يقرأ حاليا
بلوان: الجزائر تقود المنطقة المغاربية للمجهول.. والمغرب لا يريد الحرب ويفضل الصمت (حوار)
FR

بلوان: الجزائر تقود المنطقة المغاربية للمجهول.. والمغرب لا يريد الحرب ويفضل الصمت (حوار)

لا يزال النظام العسكري الجزائري مُستمرا في حملته الدعائية المُعادية للمملكة المغربية، وبثه لاتهامات مُستمرة توصف بـ”الواهية وغير المنطقية”، خاصة في الفترة الأخيرة سواء بتحميل الرباط مسؤولية الحرائق المندلعة في غابات “تيزي وزو”، أو بعدم تجديد عقد توريد الغاز إلى إسبانيا عبر الأنبوب المار من التراب المغربي، أو باتهام الجيش المغربي بقصف الشاحنتين.

وفي المُقابل، يظل المغرب مُتمسكا بلغة الحوار وسياسة ضبط النفس بشأن تلك الاتهامات، الشيء الذي أكده مصدر مسؤول لوكالة “فرانس بريس”، أول أمس الأربعاء 3 نوفمبر الجاري، أن المغرب “لن ينجرّ إلى الحرب ولن ينساق وراء تلك الاتهامات والاستفزازات”.

ولمعرفة خلفيات الاتهامات الجزائرية المُستمرة للمغرب، تحاور “نقاش 21” المتخصص في العلاقات الدولية والصحراء المغربية، حسن بلوان، لتفكيك الأهداف الجزائرية من عدائها العلني للمملكة المغربية، وأبرز السيناريوهات المُرتقبة.

1. كيف يمكن وصف مجريات الأحداث الجارية بين المغرب والجزائر؟

لا يمكن وصف الأحداث الجارية في العلاقة بين المغرب والجزائر إلا في إطار الجمود والقطيعة، خاصة بعد التصعيد المُمنهج الذي تنهجه السلطات الجزائرية ضد المملكة المغربية في إطار هجمات واستفزازات منسقة ومستمرة من أعلى المستويات، ولم تُحقق أهدافها لجر المغرب نحو المواجهة المباشرة. بدءاً بقطع العلاقات مُرورا بحظر الأجواء وصولا إلى عدم التجديد لاتفاقية الغاز.

وقد زاد اتهام الرئاسة الجزائرية للمغرب بمقتل ثلاثة جزائريين من حدة التوتر بين البلدين، خاصة أن لُغة البيان الرئاسي الجزائري كانت سافرة ومليئة بالتهديد والوعيد، منافية لجميع الأعراف الدبلوماسية والعلاقات بين الدول.

إن هذه الاتهامات خطيرة وتداعياتها على البلدين والمنطقة أكثر خطورة، إذ أنها لم تتأسس على دلائل مقنعة ولا حجج منطقية، خصوصا بعد نفي الجيش الموريتاني وقوع أي هجمات على الأراضي الموريتانية، ونفي المينورسو تسجيل أي مُواجهات في “المنطقة العازلة”، مما يدحض الرواية الجزائرية المُتهالكة، ويؤكد تهافتها ويفضح النوايا الخبيثة للنظام العسكري الجزائري الذي يقامر بالمنطقة المغاربية ويقودها نحو المجهول.

2. قال وزير الخارجية الإسباني؛ خوسي مانويل الباريس، إن “إسبانيا ستعمل على تفادي التصعيد بين الجزائر والمغرب، الشريكين الاستراتيجيين لإسبانيا”، ما دلالة هذا الموقف؟

استنفد النظام الجزائري جميع أوراقه بعد قرار قطع العلاقات الأحادي، ولم يبق إلا الدخول في اتهامات مجانية ضد المغرب، وصلت حد المقامرة بأرواح الجزائريين من أجل جر المغرب نحو الحرب والمواجهة، لكن المملكة المغربية كقوة هادئة لا يمكن أن تنجر نحو هذه المواجهات الإعلامية، وقد أوجع الصمت المغربي نظام العسكر أكثر، كما أحرجه أمام المنظم الدولي، الذي اكتشف ألاعيبه وفضح سياسته القديمة الماضوية التي تعود إلى عهود الحرب الباردة.

وعليه فالقوى الدولية والإقليمية تُراقب الوضع بين البلدين عن كثب، وفي هذا السياق يأتي إقرار وزير الخارجية الإسباني خوسي مانويل بجهود بلاده للحفاظ على السّلم وتفادي التصعيد بين المغرب والجزائر باعتبارهما شريكين لإسبانيا وأوربا.

