يقرأ حاليا
إقبال غالبية أولياء الأمور على حصص الدعم لأبنائهم.. هل “فشلت المنظومة”؟
FR

إقبال غالبية أولياء الأمور على حصص الدعم لأبنائهم.. هل “فشلت المنظومة”؟

انطلق الموسم الدراسي ببلادنا، لتنطلق معه رغبة تلاميذ المؤسسات التعليمية، في الحصول على حصص إضافية داخل إحدى مراكز الدعم المدرسي، بهدف تطوير معارفهم ومكتسباتهم، وتعويض الخلل والنقص المتزايد على مستوى فهم واستيعاب الدروس، خاصة بالنسبة لمن تتوفر لهم الإمكانيات المادية.

 

لكن لماذا يلجأ تلاميذ المدارس العمومية أو الخصوصية لهذه المراكز؟ هل هو خلل مرتبط بالأستاذ أم المنظومة التعليمية المغربية؟” أسئلة من ضمن أخرى نقلها “نقاش21″ لأولياء الأمور والتلاميذ، والمختصين في المجال التربوي.”

وفي هذا السياق، أكدت كوثر تلميذة في السنة الثانية باكالوريا، في تصريح لـ “نقاش 21” أنه “مع بداية الموسم الدراسي يصبح من الضروري اللجوء للساعات الإضافية، فساعات الدراسة غير كافية لفهم واستيعاب الدروس داخل الفصل”.

“فرغم المجهودات المبذولة من طرف الأساتذة لإيصال المعلومة، إلا أن حصص الدعم تظل واقعا لا مفر منه”. تقول كوثر.

وأضافت المتحدثة ذاتها، أن هنالك أساتذة أكفاء، يؤدون رسالتهم على أتم وجه، في المقابل يوجد أساتذة لا يقومون سوى بقراءة الدروس”.

أين الخلل؟

تتعدد أسباب ولوج التلاميذ لمراكز الدعم المدرسي، بحسب ما أكده سعيد أكريم أستاذ اللغة الإنجليزية، بالقطاع الخاص، ومسير أحد مراكز الدعم المدرسي بمدينة تمارة.

يقول سعيد، ” هنالك ثلاثة أسباب رئيسية تجعل التلميذ في حاجة إلى ساعات إضافية، أولها حينما تكون عدد الساعات غير كافية سواء في القطاع العام أو الخاص وخصوصا عند الحديث عن المواد العلمية كالرياضيات أو الفيزياء، فالتلميذ لا يستطيع فهم الدروس بشكل كاف فيلجأ لساعات إضافية من أجل تغطية النقص”.

وأردف المتحدث، أنه “كلما كان الأستاذ غير قادر على إتقان فن التواصل مع تلاميذه ولا يحسن إيصال المعلومة بالطريقة التي يفهمها الجميع، فهو يعد عاملا يدفع التلميذ إلى البحث عن أستاذ آخر قادر على تبسيط وتفسير ما استعصى عليه فهمه داخل حجرة الدراسة”.

وشدد أكريم، على أن “هناك فئة ليس غرضها التعلم بل تعتبر مراكز الدعم المدرسي “موضة” يحطون الرحال بها كل سنة، فقط من أجل الحصول على اسم “أنا تندير المراجعة” فهدفهم الأساسي ليس فهم الدروس أو وجود مشاكل مع الأستاذ”.

منظومة عرجاء

بدوره يصرح مصطفى التاج، رئيس الشبيبة المدرسية لـ “نقاش 21″، أن “إقبال التلاميذ المغاربة على مراكز الدعم المدرسي، أصبح أمرا عاديا طبع معه المجتمع، فالآباء على قدر إمكانياتهم المادية يسجلون أبنائهم في مراكز الدعم، المنتشرة في كافة ربوع المملكة، ولعل هذا ما يعكس النقص المعرفي للتلاميذ، الناتج عن ضعف المؤسسة التعليمية”.

“من بين الأسباب الرئيسية التي أدت إلى استفحال هذا السلوك هو الرغبة في التباهي المجتمعي، فمجموعة من الآباء يقدمون على دفع مثل هذه المصاريف من أجل إظهار مدى اهتمامهم بأبنائهم أمام العائلة والمجتمع”، يقول مصطفى التاج.

“ويعد الإقبال المتزايد للتلاميذ وأولياء الأمور على مراكز الدعم، دليلا على فشل منظومة التربية والتكوين”، يقول المتحدث ذاته، “فلو أدت المنظومة التعليمية الدور المنوط بها، لما لجأ أولياء الأمور إلى تسجيل أبنائهم في هذه المراكز، وبالتالي فنظام التعليم المدرسي يعتريه النقص”.

وأوضح التاج، أن “الدخول لمثل هذه المراكز هو فقط وسيلة للإنقاذ وسد الثغرات بمنظومة تعليمية تعتريها العديد من المشاكل تجعل التلميذ غير قادر على فهم ما يقدم له خلال الفصل”.

واعتبر المتحدث أن “المدرسة اليوم قد تخلت عن واجبها المعتاد والمرتبط بتقديم حصص إضافية، ففي السابق كانت الوزارة هي المكلفة بكل ما يتعلق بهذه الدروس الهادفة إلى تعزيز قدرة التلميذ على ضبط الدروس بشكل كافي”.

