يقرأ حاليا
دنيا باطما بأشكال مُختلفة.. “هوس الجمال” يوقع الفنانة في الفخ
FR

دنيا باطما بأشكال مُختلفة.. “هوس الجمال” يوقع الفنانة في الفخ

تصغير الأنف، والنفخ والبوتكس، وعملية رفع الحاجبين، وتقويم الأسنان وتبييضها، فضلا عن عمليات شفط الدهون، ونحت الخصر، ونفخ الخدين والشفتين… يتوالى البحث عن الجمال المثالي، والقوام الممشوق، داخل مُختلف عيادات التجميل، وتتنافس في ذلك مشاهير الوطن العربي، غير أنه مع كل خطوة للوصول إلى شكل جميل، المسافة تزيد للوصول إلى نتيجة أجمل.

 

تغيرت معايير الجمال وصفاته، فبات مهووسون به ينجرون خلف كافة التقنيات الجديدة، لتصحيح ما يرونه عيبا أمام مرآتهم الخاصة، في حين كانت العمليات التجميلية في بداية انطلاقها تنحصر على إصلاح الخلل الظاهر، وليس التشبه ببعض الشخصيات العامة أو اتباع موضة جمالية مُعينة.

“دنيا باطمة” واحدة من الفنانات المغربيات، التي وجدت لها موقعا طربيا، واسما فنيا بعيدا عن المُنافسات، لكنها كذلك إحدى المثيرات للجدل، في نسبة العمليات التجميلية التي خضعت إليها، إذ أنه بحسب متابعيها، “احتلت الرقم القياسي في عدد التغييرات التي قامت بها على مستوى ملامحها وجسمها، بالرغم من عدم وصولها للسن الثلاثين”، فباتت إثر ذلك أكثر المُتصدرات لجوجل ترند.

هوس الجمال يُلاحق باطما

باتت الفنانة المغربية، ابنة العائلة الفنية باطما، ونجمة إحدى برامج الكشف عن المواهب الطربية، تتعرض وابل من الانتقادات، وكثير من السُخرية، مع كل صورة تنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بسبب التغيير الملحوظ بملامح وجهها وشكلها بين كل صورة وأخرى؛ إذ لا يمر إلا أشهر قليلة، بين كل صورة والتي تليها، حتى تُفاجئ الجمهور بتغيير مُلاحظ في ملامحها.

وقال عدد من المتابعين، إن دُنيا باتت شبيهة بالإعلامية الكويتية حليمة بولند، ونبيلة عبيد، وعدد من الفنانات، اللواتي خضعن للكثير من عمليات التجميل، إلى درجة أضحى معها وجههن غريبا؛ في حين طالبها جُملة من المُتابعين بالتوقف عن الذهاب إلى عيادات أطباء التجميل، على الرغم من إنكار خضوعها لعمليات التجميل في إحدى المُقابلات التلفزيونية في شتنبر 2021، مشيرة إلى أن كل ما قامت به هو القليل من حقن الفيلتر والبوتكس.

وفي الوقت الذي حرصت فيه باطما على تعطيل خاصية تعليق المتابعين على حساباتها بمواقع التواصل الاجتماعي، لحماية نفسها من التعليقات والانتقادات الساخرة التي تنهال عليها بمُختلف اللهجات. قامت بنشر فيديو عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، عبرت فيه عن إعجابها بالفيلر الذي أجرته على ملامح وجهها، خاصة النتيجة التي ظهرت أسبوع واحد من جلسة الحقن.

وكانت باطما قد لفتت الأنظار خلال فيديو آخر تداولته في فترة حملها الثاني، بملامح مُتناسقة وبشرة صافية، أوضحت خلاله تخليها عن البوتوكس والفيلر من وجهها، وبالتالي ارتاحت بشرتها من إجراءات التجميل والإضاءة والمكياج الذين يساهمون بشكل كبير في الإضرار بالبشرة.

وما أن وضعت طفلتها الثانية، حتى عادت من جديد لزيارة غرف عمليات التجميل، وخضعت لجلسات حقن فيلر وبوتوكس. وفي مقطع فيديو آخر، أثنت باطما على مهنية الطبيب الذي قام لها بحن الفيلر، وبدوره كان الطبيب قد أشاد بقوة تحملها وصبرها قبل أن تحصل على الشكل النهائي بعد تعديلات هامة، طالت مناطق متفرقة بوجهها.

