أيام قليلة تفصلنا عن عام جديد، يطوي خلاله المجتمع المغربي صفحة من الماضي، لكن ربما تبعاته ستلحقه إلى المستقبل، سنة حافلة بالأحداث تأرجحت بين المد والجزر، بين ما هو إيجابي وآخر سلبي وبين هذه الثنائية رصدت “نقاش21” حصاد أهم الأحداث لسنة 2022.
حرائق الشمال:
عاشت مدن الشمال الصيف الماضي على وقع حرائق مهولة، حيث اندلعت ألسنة اللهب في كل مكان وتبقى المدينة الأكثر تضررا هي مدينة العرائش، فالأخير بلغت مساحاتها المتضرر ما يقارب 4600 هكتار ليصبح الأكبر من نوعه على الصعيد الوطني. ولخطورة الحادث فقد تم نقل أزيد من 1325 أسرة من مختلف مناطق المدينة للحفاظ على سلامتهم.
جماعة الخروب التابعة لإقليم تطوان لم تسلم هي الأخرى من جحيم ألسنة اللهب، التي أتت على أزيد من 220 هكتار من مساحاتها الغابوية، ولإخمادها تم تحقيق 34 عملية جوية فيما تم إجلاء نحو 265 شخص إلى مناطق أخرى آمنة.
إقليم شفشاون، عاش هو الأخر على وقع حريق تضرر على إثره 80 هكتارا ولإخماد الحريق تم الاعتماد على طلعات جوية بطائرات “كاندير” التابعة للقوات الجوية الملكية علاوة على طائرة “توريو تراش”.
وقامت فرق الإطفاء خلال هذه المدة بعمل جبار لإخماد الحرائق، بالاعتماد على وسائل بشرية ولوجستية مكنتها من السيطرة على بؤر الحريق، رغم ما واجهته من صعوبة تضاريس ومناخ تميز لم يكن بالعامل المناسب حيث ساهمت الرياح في انتشار الحريق ووصوله إلى مناطق أخرى.
الجنس مقابل النقط:
الجنس مقابل النقط، فضيحة أخلاقية هزت الوسط الجامعي، وأثارت نقاشا مجتمعيا واسعا بعد تسرب بعض التسجيلات “المخلة” لبعض الأساتذة وهم يبتزون الطالبات لممارسة الجنس معهم، مقابل الحصول على نقط عالية واجتياز الاختبارات بنجاح.
وكانت جامعة سطات أولى الجامعات المغربية التي عرت عن الظاهرة وفضحت المستور، لتكتشف بعدها حالات مماثلة بمختلف جامعات المملكة.
وتتالت الدعوات من قبل الجهات الحقوقية، للتحقيق في الموضوع الذي اعتبرته من أخطر أنواع العنف ضد المرأة، من أجل إحالة المتورطين في جرائم التحرش الجنسي والتزوير والغش وهتك العرض على القضاء. كما تمت المطالبة بإحداث خلايا إنصات وسط مختلف الأوساط التربية للاستماع إلى الطلبة والتبليغ في حالة تعرض أحدهم للتحرش أو الابتزاز.
وعرض مجموعة من الأساتذة المتهمين على أنظار النيابة العامة من أجل التحقيق في المنسوب إليهم ومنهم من حكم عليه فيما آخرون لا يتم إصدار أحكام نهائية في حقهم.
الزيادات في الأسعار والاحتقان المجتمعي:
عاش المجتمع المغربي على وقع زيادات صاروخية همت مختلف المواد الغذائية، الطاقية مما أدى إلى غضب شعبي عارم عبر عنها الشعب المغربي داخل مواقع التواصل الاجتماعي مع انتشار وسم/هشتاغ “أخنوش ارحل”، و “7dh-Gazoil” و “8dh-Essence” في إشارة إلى وجوب خفض أسعار المحروقات.
كما تصدرت الوسوم سابقة الذكر بالإضافة إلى هاشتاغ “لا لغلاء الأسعار”، قائمة التغريدات الأكثر تداول على منصات مواقع التواصل الاجتماعي وذلك على خلفية الاستمرار في ارتفاع المواد الغذائية.
وناشد الشعب المغربي الملك محمد السادس، من أجل التدخل العاجل خاصة وأن موجة الغلاء أثقلت كاهل مختلف الشرائح المجتمعية، خاصة الطبقة المتوسطة والفقيرة التي تدهورت أوضاعها المعيشية أكثر.
وكان من الملفت دخول مجموعة من المؤثرين والفنانين على الخط، حيث عبر العديد منهم عن تضامنهم مع الحملة المناهضة لارتفاع الأسعار والرغبة في اتخاذ إجراءات لخفض أسعار المحروقات والمواد الاستهلاكية.