“إن كل المعطيات السابقة حسب المصدر نفسه، أدت إلى “فقدان الثقة بالمؤسسة التعليمية فأصبح من الضروري البحث عن البديل لمساعدة المتمدرسين”.

 تكافئ الفرص

موضوع الإقبال المتزايد على مراكز الدعم المدرسي، حسب الحسن مادي أستاذ بجامعة محمد الخامس، لا يمكن مناقشته بعيدا عن رغبة التلاميذ في البحث عن معدلات مرتفعة بغية الولوج للمدارس العليا.

لكن بالنسبة للأستاذ الحسن، فإن هذه الدروس الإضافية “تبقى خارجة عن أي عمل تربوي، ويكرس عدم تكافئ الفرص بين التلاميذ خاصة وأن المقبلين على هذه المدارس هم من الطبقة الميسورة، بينما أبناء الأسر الفقيرة أو ضعيفة الدخل تبقى مجبرة على الاعتماد على نفسها من أجل التحصيل الدراسي.

وأردف المتدخل، أن المعدلات المحصل عليها، لحظية فهي لا تعكس حقا المستوى الفكري والتعليمي لدى الطالب.

فانتشار هذه الظاهرة، يشرح الحسن، ما هي “إلا نتيجة لرغبة الآباء في تميز أبنائهم عن طريق استخدام القوة، لكن هذا يكرس جهل الآباء لمستوى أبنائهم، فهم يرغبون في أن يكونوا أعلى من مستواهم العادي والطبيعي”.

إقرأ أيضا

وأكد أستاذ التربية أن من بين الأسباب الأخرى لانتشار هذه الظاهرة هو “الفكر السائد عند بعض الآباء بأن المدرسة سواء العمومية أو الخصوصية لا تقوم بالواجب المنوط بها، وبالتالي يبحثون عن جهد إضافي، في حين أن المدارس تقوم بواجبها وبتطبيق البرنامج المدرسي”.

فرغبة الآباء في ولوج أبنائهم للمدارس العليا كمدارس الطب، والهندسة، والعمل على دعمهم بكل الوسائل ما هي إلا أهداف يمكن اعتبارها غير عادية ولا تحترم قدرات المتعلم.

في المقابل أوضح الحسن مادي أن “هناك بعض الأساتذة يدفعون التلميذ لحضور دروس الدعم من أجل الحصول على نقط مرتفعة، وهذا يتنافى مع أخلاقيات المهنة، ويجب على المسؤولين التدخل لوقف مثل هذه الخروقات، فالفوارق الملاحظة في نقط التلاميذ ليست بالعادية”.  

وأكد في معرض حديثه، ” صحيح أن المنظومة التعليمية توجه لها العديد من الانتقادات سواء من طرف أولياء الأمور أو العاملين بها في مختلف المستويات، لكن هذا لا يعني اللجوء لدروس الدعم خارج المدرسة”.

فمن الواجب إعادة النظر في المنظومة التربوية كما يجب على الدولة ووزارة التربية الوطنية الحزم في محاربة انتشار مثل هذه المراكز من أجل اكتشاف الكفاءات.

جيوب مثقوبة

كنزة أم التلميذة كوثر، تؤكد في تصريح لـ “نقاش 21″، أن “نقص المستوى التعليمي داخل المؤسسات التعليمية يجعل أولياء الأمور ملزمين باصطحاب أبنائهم لمراكز الدعم المدرسي، موضحة أن أسعار هذه الدروس تمثل كلفة إضافية ثقيلة خاصة حينما يتعلق الأمر بمجموعة من المواد الدراسية، حيث يبدأ سعر المادة من 200 درهم شهريا، لكن إذا تعلق الأمر بحصص الدعم الفردية فثمن الحصة الواحدة يصل إلى 200 درهم”.

رشيد، أب ينفق أيضا أمواله في سبيل تدريس أبنائه، يقول في تصريح لـ “نقاش 21” أنه “بالرغم من أن أبنائي يدرسون في القطاع الخاص إلا أن حصص الدعم في بعض الأحيان تبقى أمرا ضروريا، فالمستوى التعليمي في بعض المؤسسات الخاصة جد مرتفع، مما يجعلنا نحن كآباء نلاحظ نقصا في المستوى التعليمي لأبنائنا وبالتالي يجب اللجوء لمثل هذه الحصص من أجل مساعدة الأبناء على مواكبة الدراسة بشكل طبيعي وسهل”.

وأردف رشيد قائلا “أن هذه الحصص تشكل عبئا على الأسر لأن التكلفة مرتفعة، خاصة أن الآباء مطالبين بدفع رسوم المدرسة إضافة إلى ثمن الساعات الإضافية”. 

وفي حديث مع سعيد أكريم، مسير أحد مراكز الدعم المدرسي بمدينة تمارة، أكد “أن هذا سوق حر، ولا يمكن القول بأن أسعار هذه الحصص هي أسعار مرتفعة، خاصة أن الأثمنة تبدأ من 100 درهم في بعض المراكز وتصل لأكثر من 600 درهم في مراكز أخرى فالسعر يحدد حسب شهرة الأستاذ وكفاءته” معتبرا “الأسعار معقولة ومقبولة وتتماشى مع قدرة المواطن”.

انتقل إلى أعلى