يقرأ حاليا
“ممنوع لأنكِ مُحجبة”.. شعار خفي بمنع ظاهر
FR

“ممنوع لأنكِ مُحجبة”.. شعار خفي بمنع ظاهر

“ممنوع دخول المحجبات” أو “المكان محجوز بالكامل” جمل متعددة يُستشف منها المنعُ الذي قامت برفعِه عدد من أماكن الترفيه بالمغرب، من قبيل فنادق ومسابح ومطاعم، في وجه النساء المُحجبات، لمنعهن من الوُلوج، الشيء الذي اعتبر “تمييزا” و”تضييقا” بحسب عدد من النساء أنفسهن، والرجال كذلك.

“سافرت لعدد من البلدان عبر العالم ولم أُمنع يوما من دخول أي من المطاعم بسبب الحجاب، لكن تعرضت للمنع في بلدي المغرب” بهذه الكلمات عبرت ليلى الشيني، الفائزة بلقب ماستر شاف المغرب في نسخته لسنة 2019، مؤكدة أنه مطعم عادي وليس ملهى ليلي أو مكانا خاصا بتقديم الخمور.

وأكدت ليلى، في فيديو لها نشرته على حسابها الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي، عرف تداولا واسعا في ساعات قليلة بعد نشره، “في المغرب بالرغم من أنه بلد إسلامي وديمقراطي يتم منع النساء المحجبات من دخول المطاعم”؛ فيما أشارت بعد ذلك إلى أن صاحب المطعم، حيث تم منها من الولوج، قد اعتذر منها وقال إن منعها كان مجرد “غلطة” من أحد العاملين.

ومنذ حلول فصل الصيف الجاري، تصاعدت عدد شكاوى النساء المُحجبات، وغيرهن ممن يُفضلن السباحة بلباس البوركيني، من منعهن ولوج عدد من الأماكن؛ الشيء الذي خلف موجة غضب ساخطة بينهن، فقمن بإنشاء صفحات ومجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي، كحملة إلكترونية لإيصال صوتهن المُعبر عن رفضهن لهذا المنع، الذي تم اعتباره تمييزا على أساس ديني، فضلا عن سردهن لتفاصيل تعرضن للتصنيف والمنع.

مُنعت بسبب الحجاب

ضغط النساء على مواقع التواصل الاجتماعي، أدى إلى اعتذار بعض الأماكن للمحجبات، فيما تسبب في “تعنت” عدد من الأماكن الأخرى، التي باشرت عملية منعها لولوج النساء المُحجبات، رغما عن الشكاوى المتصاعدة، ورغما عن الحملات الإلكترونية التي وصلت إلى مشاركة أسماء وعناوين بعض الأماكن التي لا تسمح للنساء المُحجبات من ولوجها.

ولكي يتم الحد من التضييق الذي يطال عدد من النساء المحجبات من ولوجهن لأماكن معينة، طالبت ليلى، بـ”فضح” حوادث المنع، بالقول “لأننا في بلد يؤمن بالاختلاف كيفما كان، لا أفهم كيف يتم منع محجبة من دخول مطعم، إذ لكل إنسان حرية الاختيار ليكون كما يريد”.

وفي السياق نفسه، دعت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، في نداء عنونته بـ”نموذج تنموي جديد” للنساء والفتيات أيضا، بتحقيق عدد من المطالب في أفق 2035، على رأسها إصدار قانون عام يعرف التمييز المباشر وغير المباشر على أساس الجنس تجاه الأشخاص أو المجموعات، سواء كان مصدر التمييز شخص مادي أو معنوي، مؤسسة عمومية أو خاصة، وذلك بما يتوافق مع ديباجة الدستور والاتفاقيات الدولية ذات الصلة.

وأوصت الجمعية، بتضمين مقتضيات تمنع التمييز تجاه الفتيات والنساء، بطريقة ممنهجة، في التشريعات الوطنية وملاءمة القوانين في سائر المجالات مع معايير عدم التمييز والمساواة والمناصفة التي يكرسها الدستور واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

“البوركيني”.. تعدد الأسباب والمنعُ واحد

على غرار ليلى، كشفت خولة ميموح، مؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، تعرضها للمنع المُكرر من السباحة داخل فنادق مغربية بسبب ارتدائها لـ”البوركيني” مؤكدة “تعبنا صراحة، لأننا لم نعد نجد الراحة في بلادنا، كيف يعقل أن يتم منع المحجبات من السباحة، هل يجب على المحجبات السفر خارج أرض الوطن للترفيه”.

