يقرأ حاليا
الدبلوماسية المغربية سنة 2022.. ملف الصحراء بوصلة حددت سياسة المملكة الخارجية
FR

الدبلوماسية المغربية سنة 2022.. ملف الصحراء بوصلة حددت سياسة المملكة الخارجية

تعتبر إنجازات الدبلوماسية المغربية، أهم الأحداث البارزة التي لا غبار عنها خلال سنة 2022، حيث ظلت الصحراء المغربية بوصلة السياسة الخارجية التي حددت مسار اتجاه المملكة، فأصبحت معيارا ميزت به الصديق ممن يدعي الصداقة.

 

ولعل أبرز إنجازاتها التمكن من انتزاع موقف واضح وصريح من قبل المملكة الإسبانية التي ولأول مرة تعلن دعمها لموقف المغرب في قضيته الوطنية، معتبرة أن مبادرة الحكم الذاتي المقدمة المقترحة من قبل المملكة المغربية هي الأساس الأكثر واقعية وجدية لحل هذا النزاع.

تغير جدري في موقف المستعمر السابق، جعل البلدين يفتحان صفحة جديدة في علاقة مبنية على أساس الاحترام المتبادل والشفافية والتواصل الدائم، خاصة وأن علاقة البلدين مرت من فترة حرجة بعدما استقبلت إسبانيا زعيم جبهة البوليساريو بجواز سفر مزور مبررة الخطوة بدواعي إنسانية، الشيء الذي خلق أزمة حادة انتهت بالاعتراف الإسباني بمغربية الصحراء.

وبعد الخلاف أتت المصالح، بعد استقبال العاهل المغربي، محمد السادس لرئيس الحكومة الإسباني بيدرو سانشيز ليتم تحديد مستقبل العلاقات التي أصبحت أقوى من أي فترة سابقة سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي.

إنجازات المملكة المغربية لم تقتصر على الاعتراف الإسباني فقط، بل إن المملكة خلال هذه السنة استطاعت حشد مواقف مجموعة من الدول لصالح الموقف المغربي.

وثمن الملك محمد السادس، مواقف الدول التي اعترفت بمغربية الصحراء سواء العربية منها أو الإفريقية أو الغربية، كما جدد الملك شكره للدول الإفريقية خاصة وأن 40 في المئة من هذه الدول قامت بفتح قنصليات لها في العيون والداخلة.

وبعد افتتاح غواتيمالا قنصلية عامة لها بمدينة الداخلة مؤكدة دعمها القوي لسادة المملكة على كافة ترابها وصل عدد القنصليات التي تم افتتاحها بالأقاليم الجنوبية للمملكة إلى 28 قنصلية توزعت بين مدينتي الداخلة والعيون.

سنة كان من أبرز مميزاتها فرض السيطرة الكاملة للمغرب على صحرائه فلم تعد المملكة المغربية تقبل أي تحركات مشبوهة داخل مجالها الجغرافي، حيث أضحت تتدخل كلما وجدت تحركات من طرف مليشيات البوليساريو داخل الصحراء المغربية.

وحسب تقارير إعلامية دولية، فإن المملكة المغربية نفذت مجموعة من الهجمات باستعمال الطائرات المسيرة، داخل منطقة الصحراء المغربية بعدما لاحظت القوات المغربية تحركات مشبوهة داخل المنطقة.

وبرزت قوة السياسة الخارجية للمملكة المغربية، في الآونة الأخيرة بعد تعاملها مع ملف الأزمة الصامتة بين فرنسا والمغرب والتي أشعلت أزمة التأشيرات فتيلتها، بعد أن رفض المغرب طلب فرنسا لاسترجاع المهاجرين المغاربة غير المرغوب فيهم داخل الأراضي المغربية.

 إلا أن الخطوة الفرنسية أدت إلى مطالبة المغرب بتقديم موقف صريح تجاه القضية الوطنية مع التراجع على سياسة التأشيرات ويبدو أن المغرب نجح في حرب كسر العظام، بعد أن زارت وزيرة الخارجية الفرنسية المغرب خلال الأسابيع القليلة الماضية والإعلان عن تسوية ملف التأشيرات مع التأكيد على إمكانية اعتماد الرباط على باريس فيما يتعلق بملف الصحراء المغربية.

وأعلنت الوزيرة عن زيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بداية السنة المقبلة للمغرب من أجل تسوية مجموعة من الملفات العالقة وبالتالي الزيارة كانت بمثابة محاولة تفرشة لزيارة الرئيس.  