معايير الجمال اختلفت فاختفت

تغيرت الملامح الخلقية، فتشابهت الوجوه، لدرجة بات معها تحديد معايير للجمال شيء من ضرب الخيال، أما الأسباب فقد تعددت وتوالت، منذ أن ولجنا عصر الصورة تغيرت معايير الجمال، فبات شبيها للنساء المُتصدرات لغلاف المجلات النسائية وأجسام العارضات وجاذبية المشاهير، إذ أصبحت مُخيلة الشخص للجمال رهينة بالجمال التسويقي، فبات هوس يُلاحق النساء والرجال على حد سواء ويُكبد صاحبه أموالا طائلة، في حين أن النظرة تظل مهزوزة.

ويقول المُختصين في عمليات التجميل، إن المشاكل التي قد تؤدي إلى القيام بعملية تجميل، تتعلق بمشكلة صحية مثل الأنف الأعوج الذي قد يتسبب في ضيق تنفس، والجفون المطبقة والمترهلة التي قد تثقل العين وتؤثر في البصر، ويجب معرفة أين ومتى وكيف تقام هذه العمليات، إذ أن المُبالغة دوما ما تأتي بنتائج عكسية، أو سلبي.

في حين إن مُبررات اللجوء إلى التجميل باتت مُختلفة، بفعل التغييرات التي حصلت على الثقافة المُجتمعية، وتصدر أهمية المظهر لدى الكثيرين، فضلا عن داء “التنمر” الذي بات يُلاحق بعض الأشخاص؛ أصبح مثلا المُتقدمين في العمر، يخضعون لبعض عمليات التجميل للحفاظ على شباب ملامحهم ونضارة بشرتهم، وزيادة ثقتهم في أنفسهم وزيادة نسبة طاقتهم الإيجابية، وبالتالي تتضاعف إمكانية استمرارهم في المناصب التي يعملون فيها.

ويرى أحمد الكرعاني، اختصاصي في الأمراض النفسية والعقلية، أن لُجوء أشخاص كُثر إلى عمليات التجميل بدون وجود عيب حقيقي، أو تشوه حقيقي يكون بشكل كبير لدى الأشخاص الذين لديهم نظرة ناقصة لأنفسهم، فيشعر بأنه لا بد له من التوفر على معايير محددة لكي يكون جميلا، بمعنى أن يعيش حياته وفقا لما يريده الآخرون، كأن يرتدي ملابس لا تُناسبه ولكنها تُمثل آخر صيحات الموضة، أو يقتني هاتفا جديدا بمُجرد أنه حلم كافة المواطنين، وقد يلجئ إلى إغراق نفسه بالديون فقط لكي يُعجب به الناس.

“مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت أكثر في تكريس ثقافة لا تتوافق مع حقيقة الإنسان وقُدرته على العيش اليومي واقعيا”، يضيف الكرعاني في حديثه لـ”نقاش 21” مشيرا أنه “واقعيا لا يُمكننا الشعور بالفرح بشكل متواصل، والاعتناء بالذات بدون أي عيب يُذكر، وعيش الحياة المثالية، الحياة بها الصحة والمرض والغنى والفقر، وعدد كبير من التناقضات الطبيعية”.

حين يتحول الجمال إلى مرض نفسي

في عصر مواقع التواصل الاجتماعي، بات الجميع يُحاول لمس مقاييس الجمال، ويسعى للبحث الحثيث عن مواصفات المثالية، فبات من السهل مُلاحقة العيوب، فأضحى الاستسلام للتفكير بالتجميل من منطلق تطور الطب والحياة، ردا سريعا يُناسب طموحات الكثير من المشاهير، بما فيهم النساء والرجال على حد سواء، غير أن المُشكل الحقيقي بحسب المُختصين يكمن في هوس المُتابعين لتقليد المشاهير، مهما كلف الأمر الثمن

إقرأ أيضا

وتطور الوضع أكثر خاصة على تطبيق الانستغرام والسناب شات، حيث باتت جُل الفنانات وعارضات الأزياء، يشاطرن متابعينهم تفاصيل قيامهم بمختلف عمليات التجميل بشكل صريح وعلني، وبات المُتابعين يتعاملون باهتمام مع تطورات أشكالهن، ويترقبون ذهابهن لمختلف أخصائيين التجميل، كأن تقوم إحداهن مثلا بوضع صورة لها قبل البوتوكس وصورة بعده، وتشكر طبيبها وتتبع صورتها بجملة عن جمال الحياة وأهمية الاهتمام بالمظهر.