هذا التصريح الاسباني يُحيلنا إلى نقطة أساسية وهي عدم سماح دول أوربا المؤثرة بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية بصراع جديد يمكن أن ينفجر في المنطقة التي لا تتحمل المزيد من الاضطرابات، رغم اقتناعها بتهافت الرواية الجزائرية، واعترافها بأن المغرب لا يريد التصعيد ويلتزم بأقصى درجات ضبط النفس .

3. طيب، هل يُمكن القول إن الجزائر تحاول خلق عدو خارجي لعجزها التام عن التفاعل مع مطالب الحراك الشعبي الداخلية؟

مع توالي الهجمات والاتهامات والاستفزازات الجزائرية ضد المغرب، يطرح السؤال ماذا تريد الجزائر وإلى أين تريد أن تصل؟

للإجابة على هذا السؤال يمكن أن نستحضر معطيين أساسيين:

– الفشل الذريع الذي تحصده الجزائر داخليا وخارجيا، خاصة مع تفاقم الأوضاع الداخلية الناجمة عن الاحتقان والسخط الشعبي العام ضد الطغمة الحاكمة، وبالتالي لابد من البحث عن عدو خارجي للتهدئة والإلهاء والتخويف، وهذا ما يترجم عقيدة العداء المرضي للنظام العسكري اتجاه المغرب.

– النجاحات والاختراقات الباهرة التي حققها المغرب في قضية الصحراء منذ عملية الكركارات النوعية مرورا باعتراف مجموعة من الدول بسيادته على أقاليمه الجنوبية وتفهم قرارات مجلس الأمن لمطالب المغرب المشروعة زد على ذلك التفوق العسكري النوعي المغربي الذي قلب موازين القوى في الصراع المفتعل، كل هذه الأمور وغيرها تثير حفيظة النظام العسكري في الجزائر الذي يبذر المليارات على عصابات البوليساريو الإرهابية دون أن تحقق مشروعه الانفصالي رغم مرور أكثر من أربعة عقود.

4. حسنا، بحسب تخصصكم في العلاقات بين المغرب والجزائر، ما هي أبرز السيناريوهات القادمة المُنتظرة؟

أعتقد أن طول النزاع وتشعب تفاعلاته الدولية والإقليمية أكسب المغرب تجربة عسكرية ودبلوماسية قلبت جميع الموازين، المغرب الآن يأخذ بزمام المبادرة سياسيا ودبلوماسيا وعسكريا، وتنامي ردود الفعل الصبيانية الجزائرية بهذا المستوى الهستيري تؤكد أن المغرب اقترب من حسم الملف المفتعل لصالحه لمجموعة من المؤشرات التي سبق ذكرها.

لكن رغم ذلك لا يمكن توقع تصرفات نظام عسكري شمولي مقامر يمكن أن يحرق الأخضر واليابس مقابل بقائه في السلطة والاستحواذ على خيرات الشعب الجزائري.

ورغم ذلك من المستبعد الدخول في حرب مفتوحة ومباشرة بين البلدين، لأنه ليس من مصلحتهما ذلك، كما أن القوى الإقليمية والدولية لا يمكن أن تسمح ببؤرة صراع جديدة على مرمى حجر من أوربا التي تعيش أزمة الطاقة إلى جانب أزمات اقتصادية أخرى.

لكن في نفس الوقت أعتقد أن استمرار النجاحات المغربية من جهة وتجدد الاحتجاجات على الطغمة الحاكمة في الجزائر ستدفع العسكر الجزائري الحاكم إلى تسخين الجبهة في الصحراء المغربية، وذلك بخوض حرب بالوكالة تكون عناصر الجبهة الانفصالية المتفككة في الواجهة لكن بأسلحة تكتيك وإشراف مباشر من الجيش الجزائري الذي كثف من مناوراته الحدودية واستفزازاته واتهاماته المجانية.

المغرب لا يريد الحرب ولا يسعى إليها ويفضل الصمت وعدم الرد على المهاترات الإعلامية للرئيس الجزائري ورئيس الأركان، لكنه يرد في الميدان تنمية وبنية تحتية وبناء للمؤسسات الدستورية القوية، والأهم من ذلك تطوير ترسانته العسكرية والدفاع عن وحدته الترابية المقدسة.

انتقل إلى أعلى