يقرأ حاليا
العلاج البيئي.. عندما يتم اللجوء إلى الطبيعة للعناية بالصحة
FR

العلاج البيئي.. عندما يتم اللجوء إلى الطبيعة للعناية بالصحة

يمنح فصل الربيع إحساسا بالسكينة والهدوء، ففيه تكتسي الطبيعة رداءها الأخضر وتتفتح الأزهار وتنتشر رائحة الورود، مما يحفز الأشخاص الذين يعانون من بعض الأمراض، ولاسيما النفسية، على قضاء لحظات ممتعة بين أحضان الطبيعة.

وقد أظهرت العديد من الدراسات والأبحاث العلمية، فوائد التمارين الرياضية واللحظات التي يقضيها الإنسان في أحضان الطبيعة ، فللاتصال المباشر بالأرض والهواء والأشجار مزايا عديدة، من بينها المساعدة على حل المشاكل بطرق مبتكرة وتقوية التركيز وتحفيز الذكاء، إضافة إلى العديد من الأمور الإيجابية الأخرى.

وفي هذا الصدد، توقفت دراسة دنماركية، أجريت سنة 2019 على ما يقرب من مليون شخص، عند العلاقة بين التعرض للطبيعة أثناء الطفولة وبداية ظهور الاضطرابات النفسية عند البعض ، حيث أكدت نتيجة الدراسة أن الأطفال الذين ينشأون في وسط حضري تزيد لديهم مخاطر الإصابة بمثل هذه الإصابات بنسبة 55 في المائة. ومن جهة أخرى، أكدت أبحاث نشرت في 2017 في المجلة الدولية للأبحاث البيئية والصحة العامة، أن قضاء الوقت محاطا بالأشجار يقلل من معدل ضربات القلب وضغط الدم ويخفض الهرمونات المرتبطة بالتوتر والكورتيزول والأدرينالين. كما سجل الباحثون أن التنزه في الغابة يقلل بشكل كبير من القلق والاكتئاب والغضب والتعب، ويحسن في المقابل المزاج.

وتم اختبار هذا الارتباط بين الإنسان والطبيعة في العلاجات التي يقترحها العلاج البيئي، حيث يتم اللجوء إلى الطبيعة للعناية بالصحة. وفي هذا الإطار ، أوضحت الباحثة والمتخصصة في العلاج البيئي، ماري لارشي إصامي، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن “إعادة الاتصال بالطبيعة ليست أمرا ضروريا فحسب للحفاظ على العالم المادي (الموائل والحيوانات والنباتات والمناظر الطبيعية)، بل أيضا لتحقيق الرفاه والعناية بالصحة”.

وأضافت هذه الباحثة أن العلاج البيئي، المعروف أيضا باسم العلاج القائم على الطبيعة، يتمثل في استخدام تفاعلنا مع هذه الأخيرة في إطار مسلسل علاجي يتوخى تحسين الصحة النفسية والراحة الجسدية للأشخاص.

إقرأ أيضا

وبعدما توقفت عند نموذج العلاج بالغابة، حذرت المتخصصة في العلاج البيئي من اصطحاب الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب أو القلق الشديد للعلاج في الغابات، حيث تكون الإضاءة أقل من 50 في المائة وتكون الأشجار بالنسبة لكل متر مربع كثيفة جدا. وأضافت أنه لهذا السبب، يجب أن يكون الممارس للعلاج البيئي على دراية بمحيط اشتغاله من أجل التكيف بشكل أفضل خلال حصة العلاج، وأيضا لمنح الإحساس بالأمان للشخص الذي لم يعتد على التردد على مثل هذه الأوساط.

وأوضحت أن هذا الأمر يعتمد على المكان الذي نعيش فيه: إذا كان حضريا، فقد ثبت أنه لكي تشجع المساحات الخضراء الناس على زيارتها ويكون لها تأثير إيجابي على صحتهم، يجب أن تكون على بعد 300 متر من مسكنهم، وحثت بهذا الشأن على ضرورة بذل مجهود كبير على مستوى التهيئة الحضرية لتحقيق أقصى قدر من الاستفادة من هذه المساحات من طرف السكان. وخلصت الباحثة إلى أن فوائد العلاج البيئي متعددة، فالطبيعة تمكننا من رفع مستوى تقدير الذات وخفض الحالة المزاجية السلبية (كالضغط والتوتر والغضب والسلوك العدواني والتعب والارتباك) وتحسين الوظائف المعرفية (التركيز والذاكرة …)، مبرزة في الوقت نفسه أن بعض الأشخاص يتجاوبون أكثر من غيرهم مع العلاج البيئي.

انتقل إلى أعلى