وفي هذا السياق، أثنى المحلل السياسي، عبد العزيز كوكاس في تصريح لـ “نقاش21” على ما حققته المملكة المغربية على هذه السنة معتبرا أنها “امتداد لما حققته الدبلوماسية المغربية من إنجازات منذ عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي والتوقيع على اتفاقية أبراهام”.

من الدفاع إلى الهجوم

وأضاف كوكاس أن “عملية الكركرات تعد أكبر نكسة للبوليساريو، والتي ما تزال تبعاتها إلى حدود اليوم، حيث استطاع المغرب أن يزيد من امتداد عمقه الإفريقي من خلال بناء جدار أمني جديد والسيطرة الكاملة على الصحراء واسترجاع المنطقة العازلة التي كانت تأتيه بتهديدات”.

وأشار كوكاس أن “انجاز المغرب في إفريقيا سنة 2022 سواء على المستوى الميداني أو السياسي جاء نتيجة لقرار منذ أن من منطقة الدفاع إلى منطقة الهجوم”.

وأكد المتحدث في تصريحه أن “ما تم إنجازه في إفريقيا ستكون له انعكاسات مستقبلا سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي من خلال جعل المغرب بوابة إفريقيا للدول العابرة للقارة السمراء”.

وأردف المحلل السياسي “هناك تنافس بين الدول العظمى للاستثمار في إفريقيا، والمنجزات الدبلوماسية المحققة تعاضد الطرح المغربي وتدافع عنه”.

وأشار الخبير أن “ما تبقى هو تطوير هذه السياسة بشكل أفضل في القادم من الأيام” موضحا أن “الإنجازات الكبرى لا تأتي إلا من خلال نهج سياسة هجومية أكثر لجلب اعتراف العديد من الدول الأخرى، خاصة تلك التي لها مواقف غامضة وغير صريحة”.

إقرأ أيضا

بدوره شدد خبير العلاقات الدولية، محمد شقير، في تصريحه لـ “نقاش21” أنه “من بين أبرز الإنجازات التي حققتها المملكة المغربية، هو مساندة إسبانيا لمبادرة الحكم الذاتي، والحدث يكتسي أهمية كبرى بالنظر لوضع الجارة الشمالية داخل القضية فهي المستعمر السابق للمنطقة الجنوبية”.

واعتبر المحلل السياسي أن “إقناع المغرب لمجموعة من الدول الإفريقية والعربية لافتتاح قنصلياتها لها بالأقاليم الجنوبية بالإضافة إلى إجبار فرنسا على إعادة النظر في علاقاتها مع المغرب ووضع تصور جديد للتعامل مع المغرب، معطيات تدل على أن الدبلوماسية المغربية أضحت أكثر قوة في الآونة الأخيرة وأصبحت دبلوماسية هجومية بعدما كانت دفاعية”.

وأوضح خبير العلاقات الدولية أنه “من بين مرتكزات الدبلوماسية للمغرب موقعه الجيوستراتيجي فهو يعد بوابة القارة الإفريقية بالنسبة لمجموعة من الدول الراغبة في الاستثمار داخل القارة وهذا ما يعطيه ميزة أكثر”.

“كما أن الاستقرار السياسي الذي يتميز به المغرب تجعله من بين القوى التي الرئيسية التي يجب التعامل معها لتضمن تعامل قار ومستقر”، يقول شقير.

وتابع: “منذ تولي الملك محمد السادس الحكم، وضع سياسة خارجية تقوم أساسا على سياسة “رابح – رابح” وهذا المرتكز فتح للمغرب العديد من الأبواب نحو إفريقيا والدول العالمية”.

على اعتبار أن المجال الاقتصادي من مرتكزات تعاملات الدول وهذا ما يدفع العديد من الدول الإفريقية تدفع بعلاقاتها مع المغرب إلى الأمام فهي تعلم أن المغرب يطمح إلى إيجاد علاقات ثنائية ربحية.

كل المعطيات السابقة الذكر، سمحت للمغرب أن يتموقع بهذا الشكل، خاصة في ظل المتغيرات سواء الجيوسياسي و الجيواقتصادي.

وفي ختام تصريحه اعتبر خبير العلاقات الدولية أن “المغرب رقم أساسي، سواء على الصعيد الاقتصادي أو العسكري، خصوصا أن الأخير عمل على توقيع مجموعة من الاتفاقيات، والمشاركة في عدة تدريبات عسكرية مما أعطاه إشعاع ساسي وعسكري وأضفى عليه وضع القوة الإقليمية داخل القارة الإفريقية”.

انتقل إلى أعلى