يقرأ حاليا
تحليل: الرباط ومدريد.. أزمة دبلوماسية تنتظر خطوات ملموسة من الطرف الإسباني
FR

تحليل: الرباط ومدريد.. أزمة دبلوماسية تنتظر خطوات ملموسة من الطرف الإسباني

عبرت اسبانيا صراحةً، عن رغبتها في طي الأزمة مع المغرب، مرددة على لسان مسؤوليها عبارة “بناء علاقة جديدة أكثر قوة في القرن الواحد والعشرين”. وجاء ذلك أولاً  في الخطاب الذي ألقاه العاهل الإسباني فيليبي السادس، إذ قال إن  “بلاده تريد المضي قدما جنبا إلى جنب مع المغرب، لتجسيد علاقة جديدة بين البلدين أكثر قوة و صلابة”.

 

ومن جهته، أكد رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، بدوره على نفس الخطاب الذي جاء لسان الملك فيليبي السادس خلال ندوة صحافية مشتركة جمعته مع المستشار الألماني أولاف شولتز، على “أهمية إعادة تحديد العلاقة القائمة مع المغرب على “أسس أكثر قوة ومتانة”، وقال: “أشاطر رئيس الدولة تصريحاته بشأن المغرب”.

وشدد العاهل الإسباني فيليبي، في خطاب ألقاه يوم أمس الاثنين، في حفل الاستقبال التقليدي للسلك الدبلوماسي المعتمد في إسبانيا حضره رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، ووزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون، خوسيه مانويل ألباريس، على أن إسبانيا ترغب في “إيجاد حلول للمشاكل التي تهم البلدين”.

وأكد ملك إسبانيا، أن “العلاقة مع المغرب لها طابع استراتيجي بالنسبة لإسبانيا بسبب تقارب العلاقات المتعددة وقوتها”.

وفي ظل هذه التصريحات من طرف الاسباني، أكد مجموعة من المتابعين للشأن السياسي، أن إسبانيا لم تلامس بعد النقطة الأهم بالنسبة للمغرب، ويتعلق الأمر بملف الصحراء المغربية، وذلك حسب ما جاء في خطاب جلالة الملك محمد السادس، بمناسبة المسيرة الخضراء، والذي وجه رسالة قوية إلى من سماهم “أصحاب المواقف الغامضة أو المزدوجة”، مفادها أن “المغرب لن يقوم معهم، بأي خطوة اقتصادية أو تجارية، لا تشمل الصحراء المغربية”.

 مؤشرات استمرار “الأزمة”

اعتبر محمد شقير الخبير في العلاقات الدولية، أن أول “مؤشر على عدم اقتناع المغرب بخطاب إسبانيا، واستمرار تداعيات الأزمة،  هو غياب غياب كريمة بنيعيش، سفيرة المملكة المغربية بالعاصمة الإيبيرية، في حفل حفل الاستقبال التقليدي للسفراء الأجانب المعتمدين بمدريد، من طرف الملك الإسباني فيليب السادس”.

وشدد شقير في حديثه مع “نقاش 21”، على أنه “من السابق لأوانه القول بعودة المياه الدبلوماسية بين الدولتين إلى مجاريها”، موضحا أنه “بخلاف ألمانيا التي عبرت عن موقفها من مبادرة الحكم الذاتي والاعتراف بالمغرب كقوة إقليمية بل وجهت دعوة للعاهل المغربي لزيارة ألمانيا فإن تصريحات كل من رئيس الحكومة الاسبانية وكذا خطاب العاهل الإسباني ما زالت لم تقنع السلطات المغربية”.

وأبرز شقير أن “المغرب ما زال ينتظر خطوات ملموسة من الطرف الإسباني بدل التصريحات”.

وحول الأسباب الكامنة وراء تغير الموقف الألماني، أشار شقير إلى “الضغوط الأمريكية وكذا الموقف الحاسم للمغرب جعل ألمانيا تعيد النظر من موقفها وسياستها تجاه المغرب، في انتظار أن تتبعها إسبانيا في هذا التوجه”.

الخلافات بين الرباط ومدريد جذرية

أكد حسن بلوان، المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية، أن “الخلافات بين المغرب واسبانيا عميقة وجذرية، تتعلق بقضايا مختلفة من الأمن والهجرة الى النمو الاقتصاد والتحركات الدبلوماسية، لكن الأكيد هو أن هناك “رغبة البلدان في طي صفحة الخلاف وتطبيع العلاقات بينهما وفق شروط وآليات جديدة”.

وأبرز بلوان في حديثه مع “نقاش 21”، أن “إسبانيا فهمت الدرس الدبلوماسي جيدا بعد استقبالها للمدعو إبراهيم غالي واستوعبت رد الفعل المغربي خصوصا فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية باعتبارها خطا أحمرا لجميع المغاربة. مشيرا  إلى أن “هناك مفاوضات عسيرة ومن أعلى المستويات هي التي تؤخر عودة العلاقات المغربية الاسبانية الى طبيعتها خاصة عندما نستحضر أنها تبنى على أسس وشروط جديدة”.

وأشار المتحدث ذاته، أن “اسبانيا في عجز اكثر، مع تحول المغرب إلى قوة إقليمية، وتعرف أن الاعتراف بهذا الواقع مسألة وقت فقط، لذلك سنشهد بعض المرونة في المواقف الاسبانية لإدراكها أن المغرب الآن يفاوض من موقع قوة”.

أصل النزاع

بدأت تتوتر العلاقة بين الجارتين، إثر دخول زعيم بوليساريو، إبراهيم غالي، إلى إسبانيا في 18  أبريل بعدما أقلته طائرة طبية تابعة للرئاسة الجزائرية، وبحوزته “جواز دبلوماسي”. ومن ثم أدخل غالي إلى مستشفى لوغرونيو (شمال إسبانيا) بحال حرجة.

وكان المغرب، “وزارة الخارجية”، قد أعربت عن “غضبها وطالبت بتحقيق شفاف حول ملابسات دخول غالي إلى إسبانيا، مؤكدة أن “زعيم بوليساريو دخل الأراضي الإسبانية وافدا من الجزائر “بوثائق مزورة، وبهوية منتحلة”.

وعرفت العلاقات المغربية الأوروبية حالة من التدهور بعد غض المغرب الطرف عن عبور عدد من المهاجرين إلى “داخل حدود الاتحاد”، في شهر ماي الماضي، على خلفية الأزمة التي اندلعت بين المغرب وإسبانيا بعد سماح هذه الأخيرة بدخول زعيم جبهة “البوليساريو” إبراهيم غالي إلى حدودها بجواز سفر مزور ودون إعلام المغرب بذلك.

انتقل إلى أعلى