يقرأ حاليا
هل يدعو الذكاء الاصطناعي إلى الخوف؟
FR

هل يدعو الذكاء الاصطناعي إلى الخوف؟

أعلنت أمس شركة OpenAi عن النسخة الجديدة ChatGPT-4، بعدما كانت النسخة الأولى تقريباً تجريبية، والفرق بين النسختين حسب ما أُعلن أن النسخة الجديدة يُمكنها معالجة 25 ألف كلمة أسرع وأكثر دقّة ثماني مرات من النسخة الأولى التي كانت قدرتها محدودة في معالجة 3 آلاف كلمة.

ما يبدو من خلال التعليقات أن هذا تطوّر “مُخيف” و”مُرعب”، وأن الكثير من المهن أصبحت في مهبّ الريح، وغير ذلك من عبارات التهويل والصدمة، إلا أن الأمر ليس بهذا الحجم من التهويل، لعدّة اعتبارات منها كالتالي:

*  بداية، ما وصل النظام الذكي ChatGPT، هو إحدى النتائج الطبيعية والمتوقّعة للتطور التكنولوجي منذ  ظهور جدّنا الأول الهوموسابيان، كما أن هذا الذي يدعو للخوف ما هو إلى مُقدّمة صغيرة لتهيئة عالم الأجيال القادمة.

* يعتمد هذا النظام وغيره على ما يُعرف بـ”التعلّم العميق” Deep learning القائم على أمرين: البيانات الضخمة والخوارزميات، الأولى تُشكل المادة الخام أو المادة المعرفية التي أنتجها وينتجها البشر، والخواريزميات هي المعادلات الرياضية التي تُمكن النظام من معالجة تلك البيانات بشكل يسمح بتقليدها من طرف النظام، وهو تقريباً نفس مبدأ اشتغال مواقع الترجمة مثل غوغل.

*نظام ChatGPT . وغيره من الأنظمة المُشابهة التي تشتغل عليها شركات أخرى منها ميكروسوفت، لا يمكنها أن تقوم مقام الإنسان في التفكير والعمل الميداني، فالنظام يمكنه صياغة 200 صفحة في موضوع ذي صلة بعلم الاجتماع مثلاً، لكن هذا النظام لا يمكنه إجراء دراسة ميدانية حول عادات قبائل صنهاجة أو بني ورياغل، لأنه لا يمكن أن يُصيغ خارج قواعد البيانات والخوارزميات التي يشتغل بها، والتي تظل دائماً بحاجةإلى التطعيم من طرف البشر.

إقرأ أيضا

*التطور الحاصل الآن بالنسبة لهذا الجيل هو نفسه ما عاشه الإنسان قبل وبعد ظهور الكهرباء، ثم قبل وبعد اكتشاف البترول، ثم قبل وبعد اختراع الراديو، ثم قبل وبعد اختراع التلفاز، ثم الهاتف السلكي واللاسلكي .. ثم الإنترنت …… وكلها حلقات مترابطة فيما بينها وكل تطّور عاشته البشرية أحدث نوع من الخوف لدى البعض، ثم تمر الموجة ويموت الجديد ليصبح قديما .. ويظل الإنسان هو الإنسان.

* في الأخير، فإن مثل هذه التطوّرات لا تتطلب تهويلاً ولا خوفاً، وإنما البحث عن سبل الاستفادة والتعلّم منها لمواكبة التطوّرات التي يتطلبها سوق الشغل، أما الذكاء الاصطناعي، فلا يمكنه أن يزرع لك البطاطا إذا كنت جائعاً، بل ستظل بحاجة إلى الفلاح البسيط ليحرث الأرض قبل طلوع الشمس.

انتقل إلى أعلى