كما اندلعت مظاهرات في الآونة الأخيرة بالعاصمة الرباط، احتجاجا على مجموعة من القضايا المجتمعية وأهمية مشكل الغلاء الذي طال جل المواد الغذائية دون اتخاذ إجراءات ملموسة تساهم في تقليص الضغط المجتمعي.
وكشفت أرقام رسمية ارتفاع نسبة التضخم إلى 8.3 في المئة مما أدى إلى الزيادة في ارتفاع أسعار المواد الغذائية كما انخفض مؤشر ثقة الأسر خلال الربع الثالث خلال السنة الجارية.
احتجاجات المحامين:
تصاعدت وثيرة احتجاجات المحامين بالمغرب قبل أسابيع قليل من توديع سنة 2022، حيث اعتبرت هيئات المهنية أن هذا يمثل استهدافا ممنهجا لمهنة المحاماة وتغييب المقاربة التشاركية.
ورفض المحامون إجراءات ضريبية جديدة بالإضافة إلى رفضهم لمسودة قانون قامت بتقديمها وزارة العدل ويتعلق الأمر بقانون مهنة المحاماة وإقرار امتحان الأهلية لمزاولتها.
وعارضت جمعية هيئات المحامين بالمغرب “المقتضيات الواردة في مشروع قانون المالية لسنة 2023″، كما احتج مئات المحامين أمام مقر البرلمان تعبيرا عن تنديدهم بالإجراءات المتخذة في حقهم، واختار المحامون الاحتجاج ببدلاتهم السوداء مرددين شعارات تطالب الحكومة من أجل التراجع عن المقتضيات، المتعلقة أساسا بضريبة جديدة تفرض على المحامين تأدية تسبيق مالي عن كل ملف في كل مرحلة من مراحل التقاضي لدى كاتب الضبط في صندوق المحكمة.
مهرجان مراكش:
بعد سنتين من الانقطاع بسبب جائحة فيروس كورونا انطلقت فعاليات المهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته 19 خلال هذه السنة كأبرز حدث ميز مجال الفن والثقافة.
وبدأت الفعالية في 11 من نونبر الماضي حيث عرفت حضور مختلف الفنانين العالميين والمحليين، ليصبح المهرجان المنعقد في المدينة الحمراء مناسبة التقى فيها مخرجون وممثلون من مختلف الجنسيات عبر لقاءات مباشرة ومفتوحة.
واستمتع الحضور بمشاهدة 76 فيلما سينمائيا مثل ثقافة 33 دولة، كما عرفت الدورة حضور قوي للمنتوج الوطني حيث حضرت المملكة خلال هذه الدورة بـ 15 فيلما.
وكرم المهرجان خلال دورته أربع شخصيات من عالم الفن السابع، وكانت البداية مع الفنان الهندي “رانفير سينغ”، ومن ثم تكريم المخرج وكاتب السيناريو الأمريكي جيمس جراي، وتميز الحفل بتكريم النجمة ورائدة السينما المغربية فريدة بليزيد التي تسلمت درع التكريم من الفنان المغربي يونس ميكري.
وقبل أن يسدل المهرجان ستاره كرم المهرجان الممثلة الاسكتلندية تيلدا سوينتون التي سبق وأن فازت بجائزة بافتا وأوسكار كأفضل ممثلة عن فيلم “مايكل كلايتون”.
تطبيع ثقافي مع إسرائيل:
تميزت سنة 2022 بعقد العديد من الاتفاقيات التي همت مختلف المجالات وأبرزها الاتفاقيات الاقتصادية، والسياسية غير أن التطبيع لم يستثني المجال الثقافي، ولأول مرة تم تقديم ثلاثة مسرحيات إسرائيلية في سبتمبر الماضي، بمسرح محمد الخامس في الرباط.
ويتعلق الأمر بمسرحية “أم كلثوم” و”فريد الأطرش” و”بابا عجينة” لفرقة المسرح العربي في يافا، كما تم تنظيم عرض إسرائيلي آخر خلال الأشهر الماضية تحت عنوان “بستان الصفردي”.
الأمر لم يقتصر فقط على المجال المسرحي، بل امتد ليشمل مجال الغناء أيضا، حيث أدى فنانون إسرائيليون مقطوعات موسيقية تنهل من التراث المغربي والأندلسي واليهودي بسينما ميغاراما بالدار البيضاء في إطار الدورة الأولى للمهرجان المغربي للموسيقى الأندلسية، خلال أكتوبر الماضي.