أما عن الأسباب التي تدفع الكثير من الناس إلى الذهاب نحو عيادات مُختلف أطباء التجميل، فتكمن بحسب اتصال لـ”نقاش 21″ بمركز الدكتور التازي المتخصص في الجراحات التجميلية وجراحات السمنة، إلى الرغبة في إصلاح عدم تناسق ملامح الوجه، أو تحسين ما يرونه بحاجة إلى ذلك، والبحث عن الجمال، فيتم تقليد المشاهير في الغالب عبر منتوجات رخيصة، فيقع الشخص في مشاكل أخرى، بعيدا عن الجمال المبحوث عنه.

وبحسب مجلة “باسيفيك ستاندرد” الأمريكية الخاصة بقضايا العدالة الاجتماعية والبيئية، فإن جُل النساء الراغبات في الخضوع إلى عمليات تجميلية، يخفى على بالها أن أغلب النساء اللواتي تظهرن على وسائل التواصل الاجتماعي أو الإعلانات أو في الأفلام والمُسلسلات يستعملن الكثير من مساحيق التجميل وتقنيات الإضاءة التي تجعل ظهورهن مميزا، فتُقارن نفسها بهن وتسعى إلى كافة الوسائل والطرق لكي تظهر مثلهن، ولو كلفها هذا الأمر المُخاطرة بملامح وجهها أو بحياتها.

وأشارت الدراسة ذاتها، أنه ليس كل امرأة تهتم بجمالها فهي مصابة بالهوس، لأن الوصول لهذه المرحلة له علامات، مثل إنفاق أموال كثيرة على الأناقة وعمليات التجميل، فضلا عن الوقوف الطويل أمام المرآة، والسعي لاستخدام أغلب تقنيات التجميل الجديدة، حتى لو كلفها الأمر جُملة من الأضرار المُتراكمة.

الجمال مرض يُلاحق الكثيرات

قال رينيه إنجلن، أستاذ علم النفس بجامعة وسترن البحثية الكندية، إن بحث المرأة المتواصل عن الجمال قد يقودها إلى المرض النفسي والهوس بالمظهر، وأن هناك حالة تُعرف علميا بـ”مرض الجمال”، وغالبا ما تتسبب في تفاقهما وسائل التواصل الاجتماعي، إذ أنه في هذه المنصات التواصلية تعرض الفنانات صورهن بشكل جذاب خالي من أي عيوب، الشيء الذي لا يحدث في الواقع.

وزاد أحمد الكرعاني، الأخصائي النفسي أن هناك “جُملة من التصرفات نجدها تُجهد الشخص نفسيا وترهقه، وتجعله يدخل في دوامة أمراض نفسية لا تنتهي، فقط لكي يحاول الخضوع لمعايير ما يطلبه المُجتمع، باحثا عن الشهرة، ورضى الآخرين” مؤكدا أنه حين يشعر الشخص بضعف الثقة في النفس فإن “العمليات التجميلية تُخفف قليلا من ألم الشعور النفسي بالنقص، وضعف الثقة، لكنها لا تُعالجه، إذ سرعان ما تجد الشخص الذي يخضع لعملية التجميل مرة واحدة، يُكرر ذات العملية مرارا، سعيا منه للأفضل”.

“المشاهير لهم عقل بشري، يتكيف مع المُتعة بشكل متواصل، فيبحث بشكل دقيق عن الجمال المثالي، وهو الشخص الذي يُسقطه في فخ هوس الجمال، وهو الشيء الذي حصل مع الفنانة دنيا باطما” يزيد المتحدث مؤكدا أنه “حين يُصبح الأمر مُكلفا ماديا، ومكلفا نفسيا ومعنويا، ويطمح الشخص بشكل مستمر للبحث عن الجمال يُصبح الأمر مرضا نفسيا، وحينها يجب على الشخص مراجعة أولويات الحياة وتحقيق التوازن”.

انتقل إلى أعلى