يقرأ حاليا
من الإستعمار إلى بنموسى.. مسار متقلب ومنظومة حائرة
FR

من الإستعمار إلى بنموسى.. مسار متقلب ومنظومة حائرة

منذ عهد الاستقلال لم يشهد المغرب تطورا على مستوى منظومته التعليمية واستقرارا، إذ توالت البرامج والاستراتيجيات التي رسمت للمدرسة المغربية شكلها وأهدافها دون تأثير واضح لا على مستوى التلاميذ وكفاياتهم ولا على وضعية الأطر التربوية، إشكال يقول شكيب بنموسى أنه يسعى لحله عن طريق تسقيف سن ولوج المهنة، والانتقاء وإعطاء الأولوية لتخصصات علوم التربية، فيما يؤكد نقابيون أن خطة بنموسى تسعى لتمكين القطاع الخاص وتمهيدا لانسحاب الدولة من التعليم.

 

الملاءمة

قال عبد الرزاق الإدريسي، الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم، في تصريح لـ”نقاش21″، أن قطاع التربية الوطنية كان يحقق نوعا من الملاءمة مع سوق الشغل، مقارنة مع باقي القطاعات، وإن لم تكن تصل إلى الدرجة المطلوبة بالنظر للحواجز المالية والميزانية المحدودة، وكان ذلك في بداية الستينات.

وكان المغرب يشهد انتشارا لمراكز تكوين المعلمين، في جميع الأقاليم، حيث كان يتخرج الأساتذة، بالإضافة إلى المدارس العليا للأستاذة، ومراكز تكوين المفتشين، ومراكز التوجيه والتخطيط التربوي.

هذه المراكز، يؤكد المتحدث، لعبت دورا مهما في مغربة وتكوين الأطر التعليمية، عكس ما كان في السابق، حيث كان يغلب على المدارس الأطر الفرنسية، الرومانيون، وعرب من دول أخرى، وظلوا في المغرب إلى غاية بداية الثمانينات.

الثمانينات

وخلال بداية الثمانينات، يضيف المسؤول النقابي، عملت الدولة ببرنامج “التقويم الهيكلي” الذي أدى إلى تراجع كبير في مؤسسات التكوين، بحيث أن المكونين في هذه المراكز أضحوا يعيشون العطالة، لأن الدولة لم تعد تكون إلى أن وصل المغرب لمرحلة الأساتذة العرضيين، حيث كانت الوزارة تأتي بحاملي الشهادات بدون تكوين.

وظلت الوزارة توظف بدون قانون وبشكل مباشر، وفي أوضاع مزرية، إذ لم يكن أجر الأستاذ يتعدى 1000 و1500 درهم، إلى حدود بداية التسعينات..

التسعينات

وفي مرحلة التسعينات عادت الدولة لتكوين الأطر التربوية في المراكز الجهوية مباشرة بعد الباكالوريا، حيث كان يدرس “الطلبة الأساتذة” لمدة أربع سنوات، وكان الطالب الأستاذ يحصل على منحة محترمة، وهو النموذج الذي اعتبره الإدريسي صالحا للنهوض بالمنظومة التربوية، “هذا نموذج يحتذى به وإذا كان غرض الحكومة الحالية إصلاح التعليم وتجويده فلابد من العودة إليه، لأنه يحفظ للجسم التربوي أدنى شروط الكرامة، بعيدا عن الهشاشة”.

مع مرور السنوات وقعت الوزارة في مرمى “ضغط الشارع” فأضحت توظف بشكل مباشر، بعد الضغط الذي مارسه حملة الشواهد في الشارع، والذي أدى بالوزارة إلى الدفع بهم إلى الفصول الدراسية بدون تكوين، “كساع إلى حرب بغير حسام”، يضيف الإدريسي.

وباستثناء بعض الأساتذة الذين استطاعوا أن يقوموا بتكوين ذاتي، وسعوا لأداء واجبهم كمدرسين، فالوضع بشكل عام لم يكن يبعث على الفخر ولم يكن يبشر بتكوين جيد داخل المدرسة العمومية.

خطة بنموسى

اعتبر الإدريسي أن ما جاءت به الحكومة اليوم من مستجدات لإصلاح المنظومة، ناقص ولا يستهدف الخلل البنيوي الذي يعاني منه القطاع، مؤكدا أن المشكل المطروح أن الفكرة التي تنطلق منها الحكومة هي فصل التكوين عن التوظيف لتفريخ عدد كبير من خريجي الكليات ليظل الخواص منتعشين بعد الإقبال عليهم بسبب عدم وجود أماكن شاغرة في الوظيفة العمومية. وزاد “إن همها هو خوصصة التعليم، وتشجيع القطاع الخاص، والمستثمرين، بحيث “نقدم لهم الأساتذة على حساب المالية العمومية، والمؤسسات التعليمية، وملاعب الرياضة الموجودة بالمؤسسات العمومية، بالإضافة إلى تفويت الأراضي، والتساهل في الضرائب، وغض الطرف عن قوانين الشغل، وترك حاملي الشهادات تحت تصرف الباطرون”، يقول المتحدث.

إقرأ أيضا

ودعم الإدريسي رأيه القائل بأن توجه الحكومة يخدم القطاع الخاص وليس المنظومة، بحديثه عن تقارير الدولة والوزارة، التي تضم دائما أمرين ثابتين، ويتعلق الأول بالحديث عن تمويل التعليم، “دائما ما يؤكد المسؤولون أنه لم يعد مقبولا أن تمول الدولة التعليم، من المالية العمومية، لأنه مكلف، وأنه يجب العمل على تنويع مصادر التمويل، وإدراج مساهمة الجماعات المحلية، والأسر والعائلات، بمعنى ضرب مجانية التعليم”.

ثم المسألة الثانية، يضيف الإدريسي “وهي التشكي والتباكي، لأننا لم نتجاوز بعد 15 بالمئة، على مستوى خوصصة التعليم”.

ودعا النقابي الحكومة والوزارة المعنية إلى الاعتناء بالمراكز الجهوية لمهن التربية، على مستوى الأساتذة المكونين، وهندسة التكوين، والتجهيزات، والمختبرات، مؤكدا أنها من يجب أن تستقبل حاملي الباكالوريا، وتقدم لهم منحة في المستوى، وتكوينا أكاديميا، وبيداغوجيا، وديداكتيكيا، بالإضافة إلى التداريب في المؤسسات التعليمية.

وأضاف الكاتب الوطني، أن الوزارة كمشغل هي من يجب أن تقوم بهذا التكوين عبر المراكز التابعة لها، لأنها من تعرف حاجياتها، أما إشكال القطاع الخاص، فيمكن حله بفرض ظروف تشغيل كريمة، وبإلزام المؤسسات الخاصة باحترام قانون الشغل على مستوى حقوق الشغيلة التعليمية.

 

انتقل إلى أعلى