يقرأ حاليا
تحليل. صراع “الثبات” و”التعجرف”… الفرق الشاسع بين الخطاب الدبلوماسي المغربي والجزائري
FR

تحليل. صراع “الثبات” و”التعجرف”… الفرق الشاسع بين الخطاب الدبلوماسي المغربي والجزائري

على هامش الدورة 35 لقمة الاتحاد الأفريقي، التي انعقدت بأديس أبابا يوم الأحد المنصرم، لمباحثة ملفات إصلاح مؤسساتي للمنظمة، وتقييم مسار تقدم مشاريع أجندة “أفريقيا 2063″، وملفات الهجرة الغير النظامية. قام كل من وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، “ناصر بوريطة”، ووزير الخارجية الجزائري، “رمطان العمامرة”، بحوار مع قناة “فرانس24” و “إغ إف إ”، والذي من خلالها تم طرح مجموعة من القضايا التي تخص القارة الإفريقية.

اختلفت المواضيع واختلفت معها الأماكن فتغيرت لغة الخطاب، بين ما هو مباشر قائم على الحجة والبرهان وما هو مبالغ فيه، هدفه الأساسي تعظيم الدولة ورمزيتها.

لغة رصينة

في حوار لم تتجاوز مدته 12 دقيقة، وفي أحد أروقة منظمة الاتحاد الأفريقي بأديس أبابا، وبلغة دبلوماسية مزجت بين “الحزم والدقة”، تحدث وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة مع كل من قناة “فرانس 24” بالعربية والفرنسية وقناة “إغ إف إ”، عن أهم القضايا المطروحة على طاولة النقاش داخل المنظمة في دورتها 35. معتبرا أن المملكة تؤيد تطبيق نصوص منظمة الاتحاد الأفريقي، فيما يتعلق بمنح إسرائيل عضوية مراقب داخل الاتحاد. كما أوضح أن الرباط تدعم “السلطة الفلسطينية والفلسطينيين”.

وبعبارات دقيقة حاملة لدلالات عميقة شدد المتدخل على أن دول الاتحاد اليوم أصبحت تمتلك سلطة أخذ القرار وأنها ليست بحاجة لأي وصاية من طرف أي دولة. فكل دولة لها الحق في طرح مواقفها والتعبير عنها.

ستة دقائق تقريبا من عمر اللقاء كانت كافية للتعبير عن موقف المغرب فيما يتعلق ببعض القضايا الخاصة بالقارة السمراء بكل حياد وموضوعية، دون محاولة التدخل في شؤون أي دولة، أو إظهار مواقف وإعطاء انطباعات. فمضمون الحوار تميز بالحياد ودون المبالغة في لعب دور الفاعل الرئيسي داخل القارة.

وبلغة جسد “مريحة” رد وزير الخارجية المغربي عن قضايا تخص السياسة الخارجية للمملكة سواء مع الجارة الشرقية أو مع إسرائيل أو فيما يخص انعقاد القمة العربية بالجزائر مؤكدا في هذا السياق أن المغرب دائما ما يتماشى والقوانين الموضوعة من طرف الجامعة العربية كما أنه “لا يمكن تغيير القرارات والتواريخ حسب ما يتماشى مع رغبة أي دولة”. أما بالنسبة للعلاقات مع الجزائر فإن وزير الخارجية تجنب لغة التصعيد أو تبادل الاتهامات مبرزا أن الجزائر هي من اتجهت نحو خيار التصعيد، وموقف المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس واضح ومتمثل في تجنب الرد على ما تقوم به الأخيرة، مؤكدا أن بلاده فيما يخص قضية الصحراء المغربية تؤيد “الانخراط في مسلسل أممي في إطار الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية”.

مواقف وآراء

في مقابل هذا، وداخل حجرة كبيرة يتواجد بها العلم الجزائري رفقة صورة لرئيسها “عبد المجيد تبون” أدلى وزير الخارجية الجزائري بحوار لكل من قناة “فرانس24” و “إغ، إف،إ”. والملفت هو عدم استحضار علم الدولة الأثيوبية المحتضنة للحدث وعدم إعطائها أي “قيمة” وكأن الحوار يجرى فوق أرض جزائرية.

في حوار مدته 44 دقيقة، ولغة دبلوماسية يمكن استنشاق نفحة التعالي بداخلها، تطرق من خلالها العمامرة لمجموعة من الملفات السياسية. محاولا إبراز دور الجزائر في حلحلة الأزمة المالية، مؤكدا أن الحل في مالي لن يكون إلا وفق مقاربة جزائرية.

كلام تم تقديمه دون اعطاء ما يثبت ذلك فوزير الخارجية الجزائري خلال حديثه عن مالي اكتفى فقط بتكرار كلمة “نحن”، بغية إبراز مكانة الجزائر داخل القارة السمراء.

حوار خصص ما يقارب نصف حيزه الزمني للحديث عن العلاقات الفرنسية الجزائرية “15 دقيقة”، حيز زمني أكدت من خلاله الدبلوماسية الجزائرية عن أن العلاقات مع باريس “تمر لمرحلة تصاعدية”. وقت كان من الأرجح أن يتم تخصيصه للحديث عن مشاكل القارة، وما أصبحت تتخبط فيه من ويلات الهجرة وتوالي عمليات الانقلابات العسكرية في مجموعة من دول القارة. خاصة وأن اللقاء جاء خلال انعقاد الدورة 35 للإتحاد الإفريقي بالعاصمة الأثيوبية أديس أ بابا.

وبعبارات “عدوانية فضفاضة” ودون تقديم أي حجة، هاجم وزير الخارجية الجزائري، المملكة المغربية مدعيا أن المغرب يعرض المنطقة للخطر من خلال جعل اسرائيل تلعب دورا بها، علاوة عن تأسفه على اعتراف الإدارة الأمريكية السابقة وعدم تراجع الإدارة الحالية عن قرار الاعتراف بمغربية الصحراء.

إقرأ أيضا

كما أكد خلال حواره أن القمة العربية التي كان من المقرر أن تنعقد بالجزائر في مارس المقبل ستنعقد هناك، لكن سيتم تأجيلها إلى 1 نوفمبر، دون إيلاء أي أهمية لقوانين الجامعة العربية التي حددت ضمن بنودها مارس شهرا لانعقاد القمة العربية، معلال ذلك بأن هذا التاريخ له رمزية خاصة سواء بالنسبة للجزائر أو الدول العربية. وبالتالي نهج سياسة عدم الاكتراث للقوانين الموضوعة من طرف ملوك وأمراء ورؤساء الدول العربية.

كما أن وزير الخارجية الجزائري لم يفوت فرصة اتهام رئيس المفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، “بسوء السلوك” لأنه قرر دون تشاور منح صفة مراقب لإسرائيل.

 

 

انتقل إلى أعلى