يقرأ حاليا
9 من كل 10 نساء تعرضن للعنف بشمال المغرب.. مشاكل اقتصادية وترسبات ثقافية ومجتمعية
FR

9 من كل 10 نساء تعرضن للعنف بشمال المغرب.. مشاكل اقتصادية وترسبات ثقافية ومجتمعية

في تقرير رسمي جديد، كشفت المندوبية السامية للتخطيط، المديرية الجهوية، عن معطيات خطيرة بخصوص تعرض النساء للعنف في جهة الشمال (طنجة-تطوان-الحسيمة)، بحيث أن حوالي 9 فتيات ونساء من بين كل 10 تعرضن لشكل واحد، على الأقل، من أشكال العنف خلال حياتهن شمال المغرب”.

 

وأشار تقرير حول “العنف ضد الفتيات والنساء بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة” إلى أن “هذه النسبة تعادل مليون و 219 ألف من بين مليون و 380 ألف فتاة وسيدة تتراوح أعمارهن بين 15 و 74 سنة، أي ما يمثل 88.3 في المائة، مقابل معدل وطني في حدود 82.6 في المائة.

وفي هذا السياق، أكد نورالدين عثمان، رئيس المكتب الإقليمي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بوزان، أن “المعطيات الواردة في هذا التقرير الصادر عن المندوبية السامية للتخطيط حول العنف ضد الفتيات والنساء في جهة طنجة تطوان الحسيمة، تبقى صادمة خصوصا للجسم الحقوقي والمدني بصفة عامة وتعتبر بمثابة دق لناقوس الخطر، الذي يجب أن تلتقطه الدولة والمجتمع في أسرع وقت ممكن، عبر إجراءات للحد من هذه الظاهرة المخفية”.

 وأوضح الحقوقي ذاته، في تصريح لـ”نقاش 21″، أن “الكل يعرف أن هناك عنف يمارس على هذه الفئة المعنية بالدراسة سواء تعلق الأمر بالعنف الأسري أو المنزلي أو في أماكن العمل، لكن أعتقد أن لا أحد كان يعتقد أن العنف ضد الفتيات والنساء بلغ مستويات خطيرة، حسب ما تدل عليه الأرقام الواردة في التقرير”.

ومن جهتها، اعتبرت سعيدة الزين أستاذة، وباحثة في السوسيولوجيا، في حديثها مع “نقاش21″، أن “الأرقام التي أفرجت عنها المديرية الجهوية للمندوبية السامية للتخطيط في هذا التقرير، قريبة من “واقع العنف ضد المرأة في العالم العربي، حيث تصل النسبة في مصر مثلا الى 92%، وهذا الواقع يدل أن العنف ضد المرأة هو ظاهرة  ليست لصيقة بالمجتمع المغربي فقط، بل ظاهرة  قارية وعالمية الأمر الذي أشارت له منظمة الصحة العالمية، التي أكدت أن امرأة من أصل 3 تعرضن للعنف خلال حياتهن ما بين سن 15و 49 سنة.

العنف أدى إلى ارتفاع نسب الانتحار

وسجل التقرير أنه بالوسط الحضري، سجلت نسب أعلى قليلا (90.8 في المائة مقابل 83.1 في المائة على الصعيد الوطني) من المعدلات المسجلة بالوسط القروي (83.9 في المائة مقابل 81.6 في المائة على الصعيد الوطني) لافتا إلى أن العنف النفسي يبقى الأكثر انتشارا (83.2 في المائة) مقارنة بالعنف الجسدي (38.6 في المائة) والعنف الجنسي (29.9 في المائة).

وخلال الأشهر الـ 12 التي سبقت إنجاز البحث، تعرضت 849 ألف فتاة وامرأة بجهة طنجة تطوان الحسيمة (61.5 في المائة مقارنة ب 57.1 في المائة وطنيا) إلى تصرف عنيف مهما كان شكله، بينما تعتبر النساء في الوسط الحضري (589 ألف سيدة / 66.5 في المائة) أكثر عرضة للعنف من نساء الوسط القروي (260 ألف سيدة / 52.6 في المائة).

 “اليوم نحن أمام ظاهرة خطيرة، يوضح الحقوقي عثمان “تنامت في المجتمع خصوصا في جهة الشمال في غفلة من الجميع، وهذا يدل على فشل ذريع سواء تعلق الأمر بالدولة أو منظمات المجتمع المدني المعنية بمعالجة ومحاربة هذه الظاهرة التي تؤدي في النهاية إلى بث الشك والريبة بين أفراد المجتمع الأمر الذي ينتج عنه الكثير من المآسي والأمراض الاجتماعية”.

