يقرأ حاليا
موقف إسبانيا من الصحراء.. إذابة الخلافات بين مدريد والرباط وتغير في مجريات القضية
FR

موقف إسبانيا من الصحراء.. إذابة الخلافات بين مدريد والرباط وتغير في مجريات القضية

بعد أزمة دبلوماسية حادة بين المغرب وإسبانيا، وفي تطور لافت لمجريات العلاقات بينهما. أعربت المملكة الإسبانية، في رسالة بعثها رئيس حكومتها بيدرو سانشيز إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يوم أمس الجمعة، عن دعمها لمبادرة الحكم الذاتي، باعتباره “الحل الأكثر واقعية ومصداقية لتسوية الخلاف” حول الصحراء المغربية.

 

ليس هذا فقط بل إن الرئيس الايبيري، عبر عن عزمه للعمل جنبا إلى جنب مع المملكة المغربية، من أجل التصدي للتحديات المشتركة، والعمل في إطار روح التعاون الكامل وضمان الاستقرار والوحدة الترابية للبلدين. 

بدورها أكدت وزارة الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج عن تثمينها للموقف الإيجابي والالتزامات البناءة لإسبانيا تجاه قضية الصحراء المغربية. 

خطوة تاريخية غير مسبوقة تدشن تاريخا جديدا من العلاقات المغربية الإسبانية، وتطوي صفحة الخلاف الذي اندلع عقب دخول زعيم الجبهة الانفصالية البوليساريو إبراهيم غالي إلى الأراضي الإسبانية في 18 أبريل 2021 بوثائق مزورة. 

وبالتالي هل ستعرف العلاقات بين المملكتين دينامية جديدة وعودة في العلاقات بشكل طبيعي؟ وكيف يمكن أن تغير هذه الخطوة مجريات قضية الصحراء المغربية وتعزيز موقف المغرب في الساحة الدولية من أجل الدفاع عن وحدته الترابية؟ 

اعتراف ضمني

في هذا السياق أكد تاج الدين الحسيني خبير العلاقات الدولية أن الموقف الإسباني هو على طريق الاعتراف بمغربية الصحراء فعندما تصرح دولة على رأس حكومتها بأن مقترح الحكم الذاتي يتمتع بأكثر من المصداقية الجدية والواقعية فهي خطوة تذهب لأكثر مما نهجه مجلس الأمن بهذا الخصوص. 

“وفي اعتقادي، فهذا يشكل اعتراف وإقرار ضمني بأن الحل الوحيد الممكن لنزاع الصحراء هو مقترح الحكم الذاتي. وأكثر من ذلك فنفس الرسالة جاءت مشيدة بموقف المغرب داخل  الأمم المتحدة، وهو موقف يهدف إلى إرضاء كل الأطراف وتمكينهم من هذا الحل، وبالتالي عندما نضيف إلى هذه العبارات، عبارة وردت في آخر الرسالة وهي التي تقر بضمان الوحدة الترابية للدولتين فهذا يعني أن الوحدة الترابية كما تفهم هي ذلك الإقليم الممتد من طنجة إلى الكويرة. وهو إقرار ضمني لحق المغرب في ضمان وحدته الترابية داخل الإقليم وفي إطار الحكم الذاتي”، يقول تاج الدين.

بدوره شدد المحلل السياسي، حسن بلوان، في تصريح هاتفي لجريدة “نقاش21” على أن هذا القرار هو “اعتراف ضمني بمغربية الصحراء. وللتأكد من ذلك يجب الرجوع إلى بنود المقترح المغربي، أو المذكرة التي أرسلها المغرب للأمم المتحدة سنة 2007 والتي تتضمن المبادرة الأساسية لخطة الحكم الذاتي. والتي تقضي بإعطاء الأقاليم سلطة واسعة في إطار ما يسمى بالجهوية المتقدمة، والتمتع بالحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية”.

تعزيز الموقف المغربي

ومن جانبه أوضح أستاذ العلاقات الدولية، تاج الدين الحسيني، في تصريح لـ “نقاش21” على أن “إسبانيا ليست فقط المستعمر الأصلي للصحراء، لكن كذلك صارت مع المغرب في اتجاه تقرير المصير وضمان استكمال وحدته الترابية كطرفاية سنة 1959 ثم في سيدي افني 1969 بالإضافة إلى الصحراء المغربية سنة 1975 هذا التدرج مع المغرب في استكمال وحدته الترابية تكرسه إسبانيا الآن من خلال هذه الرسالة الصادرة عن رئيس الوزراء”. 

وأضاف المتدخل، أنه لا يجب أن ننسى بأن إسبانية عضو في مجموعة أصدقاء الصحراء، إلى جانب كل من فرنسا، أمريكا، وبريطانيا، والتي تضع مشاريع القرارات الخاصة بمجلس الأمن. وتكلف الولايات المتحدة الأمريكية بصياغتها وبالتالي فإننا اليوم بخصوص استكمال حلقة مهمة في الدول الرائدة داخل المجال الأوروبي  على اعتبار أن كل من ألمانيا وفرنسا وإسبانيا هم المفاتيح الحقيقية للاتحاد الأوروبي.

