يقرأ حاليا
سياسة عدائية تنهجها جنوب إفريقيا ضد المملكة.. هل تستعصي “بلاد مانديلا” على الدبلوماسية المغربية؟
FR

سياسة عدائية تنهجها جنوب إفريقيا ضد المملكة.. هل تستعصي “بلاد مانديلا” على الدبلوماسية المغربية؟

سياسة الوضوح القائمة على مبدأ “رابح-رابح” هي التي أضحت تميز العلاقات المغربية مع باقي شركائها، جاعلة من قضية الصحراء نظارة تميز من خلالها المملكة الصديق ممن يدعي الصداقة.

 

إلا أن هذه السياسة في بعض الأحيان، يلاحظ عدم نهجها مع بعض الدول الإفريقية، وخير مثال على ذلك استمرار العلاقات بين المغرب وجنوب إفريقيا، التي لا تكتفي بالاعتراف بجهة “البوليساريو” الوهمية، بل لا تضيع مناسبة لكي تعادي مصالح المملكة المغربية سواء على مستوى القارة الإفريقية أو المحافل الدولية.

سياسة عدائية واضحة، أبرز ملامحها استقبال رئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا، لزعيم الكيان الوهمي “البوليساريو” إبراهيم غالي، يوم الثلاثاء الماضي، ببريتوريا، مع تأكيد دعمه الكامل والمطلق للكيان الانفصالي، مقابل عدائها الواضح للمغرب على خلفية نزاع الصحراء.

وفي هذا السياق، أكد خبير العلاقات الدولية، محمد شقير، أن المغرب من خلال “دبلوماسيته ينهج تصور معين، فطبيعة التعامل تحدد على أساس طبيعة العلاقات”.

“فعند الحديث عن أوروبا والشركاء الأوربيين، فإننا نتحدث عن شركاء تجمعنا معهم علاقات اقتصادية واجتماعية واستثمارية كبيرة”، يقول شقير.

شركاء يتمتعون بوزن سياسي ودولي مهم، ما استوجب على المغرب الحسم في بعض تصوراته فيما يتعلق بعلاقاته مع الشركاء الأوربيين خاصة بعد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء.

فالمملكة حسب خبير العلاقات الدولية “تضع تصورها بناء على مجموعة من الأسس أهمها، حجم وأهمية العلاقات وفي نفس الوقت أهمية هذه الدول في الوضع الدولي”.

“فيما يخص الدول الإفريقية، يؤكد الخبير في تصريح هاتفي لـ“نقاش21” أننا “نتحدث عن تعامل مغاير، والأمر لا يتعلق فقط بجنوب إفريقيا، بل بمجموعة من الدول المعترفة بجبهة “البوليساريو” لكن المغرب ما زال يتعامل معها”.

“المغرب لا يحاول نقل أو نسخ نفس سياسة التعامل مع الدول الأوروبية للدول الإفريقية، يوضح شقير قوله، فهو “يدرك أن المنظومة الإفريقية تحكمها مجموعة من العوامل والتي من الصعب التعامل معها بنفس النهج”.

وتابع المتحدث ذاته: “كون جنوب إفريقيا معادية للوحدة الترابية للمملكة المغربية، فالمغرب لا يمكنه أن يتخذ نفس الموقف، غير أن دبلوماسية المملكة تلعب على المدى البعيد من أجل محاولة تغيير موقفها” مشيرا إلى أن “المنظومة الإفريقية تحكمها مجموعة من المرتكزات المختلفة عن المنظومة الأوربية، ولعل موريتانية خير دليل، فرغم اعترافها بالجمهورية الوهمية إلا أن المغرب يتعامل معها بنوع من التدرج.

“صانع القرار الدبلوماسي، حسب شقير “يتعامل وفق ثابت معين وهو الصحراء المغربية، لكن كل منظومة دبلوماسية لها أسلوب دبلوماسي يتلاءم معها، فكما يعمل المغرب على تنويع شركائه، فهو يعمل تنويع تعاملاته مع هؤلاء الشركاء”.

ومما يجب ملاحظته والتأكيد عليه، يوضح شقير أن “المغرب ما زال يتعامل مع بعض الدول الأوربية التي لم تطور من موقفها فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، على الرغم من الضغط الممارس عليها من أجل تغيير موقفها وفرنسا مثال على ذلك”.

إقرأ أيضا

وفي سؤال حول أسباب العداء الذي تكنه جنوب إفريقيا للمملكة شدد خبير العلاقات الدولية، محمد شقير، أن هناك مجموعة من العوامل وراء عداء جنوب إفريقيا لمصالح المملكة وأولها ما هو تاريخي”.

“فالمغرب لم يستغل تواجد مانديلا كرئيس للبلاد حيث كان من الممكن استقطاب جنوب إفريقيا خلال ولايته. ومحاولة إقناع قياداته بوجاهة الموقف المغربي، خاصة وأن مانديلا قد استفاد من عدة مساعدات، وبالتالي كان من الممكن أن يستغل المغرب هذه النقاط لتغيير موقف هذه الدولة أو على الأقل ضمان بقائها على الحياد” حسب شقير.

ومن ضمن العوامل أيضا “التحالف الاستراتيجي بين الجزائر وجنوب إفريقيا في هذا الأمر، وربما الكرسي الفارغ الذي تركه المغرب في القارة الإفريقية، أعطى فرصة للجزائر من أجل أن تلعب دورها واستقطاب جنوب إفريقيا إلى جانب موقفها” يقول شقير.

هذا وشدد شقير، على وجوب عدم “نسيان انتماء جنوب إفريقيا للمنطقة الأنجلو سكسونية والتي لم يتوفر للمغرب الوسائل الكافية للدخول إلى هذه المنطقة”.

واعتبر المحلل، أن “التنافس الاقتصادي أمر ساهم في تكريس عداء جنوب إفريقيا للمغرب، فكل دولة تعتبر نفسها قوة إقليمية”.

وختم المحلل السياسي والأستاذ الجامعي، حديثه ليؤكد أن “هذا لا يمنع من وجوب تعبئة كل الطاقات الدبلوماسية، من أجل محاولة كشف مكامن الخلل ومكامن الضعف التي تحول دون تغيير جنوب إفريقيا لسياستها، ومحاولة تغييرها سواء على المدى المتوسط أو البعيد”.

انتقل إلى أعلى