلال دعوته على التفريق بين الإسلام والمسلمين، من أجل حث المسلمين على اللحاق بركب الحضارة، ومواجهة التحدي الأوروبي والتقدم عسكريا وسياسيا واقتصاديا ومعرفيا، بدون أن تُلصق تُهمة التخلف بالإسلام، وربطها ببنية الإسلام نفسه”.

إلى ذلك، يمضي رفيقي، المعروف إعلاميا بلقب “أبو حفص” مؤكدا أن محمد عبدو حاول تقديم تفسيرات وتأويلات للنصوص متلائمة مع السقف الذي فرضته الحداثة الأوروبية، وذلك من خلال استعمال وسائل تقليدية في التراث الإسلامي؛ غير أنه “فيما بعد ظهرت عدد من الطروحات التي حاولت تحريك البرك الراكدة ومن أشهرها الكتاب الصادر عن علي عبد الرزاق، بعنوان (الإسلام وأصول الحكم)، حيث انتقد فيه فكرة الخلافة ونادى بمدنية الدولة وتحرير القوانين من الدين، الشيء الذي لاقى معارضة كبيرة وأدى إلى اضطهاد صاحبه” يضيف رفيقي.

“فيما بعد ظهرت عدد من المحاولات منها محاولات أركون باستعمال المناهج العلمية الحديثة، ومشروع الجابري في نقد العقل العربي والمسلم، لكن لماذا فشلت كل هذه المحاولات، ولماذا لا زلنا نعيش في ظل التخلف؟” يتساءل رفيقي، مشيرا أن هناك جُملة من الأسباب المُتسببة فيما وصفه بـ”فشل الحركات الإصلاحية في العالم الإسلامي” من قبيل أن الاستعمار مساهم أساسي في ذلك.

“الاحتلال أجج المشاعر القومية والدينية، وخلق مناخا مُعادي لكل ما هو غربي، وتم إعادة الاعتبار لمفاهيم الهوية والدين والاحتماء بالذات، ومن أهم الأسباب كذلك أنه لم يكن لحركات الإصلاح الديني النجاح دون تنوير للعقول والرفع من مستوى الوعي” يضيف رفيقي مردفا أن “حركات الإصلاح الديني في أوروبا تمت بالموازاة مع عصر الأنوار وازدهار الفلاسفة، الشيء الذي افتقدته في العالم الإسلامي، كما أنه لم تجد أجواء ديمقراطية لتعبير المواطنين عن آرائهم”.

انتقل إلى أعلى