 وأكد أستاذ العلاقات الدولية، على أن المغرب حاصل على مركز عضو متقدم داخل الاتحاد الأوروبي ويشارك في المنتديات الديمقراطية والاقتصادية وغيرها من المنتديات، وأشادت الدول الثلاثة بمقترح الحكم الذاتي واعتبروه أكثر من واقعي وجدي هذا معناه أن كل الملتقيات في المستقبل سواء داخل مجلس الأمن أو أي حوار بين الشمال والجنوب سوف يتم فيه التركيز على تطبيق هذا الاقتراح وتنفيذه في المستقبل.

من جانبه أوضح، حسن بلوان على أن هذا الموقف “سيغير كثيرا في مجريات الأحداث، وأعتقد أن الموقف الإسباني يعتبر الآن من أهم المواقف بعد الولايات المتحدة الأمريكية. بالإضافة إلى أنها كانت تتبنى في ما مضى مواقف غير متوازنة فيما يتعلق بالصحراء وهو ما سيغير مجرى الأحداث خاصة وأنه جاء معاكس للجزائر رغم ضغطها على اسبانيا بورقة الغاز”.

إقرأ أيضا

وأردف المتكلم، في تصريحه لـ“نقاش21” على أن هذه الخطوة وبحكم العلاقات التي كانت متوتر، أثبتت أن المغرب لن يتنازل عن حقوقه فيما يتعلق بقضية الصحراء. فعندما تتراجع ألمانيا ودول كبرى عن عن موقفها الغامضة في مقابل تبنيها مواقف إيجابية هذا يعزز المكانة الدبلوماسية للمغرب على مستوى العالم.

كما أنه موقف مهم على اعتبار أن إسبانيا كانت تعرقل مجموعة من الخطوات لمجموعة من الدول في هذا الاتجاه وهنا نسترجع معارضة إسبانيا الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء “وأعتقد أن مجموعة من الدول التي كانت ترفض المطالب المشروعة و منحازة للفكر الانفصالي أصبحت الآن مع تغير موازين القوى سواء على المستوى العالمي أو الإقليمي وهذا يعزز من مكانة الدبلوماسية المغربية ومن مكانة المملكة”. 

ضخ دماء جديدة

وأضاف المتدخل عينه، على أنه من المتوقع أن تعرف العلاقات طفرة نوعية، رغم الملفات العالقة بين البلدين، إلا أن الموقف الاسباني الأخير سيساهم في تطبيع العلاقات بينهما. 

فرغم التوترات والأزمة بين المملكتين إلا أنهما حافظا على التعاون بينهما ولم تكن  قطيعة نهائية، بحكم حتمية التاريخ والجغرافيا والمصالح المشتركة. وأضاف المتحدث موضحا، “على وجود إشارات دالة على قرب انتهاء هذه الأزمة خاصة بعدما أعلن الملك محمد السادس سابقا عن انطلاق المفاوضات رغم صعوبتها. وأعتقد أن مستقبل العلاقات بين البلدين سيدخل فترة جديدة. والموقف الإسباني يعد تحول في العلاقات بين البلدين وهو مفتاح لحل جميع القضايا العالقة رغم حساسيتها لكن هنالك ملفات ستجد طريقها للحل كالهجرة والأمن وبعض الملفات الاقتصادية”. 

في نفس الاتجاه  شدد تاج الدين الحسيني عن وجوب تحديد أسس الاشتغال بين المغرب وإسبانيا من أجل تحديد الحدود البحرية، علاوة على مسائل مرتبط بقضايا الهجرة التي تمت الإشارة إليها في رسالة رئيس الحكومة. وهي خطوة لا يجب أن تكون أحادية الجانب.

 “فالمغرب محطة عبور نحو الشمال “أوروبا” ولكن لا يمكن أن نقابله بشكل دائم بأن يصبح منطقة للاستقرار. لكن في إطار شروط معينة ينبغي أن تتعاون فيها الدول الأوربية، ومن ضمنهم إسبانيا. فالمغرب لن يلعب فقط دور الدركي لحماية أوروبا، فالتعاون الأمني لا يجب أن يكون من جانب واحد. بل مبني على مبادئ معروفة في التعامل المغربي، وهي المعاملة بالمثل والاحترام والندية. وفي اعتقادي فهذه الوضعية تجد طريقها نحو التطبيق الفعلي، ولأن كل القرارات من طرف المملكة المغربية  جاءت نتيجة لسياسة صارمة متمسكة بالمبادئ الأساسية التي تدير علاقاتها مع بلدان الجوار ومع باقي أعضاء المجتمع الدولي”.

انتقل إلى أعلى