يقرأ حاليا
ماهي الشركة الإستشارية التي ستصوتون لها في الإنتخابات القادمة؟
FR

ماهي الشركة الإستشارية التي ستصوتون لها في الإنتخابات القادمة؟

عندما يُقدِم رئيس جهة، على صرف ما يناهز 9 ملايين درهم، من أجل إيجاد رؤية مستقبلية، أليس من الأجدر أن يَقُوم الناخبون بالتصويت مباشرة على الشركات الاستشارية؟.

 

يدفعنا هذا للتأمل حول أهمية تنظيم انتخابات نزيهة مبنية على الإرادة الحرة، لاختيار حزب ما لتدبير الشأن العام؛ هذا السؤال تبادر إلى ذهننا منذ علمنا باستعانة رئيس جهة الدار البيضاء-سطات عبد اللطيف معزوز، بالخبرات الاستشارية لمجموعة “بوسطن” ، مكلفا إياها بوضع مخطط تنموي للنهوض بالعاصمة الاقتصادية. استشارة ستكلف خزينة الدولة 8.64 مليون درهم.

هذه المعطيات تثير ثلاث أسئلة محورية:

أولا؛ عندما أصوت على حزب معين، وأقوم بتفويضه لتدبير الشأن العام في الجماعة أو الجهة؛ وذلك وفق برنامج انتخابي قدمه هذا الحزب للناخبين في حملته الانتخابية. ويعلن التزامه بتنزيله على أرض الواقع بعد نجاحه في الانتخابات؛ وهذا ما يفترض أن يصنع الفارق بين مرشحي الأحزاب المختلفة. إلا أنه عندما قام الناخبون بالتصويت على لائحة السيد معزوز، فكل ما فعله هذا الأخير هو استخدام المال العام للبحث عن رؤية تغنيه عن “برنامجه الانتخابي”. وهنا أطرح تساؤلات حول ماذا استفاد الناخب من التصويت عليه ما دام سيستعين بشركات استشارية؟ وما الفرق بين ترشيحه وترشيحات الأحزاب الأخرى؟ ولماذا يقوم المواطن باختياره دون باقي الأحزاب؟

وثانياً، فإذا دعت الضرورة لتطوير برنامجه بالدراسات والخبرة، فلماذا اللجوء إلى مثل هذه الشركات الربحية، في وقت يعج الحزب الذي ينتمي إليه الوزير السابق والرئيس الحالي للجهة، بدوي الكفاءات والمؤهلات والخبرة العالية التي من شأنها بلورة برنامجه وإنزاله على أرض الواقع؟ أليس هو ذات الشخص الذي يرأس إحدى الجمعيات المغربية التي تضم أمهر الخبراء في الاقتصاد، والتمويل، والتنمية، وما إلى ذلك؟ فتحالف الاقتصاديين الاستقلاليين هو واحد من أغنى مراكز الفكر الاقتصادي في المغرب، ويضم خبراء من ذوي الريادة في التنمية.

وثالثا؛ لماذا تم اختيار هذه الشركة بالذات؟ هل يستطيع من اتخذ هذا القرار أن يفسر على أي أسس تم ذلك؟ فهل كانت الأرخص ثمنا؟ أم الأفضل نهجا؟ وهل يمكنه التبرير أو الجزم بأحقيتها؟ إذا كان الأمر كذلك، فهل يمكننا الحصول على المعلومة كناخبين؟ .. هل تم اختيارها على أساس معايير ذاتية؟ لا شيء مستبعد.

وختاماً. يجب أن أشير إلى أن رئيس جهة الدار البيضاء، ليس الوحيد الذي قام بهذا الاختيار. الوزارات والمقاولات العمومية العامة، والجماعات والغرف المهنية… يبدو أن الجميع يلجأ لهذه الطريقة السهلة لخدمة “مصالح المغاربة”، كما يدعون. خيار يُكلف خزائن المملكة 700 مليون درهم سنويًا.

إقرأ أيضا

بعد قولي هذا، أطرح على نفسي السؤال التالي: ألن يكون من الحكمة، في ظل هذا التبذير الخطير للمال العام، أن تخضع الشركات الاستشارية للتصويت الانتخابي بدلاً من الأحزاب؟ يمكنهم على الأقل، كما يقولون، تقديم دراساتهم إلينا كبرامج انتخابية، وبهذه الطريقة سيتمكن المواطن من الاختيار والانتخاب بشكل مباشر.. سيكون اختصارًا جيدًا وسيكون أيضًا، بالطبع، أقل تكلفة؛ لأن وزارة الداخلية لن تضطر إلى إنفاق المليارات لدعم الحملات الانتخابية للأحزاب.

أعتقد أن الوقت قد حان لنعيد القطار إلى سكته الصحيحة، والبدء في استعادة الثقة في مهاراتنا ووقف هذا الانجراف. يجب على المجلس الأعلى للحسابات التدقيق في هذه الصفقات؛ ويتم أيضا الفحص عن كثب مخرجاتها، ومدى توافقها وفائدتها.

وسيخضع البعض للمحاسبة!

*عمر الذهبي
انتقل إلى أعلى