يقرأ حاليا
أكادير.. “السياحة كلات العصا ولا أحد يسألك عن جواز التلقيح”
FR

أكادير.. “السياحة كلات العصا ولا أحد يسألك عن جواز التلقيح”

“البشر هنا تقهر من كورونا، والسياحة كلات العصا مزيان، ولكن باقي الأمل حي فينا” بابتسامة باهتة وأيادي مُرتعشة، انطلق صاحب محل “بازار” صغير لبيع المنتوجات المحلية التي كان يتهافت السُيَّاح لاقتنائها فيما قبل، متحدثا عن النقص الحاد في نسبة المبيعات، في كل من محله وباقي المحلات المُجاورة له، في سوق الأحد، الذي يُعد من أشهر الأسواق الكبرى المعروفة في مدينة أكادير.

 

وكان الزُوار يتوافدون من كل حدب وصوب، على زيارة سوق الأحد، الكائن على مدخل باب الحصير، غير أنه بعد تفشي فيروس كورونا، تم تسجيل نقص حاد في عدد الزوار بشكل ملحوظ، فبات الأجانب القادمين من فرنسا وألمانيا والصين من العملة النادرة، أما السُياح المحليين فكذلك تراجع عددهم، وباتت نسبة مُقتنياتهم قليلة، إذ أن الأزمة لاحت بشراعها على جُل المغاربة.

“طرف الخبز مرهون بالزوار”

أول ما تطأ رِجلك المحطة الطرقية لمدينة أكادير، تُلاحظ قلة الوافدين إلى المدينة، فتشعُر لوهلة من الزمن أنك غريب، قبل أن تكتشف قلة من السُياح الأجانب الهائمين في جولاتهم الاستكشافية للمدينة السياحية القابعة على شاطئ المحيط الأطلسي بالقرب من جبال الأطلسي، والتي تُعد واحدة من أكبر المدن بالمملكة.

وفي الكورنيش، أو كما يُسميه أهل المدينة “لاكوط” المُمتد على طول شاطئ أكادير، المُهيأ لاستقبال زواره من السكان المحليين والأجانب، إذ به عدد كبير من المقاهي والمطاعم والمتاجر، تلاحظ الفراغ، قليلون هم الجالسون على المقاهي، والأقل منهم الأجانب المُمارسين لرياضة المشي على جنبات البحر.

ويرى عثمان، واحد من ساكنة المدينة، أن مدينة أكادير بعد أزمة فيروس كورونا، تغيرت كثيرا، مشيرا في حديثه لـ”نقاش 21″ أن “أكادير تُعد واحدة من أهم الوجهات السياحية بالمغرب، وبها جُملة من المعالم السياحية والمنتجعات والشواطئ النظيفة والمنتزهات، لكن كل شيء بات شبه ميت، إذ الحياة هنا مرهونة بحركة الزوار، أجانب أو محليين لا يهم، المُهم أن ساكنة أكادير كتاكل طرف الخبز مع البراني، وحين خفت الزيارات بات الخُبز قليلا”، وعمد المُتحدث على استعمال كلمة “طرف الخبز” في إشارة منه إلى المدخول المادي.

“قصبة أغادير أوفلا التي تتربع على قمة الجبل وحديقة أولهاو وغيرها الكثير، كل هذه الأماكن كلات العصا، وكل واحدة بها العشرات من الأسر التي تدعوا الله صباح مساء، أن تعود الحياة إلى طبيعتها، وتنتعش السياحة بشكل مُماثل لما كانت عليه المدينة فيما قبل” يضيف المتحدث ذاته، مُشيرا إلى الكساد الذي تعيشه المدينة.

جواز التلقيح.. ولكن !

في مدينة أكادير، حيثُ يقتات السُكان المحليين على المداخيل الناتجة من السياحة، لا أحد يسألك عن جواز التلقيح، باستثناء الفنادق، تطلب منك إرساله نحو البريد الالكتروني المُخصص لذلك، إذ أنها لا تتوفر بعد عن القارئ الآلي، الشيء الذي يُثير حفيظة عدد من الوافدين.

ويقول عامل في فُندق من تصنيف أربعة نجوم، في قلب مدينة أكادير، رفض الكشف عن اسمه، “في الأشهر القليلة الماضية مسَّنا القليل من الفرح والأمل، بعدما انتعشت السياحة قليلا، بعد رفع الحجر الصحي، وحلول فصل الصيف، فقلنا إن الأمر بات لا بأس به، وانتعشت السياحة، غير أنه سُرعان ما عاد الوضع إلى ما كان عليه، إن لم أبالغ وأقول إن الحركة السياحية في مدينة أكادير مقتولة”.

