يقرأ حاليا
أمية مستجدة.. نواب وليسوا موظفين حكومة وليست شركة
FR

أمية مستجدة.. نواب وليسوا موظفين حكومة وليست شركة

تتوالى هفوات وسقطات النواب البرلمانيين داخل المؤسسة التشريعية في كل مناسبة، إذ لا يكاد المغاربة ينسون زلة لسان نائب يوجه سؤالا للحكومة على طريقة الكلمات المتقاطعة، حتى تظهر نائبة في جلسة موالية تتحدث عن “السؤولات” التي كانت تقصد بها التسهيلات التي ستقدم للمستثمرين، ونائب آخر يغرق في ورقة السؤال دون أن يوضح فحواه.

 

ظاهرة وصفها البعض بالعادية، والتي لا تنزع عن نواب الأمة كفاءتهم وخبرتهم التقنية المفيدة للقطاعات التي يسيرونها، فيما اعتبرها البعض الآخر سبة في حق ممثلي الأمة الذين أفرزتهم صناديق اقتراع مغاربة وثقوا في خطاباتهم السياسية وتواصلهم الانتخابي قبل اطلاعهم على سيرهم الذاتية المهنية.

طالما اشتكى المغاربة من مستوى من يمثلهم تحت قبة البرلمان، ودائما ما كانت أمية البعض ومستويات البعض الآخر المتوسطة محط استنكار، ليضاف لكل هذا خلال هذه الولاية نوع جديد من “الأمية” سماها البعض “لعنة الهوية واللغة الأم” التي طالما خاصمتها نخبة لم تكن تجد فيها سوى “جعجعة لا طحين وراءها”.

نائب وليس موظف

في هذا السياق، قالت أسماء مهديوي، الباحثة في العلوم السياسية، إن هذه ظاهرة تنبه لوجود مشكل كبير في التواصل السياسي بين النواب والمواطنين، والجهل بمهمة البرلماني التي تتلخص في الترافع من أجل المواطنين، وهو ما يتطلب إيجاد اللغة التي يحددها القانون الداخلي للبرلمان والدستور المغربي، وهما العربية والأمازيغية.

وبخصوص الحديث عن معيار الكفاءة، قالت الباحثة في اتصال مع  “نقاش21”، إن “الكفاءة تتضمن بالتأكيد القدرة على التواصل السياسي وتملك تلك الأدوات من طرف النواب، ذلك أن البرلماني ليس بموظف يقوم بمهمة تقنية،  وإنما وظيفته تشريعية وترافعية، على مصالح المواطنين ومشاكلهم، لذلك ينبغي أن تكون له القدرة على اقتراح القوانين ومناقشتها، وهو ما يتطلب معرفة واطلاع على الواقع وإشكالياته، والتواصل مع المواطنين بلغتهم.

وأوضحت الباحثة أن هذا مشكل يعود أصله لطريقة اختيار المرشحين من طرف الأحزاب السياسية خلال فترة الانتخابات، وبالتالي فهي مسؤولية سياسية يتحملها الحزب وليس فقط النائب، مضيفة “الحزب مطالب بتزكية ممثلين يتواصلون مع المواطنين، من المفترض فيهم أنهم قاموا بحملة انتخابية ونزلوا إلى الشارع من أجل إقناع المواطنين”.

حكومة وليس شركة

انتقاد زلات النواب التي شهدت عليها عدسات وسائل الإعلام، لا يقدح في كفاءتهم وقدرتهم على تدبير ملفات القطاعات التي يدبرونها، تقول أسماء، غلا أن الأمر هنا لا يتعلق بشركة أو مؤسسة صناعية، وإنما بحكومة مهمتها ترتكز على ممارسة السياسة.

وقالت الباحثة “إن المغاربة كانوا يعانون بسبب عدم وصول اللغة الأمازيغية للبرلمان، وفئة واسعة من المواطنين لا يفهمون ما يقال داخل القبة، فإذا بنا اليوم أمام تحدي عدم إتقان اللغة العربية أيضا، فمن المطالبة بتنزيل اللغة الأمازيغية بمختلف الإدارات العمومية وتفعيلها داخل مؤسسات الدولة، انتقلنا إلى المطالبة بالتواصل بالعربية” مؤكدة أن “الإشكال ليس بسيطا، فالتواصل السياسي من أسس الكفاءة التي ينبغي التوفر عليها، ذلك أن ممثلو الأمة في كل النظم هم رجال سياسة بالأساس”.

إقرأ أيضا

وزادت المتحدثة، أنه على الفرق البرلمانية تحمل المسؤولية في هذا الشأن، والعمل على القيام بتكوينات للنواب في إطار التواصل السياسي، مبرزة أن هذا الحل سيكون مؤقتا، في انتظار البحث عن حل جدري ضمن قوانين الانتخابات المقبلة، وهو إقرار شرط إتقان اللغات الرسمية للبلاد، “فمن متطلبات احترام البلاد ومؤسسات الدولة، هو احترام لغتها”.

وأثار نشطاء سياسيون ومنتخبون هذا الموضوع عبر تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي، وأكد أعضاء وقواعد بعض الأحزاب السياسية المشكلة للأغلبية الحكومية، أن مسطرة الترشيح خلال الإستحقاقات الأخيرة شابها الكثير من الإختلالات، فيما تم إقصاء عدد من المناضلين والمناضلات الذين اعتادوا التواصل مع المواطنين في القرى والمداشير وداخل المدن، وتعرفوا على الإشكاليات التي يعانون منها، وخبروا لغة تواصلهم.

 

انتقل إلى أعلى