وأوضح الحقوقي بجهة الشمال، أن “العنف الذي وصل إلى هذه الدرجة المخيفة في جهة الشمال له علاقة مباشرة بالارتفاع المطرد في عدد المنتحرين، حيث تسجل الجهة أعلى نسبة من المنتحرين في المغرب خصوصا في فئة النساء”.

وحول الأسباب الكامنة وراء ارتفاع ظاهرة العنف بالشمال، أبرز أن “الجانب الاقتصادي له دور مهم في ارتفاع حالات العنف، وهو ما يفسر تنامي الظاهرة وسط العالم القروي كما الحضري، لهذا وجب على الدولة والمجتمع العمل سويا من أجل برامج اقتصادية واجتماعية آنية للحد من هذه الظاهرة المخفية التي تنخر المجتمع المغربي خصوصا في جهة الشمال” يقول الحقوقي بالشمال”.

كما تكرر نمط توزيع أشكال العنف خلال مسار حياة النساء مع نتائج الأشهر 12 قبل إجراء هذا البحث، حيث أبانت عن أن العنف النفسي يبقى الأكثر شيوعا (719 ألف حالة / 52.1 في المائة)، مع ارتفاع نسبي في الوسط الحضري (56.2 في المائة) مقارنة بالوسط القروي (44.7 في المائة).

 خَلفية ثقافية واجتماعية

أشارت سعيدة الزين الباحثة في علم الاجتماع، أن “العنف الموجه للمرأة  داخل مؤسسة الزوجية أو الأسرة، الشارع  أو المدرسة؛ حاضر بقوة في المجال الحضري، كما هو الحال في المجال القروي،  حيث أن العنف واحد مهما اختلف السياق الجغرافي لأن البنيات الثقافية وتصور المرأة هو تمثل منمط بشكل موحد؛ هذا التشابه بين المجالين توضحه الأرقام. بحيث تشكل نسبة التعرض للعنف داخل المجال الحضري 90.8%  مقابل 83.1% داخل المجال القروي”.

“هذا العنف الموجه بالأساس إلى المرأة له خلفية ثقافية راجعة للتربية وطبيعة تصور المرأة كجنس أضعف من الذكور، تضيف الزين مبرزة أن “المرأة يجب أن تتقبل العنف باعتبارها مسألة عادية خاصة لو كان رمزي أو مادي؛ داخل المجتمع من المظاهر العادية أن يعنف الأخ الأخت بذريعة أنه رجل أو أن يضرب الزوج زوجته لأنه رجل العائلة والمعيل واحيانا حتى الفهم الخاطئ للمرجعية الدينية مثلا مفهوم “القوامة” أو الحديث ” اضربوهن” الفهم المغلوط للدين والتدين عامل بيت بين عوامل أخرى”.

تجدر الإشارة أن العنف الموجه للمرأة  داخل مؤسسة الزوجية أو الأسرة، الشارع  أو المدرسة؛ حاضر بقوة في المجال الحضري كما هو الحال في المجال القروي  حيث أن العنف واحد مهما اختلف السياق الجغرافي لأن البنيات الثقافية وتصور المرأة هو تمثل منمط بشكل موحد؛ هذا التشابه بين المجالين توضحه الأرقام. بحيث تشكل نسبة التعرض للعنف داخل المجال الحضري 90.8%  مقابل 83.1% داخل المجال الحضري.

وكشفت الاحصائيات، أن نسبة  العنف النفسي 83.2% مقابل  38.6 % للعنف الجسدي، وهو ما فسرته الباحثة السوسيولوجية، بكون “ثقافة اللاعنف ضد المرأة غائبة، موضحة أنه “الملاحظ اجتماعياً ان المرأة اليوم ترفض العنف الجسدي، وقد لا تتسامح مع مرتكبه لحظة حدوثه بفضل الصحوة الحقوقية والمسطرة القانونية (مدونة الاسرة) وعمل مجتمع مدني، مستدركة “لكن هنالك عنف اخر قد لا يتم الإفصاح عنه وهو العنف الجنسي الذي من الممكن أن يكون حاضرا بين الأزواج وأو بين الشركاء الجنسيين”.

“إن هذا العنف الممارس بكل أنواعه خاضع لمبدأ الهيمنة الذكورية على المرأة  وإخضاعها. خصوصا من الناحية الاقتصادية التي شكل فيها العنف الاقتصادي 16.1%”، العنف بنية ثقافية وتربية أيضا لعبت التنشئة الاجتماعية دورا في ترسيخه وتغيير أشكاله”.

انتقل إلى أعلى