يقرأ حاليا
مطالب بمراجعة مقتضيات مدونة الأسرة.. وحقوقيين: الملك أولى أهمية خاصة للمرأة
FR

مطالب بمراجعة مقتضيات مدونة الأسرة.. وحقوقيين: الملك أولى أهمية خاصة للمرأة

أكد مراد فوزي، رئيس جمعية حقوق وعدالة، أن المملكة المغربية وعلى الرغم مما حققته في السنوات الماضية من إنجازات تتعلق أساسا بمبادئ المساواة والمناصفة إلا أنه لا زال مطالبا بمضاعفة الجهود في سبيل تحقيق مساواة حقيقية بين الجنسين تضمن تقدمه في مؤشر التنمية البشرية حيث تحتل مرتبة مخجلة إلى حدود سنة 2022 هي 123 من أصل 191 دولة.

المساواة

واعتبر  فوزي كلمته خلال هامش اليوم الدراسي الذي انعقد أمس الأربعاء بمجلس النواب تحت عنوان “مراجعة شاملة لمدونة الأسرة: نحو تعزيز الحقوق والمساواة بالمجتمع “أن “تكريس مبدأ المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات هو السبيل الوحيد لتحقيق أهداف مدونة للأسرة بكاملها”.

وأكد المتحدث ذاته، في كلمته التقديمية، أن يوم أو يومين مدة غير كافية بالنسبة للقائمين على هذ الأمر، لعرض الإكراهات التي يعيشونها جراء غياب آليات حقيقية من شأنها تكريس المساواة بين الرجل والمرأة وحماية حقيقية للأطفال من الضياع والتشرد، وسوف يؤكدون لا محالة أن المراجعة ينبغي أن تكون نصا ومبنى.

“وأما النساء والأطفال من الكادحات والمربيات ومن الضحايا التائهين، فإننا نعتقد أنهن محتاجات اليوم قبل الغد لتغيير يضمن مساهمتهن في التنمية عوض أن تبقى تلك النصوص كالجسد بلا روح في غياب آليات تخرجنا من أزمة التشريع لأزمة التطبيق”، يقول المتدخل.

وشدد رئيس الجمعية المنظمة لهذا اليوم الدراسي، على أن التطور المنشود لن يتم إلا عن طريق خلق آليات قانونية لتتبع السياسات العمومية التي من شأنها تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال على جميع المستويات في سبيل تمكين اقتصادي حقيقي للمرأة، ومحاربة كل سلوك منبثق عن عادات وصور نمطية غريبة عن مجتمعنا.

وتابع: “كما أنه لن يتحقق إلا بتضييق المساحات التي تحتمل التأويلات المتناقضة الناجمة عن جهل أو عن عادات خاصة على مستوى التشريعات وأهمها مدونة الأسرة والقانون الجنائي”.

الملك منح المرأة مكانة خاصة

ومن جانبها اعتبرت حنان رحاب، الكاتبة الوطنية للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات، أن مدونة الأسرة الحالية شكلت ثورة اجتماعية وقيمية وفكرية، غير أن التطورات المجتمعي كشفت عن عدم وجود مقومات الإصلاح والتحديث والمساواة في الدولة، بل في بنيات مجتمعية تستبطن عقليات ماضوية.

وشددت رحاب على أن “هذه البنيات لا تنطلق من روح النصوص ومقاصدها، سواء النص الدستوري أو القوانين التنظيمية أو القانون الجنائي أو مدونة الأسرة، وغيرها من المدونات القانونية، بل تنطلق من قراءات رجعية لهذه القوانين قائمة على تأويلات ذكورية”.

