يقرأ حاليا
تحلـيل: تغييرات جدرية في مواقف إيطاليا حول ملف الصحراء المغربية
FR

تحلـيل: تغييرات جدرية في مواقف إيطاليا حول ملف الصحراء المغربية

زخم دبلوماسي دولي تعرفه قضية الصحراء المغربية، وذلك بعد توالي الاعترافات بأحقية المغرب في السيادة على أقاليمه الجنوبية، من طرف كبريات الدول الغربية خاصة. فبعد أمريكا وإسبانيا وألمانيا وفرنسا، ها نحن اليوم أمام أصوات من أحزاب إيطالية تدعو بلادها للاعتراف بمغربية الصحراء، وفتح قنصلية ذات توجه اقتصادي واجتماعي يهدف إلى تنمية المنطقة والمساهمة في استقرارها.

 

ولعل هذا ما أكد عليه الحزب الديمقراطي الإيطالي بدعوته لبلاده من أجل فتح قنصلية لها بالأقاليم الصحراوية، خطوة لم تقف عند هذا الحد بل امتدت لحين إحداث البرلمانيان الإيطاليين ماركو دي وأورانيا باباتيو، مجموعة برلمانية لدعم مخطط الحكم الذاتي معتبرين أن أساس حل “عادل وتوافقي” لنزاع الصحراء المغربية.

وللكشف عن مسار هذه الخطوة و خلفياتها وآثارها توجهت “نقاش 21 ” بأسئلة جوهرية لمختصين وخبراء في مجال العلاقات الدولية بغية إدراك التأثير المحتمل وقوعه في حالة ما اعترفت إيطاليا هي الأخرى بمغربية الصحراء، وتحديد الأسباب الكامنة وراء تغير المواقف الأوروبية من مغربية الصحراء.

زخم ومكاسب

 أكدت الخبيرة في العلاقات الدولية، كريمة غانم في تصريح لها لـ “نقاش21” على أنه “لا يمكن التكهن باعتراف إيطاليا بمغربية الصحراء، كما لم يكن متوقعا التغيير الجدري في الموقف الإسباني من قضية الصحراء. لكن هناك بوادر تشير إلى أن إيطاليا ستنهج نفس مقاربة الدول الأخرى مثل ألمانيا وإسبانيا وهولاندا لمساندة الدينامية الدولية التي تدعم مبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد وواقعي لهذا النزاع المفتعل”. 

وأضافت المحللة السياسية، أنه “كانت هناك إشارات من إيطاليا على هامش مؤتمر التحالف الدولي ضد داعش واليوم هناك مجموعة برلمانية لدعم مخطط الحكم الذاتي. وهذا دليل على أن الشركاء الأوروبيون أصبحوا على وعي تام بأهمية حل هذا النزاع نظرا لتأثيراته الجيوسياسية والاقتصادية التي تضر بالمصالح الأوروبية ككل وتهدد أمن واستقرار المنطقة.

وأردفت المتدخلة موضحة أن “التغير التاريخي الذي عرفته مواقف هذه الدول مؤكدة على أن هذا التغير” يحكمه سياق جيوسياسي دولي وتداعيات أزمة كورونا التي أعاد من خلالها الاتحاد الأوروبي أوراقها فيما يخص علاقات الدول الأعضاء. كما أن الأزمة الروسية الأوكرانية كانت ناقوس الخطر الذي ساهم في إعادة النظر في النزاعات والحركات الانفصالية التي يمكن أن تنشب في أي لحظة في الدول الأوروبية بسبب الأوضاع الحالية، هذا بالإضافة إلى الوضعية الاقتصادية والأمنية في منطقة شمال إفريقيا ودول الساحل وعلاقتهم المركبة مع دول الاتحاد الأوروبي”.

غير أن الخطوة التي أقدمت عليها المجموعة البرلمانية الإيطالية ومحاولة السير على خطى باقي الدول الأوروبية المعترفة بمغربية الصحراء أمر سيؤثر “إيجابا على مسار القضية في الأمم المتحدة وستنضاف إلى الدول الداعمة لهاته المبادرة ويمكن أن تشجع دول أخرى أن تخرج من المنطقة الرمادية في موقفها من القضية الى دعم الجهود الدولية لحل هذا النزاع في إطار السيادة المغربية”. في حال ما تم الاعتراف تقول خبيرة العلاقات الدولية.

علاقات صلبة 

 شدد المحلل السياسي، حسن بلوان، في تصريح هاتفي لـ “نقاش21” على أن الموقف الإيطالي كان دائما قريبا الحقوق المشروعة للمغرب في قضية الصحراء المغربية، والذي تعكسه مجموعة من التصريحات الرسمية الداعمة للمغرب في قضيته الوطنية ووحدته الترابية، وتأتي خطوة المجموعة البرلمانية الإيطالية لدعم الحكم الذاتي لتؤكد هذا المسار الإيطالي رغم الضغوط الجزائرية على إيطاليا التي تستعمل فيها ورقة الغاز الطبيعي في ظل أزمة طاقية عالمية غير مسبوقة”.

إقرأ أيضا

معتبرا أن الاعتراف الإيطالي بمغربية الصحراء واقع لا يرتفع ينتظر الفرصة الزمنية فقط لحدوثه والمرتبطة أساسا بتجاوز تداعيات الحرب على أوكرانيا في مسألة الطاقة.

“وأعتقد أن جميع الدول الأوربية المؤثرة بما فيها إيطاليا اقتنعت الآن بأن مغربية الصحراء حقيقة لا يمكن أن تغطيها مناورات النظام الجزائري وبيادقه الانفصالية، لذلك انخرطت تباعا في دعم الحكم الذاتي كحل واقعي ووحيد لحل هذا النزاع المفتعل. مما يؤشر على تغير فصول القضية لصالح الحقوق المغربية المشروعة، خاصة مع انخراط كل من إيطاليا وفرنسا وألمانيا ومعظم دول أوربا الشرقية في هذه الدينامية”، يقول المحلل السياسي.

وإجابة عن الأسباب الكامنة وراء هذه التحولات، أقر حسن بلوان، على أن أوروبا حليف استراتيجي للولايات المتحدة الامريكية وتاريخيا كانت مواقفهما من جميع الاحداث في العالم متناسقة، وعليه فلا غرابة أن تحدو الدول الاوربية موقف الولايات المتحدة الامريكية المعترف بمغربية الصحراء.

 موضحا أن هناك سبب آخر جعل الدول الاوربية بما فيها إيطاليا تنحاز للمغرب في هذا الملف هو الصدمة التي أحدثتها الحرب الأوكرانية، حيث يسعى الاتحاد الأوروبي للبحث عن الأمن والاستقرار في المنطقة الجنوبية لحوض المتوسط التي لا تحتمل حروبا جديدة.

انتقل إلى أعلى