“ليلتين في الفندق بـ623 درهم، وهذا الأمر ليس بالاعتباطي، نظرا لجودة الخدمات المقدمة في الفندق، لكنه تشجيع منا للزوار، لعل وعسى السُياح الأجانب أو المحليين يتوافدون علينا، خدمة لنا أولا، ثم لعدد كبير من الباعة في قلب الأسواق الكبرى في المدينة، حيث هناك يجد الزائر كل ما تطمح له نفسه من منتوجات من الصناعة التقليدية، التي يتم اقتناؤها كهدايا، غير أننا نُطالب كافة الجهات الوصية بالتراجع عن إقرار جواز التلقيح للتجول أو الولوج إلى الفنادق، لأنه والله في الأيام القليلة الأخيرة واجهنا مشاكل مع الوافدين إلينا، واضطررنا إلى إلغاء بعض الحجوزات بسبب أن أصحابها لا يتوفرون على الجواز، وهذا أمر يضرنا كثيرا ويؤثر علينا” يقول المتحدث ذاته.

في الوقت الذي يُراهن فيه العاملين في القطاع السياحي بمدينة أكادير، على نقص الأثمنة وتحسين جودة الخدمات المُقدمة، يرى عدد من النشطاء والفاعلين في القطاع، أن الأمر يقتضي إعادة النظر في الأسعار المرتفعة وتحسين الخدمات من قبل كافة المهنيين بالقطاع، وليس فقط الباعة والفنادق، خاصة مع وجود بعض التجار والمؤسسات السياحية التي تزيد من الأسعار لفائدة الأجانب، الشيء الذي يمس من سُمعة المدينة، ويجعل الراغب في زيارتها يعدل عن الأمر، لأنه يعتبرها من المدن السياحية الباهظة في المغرب.

وفي السياق ذاته، أعرب عدد من المهنيين في القطاع السياحي بالمدينة، عن استيائهم من طريقة الإعلان عن القرارات الحكومية المتعلقة بإغلاق الحدود الجوية مع بلدان أجنبية، من قبيل المملكة المتحدة وألمانيا وهولندا، ناهيك عن كيفية تدبير جواز التلقيح الذي تسبب في “قلق عام” لدى كافة الوافدين إلى المدينة، من السياح المحليين والأجانب.

إقرأ أيضا

وغير بعيد عن الجهة السياحية بالمدينة، التي تضم جُملة من الفنادق المُصنفة، تتواجد بمحاذاة الطريق السريع رقم 8 الرابط بين مراكش وأكادير، بجماعة الدراركة، تمتد على مساحة 4 هكتارات، محمية التماسيح، التي تستوعب ما يُناهز 200 تمساح تم استيرادها من نيل مصر، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من الزواحف كـ”الكايمن” الأسود والتمساح الأمريكي، وهناك تُلاحظ قلة الوافدين إليها.

حركة دؤوبة وتوافد ملحوظ للزوار تشهده محمية التماسيح، بالرغم من حلول عطلة نهاية الأسبوع، وعدم طلب جواز التلقيح شرطا لولوج المكان، إذ أنه بقلب المحميةّ، لا زوار كُثر، ولا أطفال يلعبون، الشيء الذي يبث روح الكأبة على المكان، بحسب الوافدين القلة المُتواجدين هناك.

ما الحل؟

وكان مهنيو القطاع السياحي في المغرب، قد دقوا ناقوس الخطر، بخصوص الضرر الذي لحق بالمجال إثر تداعيات جائحة كورونا، حيث ناشدوا الجهات المختصة، بهدف “التدخل من أجل دعم المهنيين وأرباب المقاولات الذين يعيشون على وقع أزمة خانقة”.

فيما أكدت جمعية الصناعة الفندقية والجمعية الجهوية لوكالات الأسفار، على أن “المؤسسات السياحية باتت تعيش ركودا اقتصاديا حادا، وذلك منذ بدء تفشي الجائحة قبل سنتين، حيث أدى هذا الوضع المُزري إلى تسريح العديد من العمال وإغلاق بعض الوحدات الفندقية ووكالات الأسفار أبوابها، في ظل غياب أي نوع من المداخيل المادية”.

وفي ظل الوضع الراهن، تعهد مهنيو الفنادق ووكالات الأسفار بـ”التعاون معا بهدف النهوض بالقطاع السياحي، المُنهك ماديا، والذي يُقاوم الموت الحتمي”؛ فيما جددوا مطالبهم للجهات الوصية بضرورة “منح تسهيلات وإعانات للمقاولات العاملة في القطاع السياحي، من قبيل إعفائها ضريبيا، وتأجيل وإعادة برمجة القروض الخاصة بالموظفين والشركات على حد سواء، وكذلك منح تسهيلات مالية للعاملين بالقطاع، من أجل المضي قدما لتجاوز هذه الأزمة، التي طالت مُدتها، وكثرت الخسائر الناتجة عنها”.

انتقل إلى أعلى