في ظل السنوات القليلة الأخيرة، تحولت الأزمة في المغرب، من ارتداء الحجاب بشكل عام إلى ارتدائه كزي للسباحة، أو كما يُعرف باسم “البوركيني”؛ وهو لباس من نفس الخامة والمواصفات التي يتواجد عليها لباس السباحة وبنفس معايير السلامة والنظافة المُتعارف عليها؛ يختلف فقط في حجمه.

“بسبب منعي المتكرر من السباحة بسبب ما أرتديه، فقدت رغبة الاستجمام داخل المغرب، وأصبحت أحاول توفير المال قدر المستطاع للسفر إلى دولة أخرى تحترمني، ولا أتعرض فيها إلى الاحتقار بسبب رغبتي في السباحة بالبوركيني” تؤكد المتحدثة ذاتها في حديثها مع “نقاش 21”.

غير أن منع المحجبات من السباحة ومن ولوج عدد من الأماكن، ليس وليدا للحظة وليس بالأمر المعزول، إذ سبق وتكررت مثل هذه الأمور في مواقف مشابهة؛ وفي سنة 2014 كان عبد العزيز أفتاتي، برلماني عن حزب العدالة والتنمية، قد قام برفع شكوى أمام وزير السياحة لحسن حداد، يحتج فيها على منع أحد الفنادق في مدينة الجديدة لعائلات ترتدي ما وصفه آنذاك بـ”اللباس المحتشم” من السباحة، ووصف البرلماني الشركة التي تدير الفندق بـ”الشركة العلمانية المتطرفة التي تفرق بين المواطنين على أساس عنصري وديني”.

إقرأ أيضا

وتوعد أفتاتي حينها، في عدد من الخرجات الإعلامية، بنبرة غاضبة كل من يقيد الحرية الشخصية لهؤلاء النساء بالملاحقة القانونية، مشددا على أنه سيقوم بمتابعة كافة الفنادق ومراكز الاستجمام على صعيد المملكة للتأكد من أن الأمور تسير بالشكل المطلوب، واصفا ما وقع بأنه “وقاحة” ويرى أن الذين يلجؤون إلى ذلك “يؤيدون عزل هؤلاء النساء”.

“منع المُحجبات ليس خرقا للقانون”

بالرغم من أن الدستور المغربي ينص على أن الإسلام دين الدولة، وهو يكفل حرية الفكر والتعبير والتجمع، إذ تضمن الدولة للجميع حرية ممارسة شؤونهم الدينية؛ تتباين آراء المواطنين المغاربة أنفسهم، ما بين رافض لقرارات منع المُحجبات من ولوج عدد من الأماكن، وبين موافق على قرارات المنع.

“من الممكن أن تقوم المطاعم من منع ولوج المُنتقبات، لكن ليس من حقها منع المُحجبات من الولوج، إذ يُعد الأمر تمييزا على أساس اللباس؛ لكن في المقابل من حق الفنادق أن تمنع السباحة بالملابس، وهذا الأمر لا يُعتبر خرقا للقانون؛ وأنا شخصيا لا أقبل أن سيدة ما تسبح بجانبي وهي مرتدية لملابسها” يقول محمد المو، محامي بهيئة الرباط.

ويردف المتحدث ذاته، في حديثه مع “نقاش 21”: “الحريات الفردية لا تعني أن ترتدي ما تريد داخل الفضاءات الخاصة؛ لهذا من حق الفنادق أن تضع شروطا معينة للسباحة، من أهمها ارتداء الملابس المُتعارف عليها عالميا، إذ أنه ليس هناك لباس خاص بالمحجبات فهذا الأمر مجرد بدعة، وأنا شخصيا أتعامل مع هذا المعطى على أن هناك أشخاص يسبحون بملابسهم، ويساهمون في تشويه المنظر العام داخل المسابح”.

ومن أجل مواجهة ما يُعتبر تمييزا من طرف عدد من النساء اللواتي تعرض للمنع من السباحة بالبوركيني، أصبحت ثقافة المسابح النسائية تنتشر خلال السنوات القليلة الأخيرة؛ فعلى الرغم من قلتها إلا أنها أصبحت تنال إقبالا من طرف فئات مختلفة من النساء سواء منهن المحجبات أو أخريات يفضلن أن يكن أكثر راحة أثناء السباحة.

انتقل إلى أعلى