وأشارت المتحدثة أن “هذه العقليات استغلت الفراغات التي تتضمنها مدونة الأسرة الحالية، وغيرها من القوانين، وهي فراغات تسمح بتأويلات متناقضة أحيانا، ولذلك صرنا في القضية الواحدة مثل إثبات النسب نتوقع الأحكام انطلاقا من قناعات القاضية أو القاضي المؤسسة على الانحياز لأفق الحداثة، أو على النقيض التي ما زالت أسيرة التقليدانية، مادام النص القانوني يسمح بالقراءتين، رغم قناعتنا أن قياس مدونة الأسرة إلى الوثيقة الدستورية كفيل بتكييف الغامض والملتبس منها وفق مقتضيات المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب”.

وشددت عضو المكتب السياسي، لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن العاهل المغربي ومنذ توليه توليته العرش أعطى مكانة خاصة للمرأة، لكن هذا الدعم الملكي بحاجة لقيام التنظيمات الحزبية والمدنية والحقوقية والنسائية بأدوارها مع تحصين المكاسب القائمة، مع تغيير المدونات القانونية بما يحقق طموح المجتمع الحداثي الديمقراطي والدولة الاجتماعية القوية.

واستطردت المتدخلة قائلة: “لا حداثة ولا ديموقراطية بإقصاء النساء، ولا دولة اجتماعية دون إقرار سياسات التمكين الاقتصادي للنساء”.

إقرأ أيضا

وتعليقا على بعض الأصوات التي تنادي بتأجيل استحقاق تغيير مدونة الأسرة والقانون الجنائي، بادعاء أن الأزمة الاقتصادية وغلاء المعيشة هي التي يجب أن نوليها الأهمية، وأن كل القضايا الأخرى لا قيمة لها أمام “قفة المغاربة”، وصفت رحاب الأمر بالمقاربة “الخبزية”، مشيرة إلى أن “التجارب التاريخية علمتنا أن كل فصل بين قضايا العدالة الاجتماعية وقضايا التحديث والديموقراطية لا يقود إلا إلى تعميق الفوارق الطبقية وسيادة الماضوية والرجعية “.

الأسرة وتحقيق التنمية

وفي المقابل شدد رئيس الفريق الاشتراكي، عبد الرحيم شهيد على أن “الغاية من وضع مدونة للأسرة في الأصل تتجاوز مسألة تنظيم وتقنين العلاقات داخل الأسرة إلى مسألة كيفية جعل الأسرة المغربية دعامة أساسية في عملية تحقيق التنمية، خاصة أن بلادنا منكبة على الدخول في تحول تنموي شامل، وهو ما يفرض ضمان مساهمة جميع مكونات الأسرة في عملية خلق التنمية، وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا بضمان وحماية حقوق جميع هذه المكونات”.

“مما يجعل من مطلب المراجعة الشاملة لأحكام مدونة الأسرة، يجد أساسه في ضرورة وأهمية تعزيز موقع المرأة المغربية باعتبارها فاعلا محوريا في البناء الديمقراطي وطرفا أساسيا في عملية تحقيق التنمية وتقدم المجتمع”، يقول المتحدث ذاته.

وعرج عبد الرحيم شهيد، ذاكرا مسار تنظيم العلاقات بين مكونات الأسر المغربية انطلاقا من إصدار مدونة الأحوال الشخصية سنة 1957، وهي المدونة التي لم تعدل حتى سنة 1993، بالرغم من المحاولات العديدة التي هدفت إلى تعديلها، كان دائما يصاحب بنقاش عمومي مفتوح، وهو أمر صحي ومطلوب بل إنه أمر ضروري، وهو ما عرفته أيضا عملية إقرار مدونة الأسرة الحالية سنة 2004، وما ستعرفه اليوم عملية مراجعتها التي نؤكد أننا نريدها مراجعة شاملة.

واعتبر رئيس الفريق الاشتراكي، في ختام كلمته أن “المتغيرات التي عرفها المجتمع المغربي بعد مرور 19 سنة على إقرار مدونة الأسرة، ثم القصور والضعف بل وحتى التناقض الذي ظهر على العديد من موادها، بات يفرض اليوم مراجعة شاملة لها، وهو ما أوضحه وبشكل مباشر صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش الأخير”.

انتقل إلى أعلى