يقرأ حاليا
“بيغاسوس”.. مسلسل استهداف المملكة مازال مستمرا
FR

“بيغاسوس”.. مسلسل استهداف المملكة مازال مستمرا

حملة استهداف المؤسسات المغربية في جزء من الإعلام الفرنسي مازالت مستمرة. فبعد الفشل الذريع في إثبات تهمة استخدام برنامج “بيغاسوس”، لجأ البعض إلى اتهام سلطات الرباط باستهداف حرية الصحافة، لأنها لجأت إلى القضاء لرد الاعتبار لسمعتها. محاولة للهروب إلى الأمام، بعد استنكاف عن تقديم أدلة مادية، على الادعاءات التي تم ترويجها ضد المؤسسة الأمنية بالمغرب.

 

خلال صيف 2021 التي نودعها، كانت المملكة المغربية ومؤسساتها عرضة لحملة إعلامية دولية منسقة. جزء غير يسير من الصحافة الفرنسية كان منخرطا فيها بحماس منقطع النظير فيها. صحف ومواقع رقمية وإذاعات وقنوات ببلاد الأنوار، اتهمت في وقت موحد وبشكل منظم، سلطات الرباط باستخدام برنامج “بيغاسوس”، للتجسس على نشطاء داخل وخارج المغرب.

كرد فعل على المقالات المسيئة لمؤسسات الدولة المغربية، قرر المغرب توكيل المحامي أوليفييه باراتيلي من أجل رفع دعاوى قضائية ضد وسائل الإعلام المشار إليها بتهمة التشهير. نحن إذن هنا، إزاء سلوك حضاري، لا يسع المرء إلا التصفيق له والتفاعل معه بشكل إيجابي. دولة اتهمت مؤسساتها بالتجسس على أشخاص، تسعى إلى تبرئة ذمتها ورد الاعتبار لسمعتها التي حاول البعض المساس بها، وذلك عبر اللجوء إلى مؤسسة القضاء باعتبارها الحكم بين المتخاصمين.

وعوض استقبال الخطوة المغربية بصدر رحب، دشن البعض في بلاد فولتير منذ أسابيع، “حملة تضامنية”، مع روزا الموساوي الصحافية بجريدة L’Humanité الفرنسية، بحجة أنها تعرضت للاستهداف من طرف المغرب، وهو ما يثير الاستغراب والتعجب.

حاولنا البحث في بعض المقالات المنشورة عن تجليات هذا الاستهداف، فلم نجد سوى تبرما من انتصاف سلطات بلد شمال إفريقي أمام عدالة بلدها بحثا عن الحقيقة، بخصوص ما نشرته هي وجريدتها وزملاء صحافيين آخرين من اتهامات. أجد نفسي عاجزا عن استيعاب هذا الشكل المستحدث من أشكال الهروب إلى الأمام، والذي يصل إلى التدليس على الرأي العام.

وبدل أن تستعرض روزا الموساوي أدلتها المادية على الادعاءات، التي روجتها في صحيفتها، بخصوص تورط مزعوم للمغرب، فيما عرف بفضيحة “بيغاسوس”، قررت لعب دور الضحية وادعاء بطولة لا توجد إلا في مخيلتها. والحال أن ما وقع لا يحتاج نقاشا طويلا أو عميقا، وإنما إجابات عن نقط وأسئلة بسيطة، نوجزها في النقط التالية:

إقرأ أيضا

  • هل من حق المغرب اللجوء إلى القضاء الفرنسي باعتباره حكما، سعيا للإنصاف من حملة إعلامية منظمة استهدفته؟ الجواب الطبيعي في هذه الحالة هو نعم، إذن لماذا روزا الموساوي ورفاقها منزعجون من هذه الخطوة؟ ثم ومادام الشيء بالشيء يذكر، ألم تروج المعنية بالأمر دائما لمواقف سياسية متحاملة على بلادنا، خصوصا في ملف وحدتها الترابية؟ ألم تروج أيضا لأطروحات ميليشيات الانفصاليين بتندوف؟ فهل سبق للسلطات المغربية أن أبدت انتقادا بشكل رسمي لما كانت تخطه من مقالات بعيدة كل البعد عن المهنية والتوازن والموضوعية، كمعايير مطلوبة في الكتابة الصحافية الرصينة؟
  • بخصوص النقطة الثانية، وتتعلق بالجانب المهني للمقالات، التي نشرتها روزا الموساوي وزملاؤها ومدى استيفائها للقواعد المعمول بها في مجال الصحافة الاستقصائية. هنا يجدر بنا التذكير بما يجب أن يتوفر في التحقيق الصحافي من معايير، والتي نوجزها فيما يلي: 1. وضع الفرضية، 2. وضع محاور وأسئلةمتفرعة عن هذه الفرضية وتحديد مصادر بشرية وتوثيقية للإجابة عليها، 3. إثبات الفرضية التي سبق وضعها عبر تقاطع المصادر والشهادات وتحليل البيانات والأدلة وإنجاز الخبرات العلمية أو التقنية وغيرها.

عندما نطلع على ما ورد في مقالات روزا الموساوي وغيرها من الصحافيين الفرنسيين الذين اتهموا المغرب، لا نجد التزاما بالحد الأدنى من القواعد الصحافية المذكورة أعلاه، فالتحقيق الصحافي لا يكون مكتملا إلا بتقديم أدلة أو حجج لا غبار عليها تسند مخرجاته. وحتى نكون أكثر دقة، فإثبات ما ورد في جريدة الشيوعيين الفرنسيين وغيرها من وسائل الإعلام الفرنسية، يقتضي الإدلاء بحجج مادية، والتي تتجلى فيما يلي: خبرة تقنية لا غبار عليها تظهر أن مصدر تعرض مفترض لهواتف شخصيات معينة قادم من خوادم تابعة لمؤسسات رسمية مغربية، أو/و وثيقة تثبت تعاقدا موقعا بين الشركة مالكة تطبيق “بيغاسوس” وممثل عن الدولة المغربية.

لا حجج ما سبق ذكره تم تقديمه من طرف المعنيين بالأمر، وحتى نكون أكثر دقة في هذا الشأن فالصحافة الاستقصائية لا نمارسها عبر التسريبات ونشر الأحكام الجاهزة، وإنما انطلاقا من قواعد مهنية واضحة ونصها لا يحتاج اجتهادا، وهو ما لا يجدر بنا تقديم الدروس بشأنه للصحافة الفرنسية العريقة.

 

انتقل إلى أعلى