يقرأ حاليا
“الوضعُ زاد عن حدِّه”.. كورونا جعلت أرباب وعُمال الحمامات أكثر فقرا
FR

“الوضعُ زاد عن حدِّه”.. كورونا جعلت أرباب وعُمال الحمامات أكثر فقرا

بنبرة مُوحَّدة يتحدث أرباب الحمامات والعاملين بها، نبرة تحمل الكثير من العتب والغضب، “نموتُ جوعا، وقلة الحيلة تتربص بنا، لا مُعيل لنا ولا كفيل، ومصدر رِزقنا الوحيد طالت مُدة إغلاقه، فطال بنا الوجع”.

توالت الأيام وظلت التدابير الوقائية للتصدي لفيروس كورونا، تقف عائقا أمام لُقمة عيش العشرات من الأسر الهشة، التي تقتات من عرقها في الحمام، وتناسلت إثر ذلك جُملة من الإشاعات على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تشير إلى سعي السُلطات لفتح الحمامات في خضم هذا الأسبوع الجاري، وهو الشيء الذي نفته فاطمة فدواشي، رئيسة الجمعية الوطنية للحمامات والرشاشات بالبيضاء.

الحديث عن إعادة فتح الحمامات المُغلقة يأتي بعد أشهر طِوال من إقرار التدابير الاحترازية لمكافحة تفشي فيروس كورونا، وسن معها قرار الإغلاق الليلي، مما جعل الآثار الوخيمة لهذا القطاع تتراكم، من قبيل سعي عدد من الحمامات إلى جعل بعض الأفراد يتحممون خِلسة عن أنظار السلطات الوصية، أو لجوء المواطنين إلى ما يُسمى بـ”الصبا” لتلبية حاجاتهم في الاستحمام والاسترخاء، كبديل قد يُعوضون به الحمام التقليدي.

“شعور الحكرة”.. دفعهم للشارع

“سوا اليوم سوا غدا.. الحمام ولا بدا” “هذا عار هذا عار طيابات الحمام في خطر” بهذه الشعارات وغيرها، عبر أرباب وعمال الحمامات التقليدية عن مُعاناتهم، خلال الأشهر القليلة المُنصرمة، في جُل المُدن المغربية، لإيصال صوتهم إلى المسؤولين، ومًطالبتهم باستئناف فتح الحمامات من جديد، قصد توفير لقمة عيش لأبناء المُستخدمين وإنقاذهم من التشرد الذي باتوا يعيشونه.

“والله إننا نشعر بالقهر، واليأس، والإقصاء، ضاقت بنا الأحوال ولم نجد بديلا عن الاحتجاج” تقول مليكة، سيدة أربعينية ظلت تعمل لسنوات طِوال في حمام تقليدي بمدينة السطات، مشيرة إلى أن “جُل العاملات في الحمامات الشعبية هم نساء أرامل أو مُطلقات ولهن أطفال هي المسؤولة عن كل احتياجاتهم، في الحمام نعمل بعرق أكتافنا، وبكل ما أتينا من شرف، وبتفشي فيروس كورونا، وإقرار إقفاله ضاقت بنا السُبل”.

فئة عريضة من أرباب الحمامات التقليدية والعاملين بها، يتجرعون مرار استمرار الإغلاق الليلي، الذي استمر بشكل مُتواصل لأزيد من شهرين، فيما تذبذبَ حال التدابير الاحترازية الرامية للتصدي لفيروس كورونا، لما يزيد عن سنة؛ فظلت المُعاناة تتجدد، وتراكمت عليهم الكثير منهم الديون.

إلى ذلك، سيدات ورٍجال كُثر تذوقوا طعم المرار ذاته، منهم من ظل منتظرا الفرج وإعلان استئناف العمل من جديد، ومنهم من انطلق في مجال آخر، لتوفير لُقمة عيش تصُدُّ عليه الشعور بالحاجة، مثل “ثوريا” التي انطلقت في بيع الخبز المنزلي الجاهز، بعد أن عملت لسنوات في حمام بقرب منزلنا المُتواجد بمدينة تمارة، المُجاورة للعاصمة الرباط.

وبحسب أرباب الحمامات، إن جُل المهنيين لم يستطيعوا أداء حوالي 18 شهرا من الكراء، ما يجعلهم مُلزمين بأداء ما بين 26 و27 مليون، إذا كانت السومة الكرائية تعادل 15 ألف أو 16 ألف شهريا، وذلك بمجرد شروعهم في العمل، الشيء الذي دفع بعض أرباب الحمامات إلى تسليم المحلات إلى أصحابها لعجزهم على تحمل مصاريف الكراء.

مُطالبات مُلحة للتدخل الاستعجالي

لا يزال الصمت يُخيم على الحمامات، وملامح الإهمال تتلحف بجُدرانه، وأبوابه الموصدة تحيل على حكاية أزمة صحية اجتاحت البلاد، ومست رِزق المُواطنين، ولا زالت تحصد المزيد من الآثار، التي يصعب طيها في ذاكرة النسيان.

إقرأ أيضا

وفي السياق ذاته، الرامي لرغبة أرباب وعمال الحمامات في تحسين الوضعية الاقتصادية التي مسَّها الضرر، وتحقيق الاستقرار الاجتماعي لأسر المستخدمين الذين أصبحوا مُهددين بالمجاعة والتشرد، عقد أرباب ومستخدمو الحمامات في المغرب، اجتماعا، يوم السبت 25 شتنبر الجاري، بمقر الاتحاد العام للمقاولات والمهن بالدار البيضاء، للمطالبة بتدخل الحكومة بشكل استعجالي من أجل فتح الحمامات بالمغرب.

ودعت الجهة نقسها إلى “ضرورة التعجيل بفتح الحمامات إنقاذا لهم ولعائلاتهم، بناء على ما أقره مجموعة من أعضاء اللجنة العلمية وبسبب انخفاض عدد المصابين بوباء كورونا، مُطالبين الجهات الوصية، بصرف استعجالي للإعانة التي سبق وأن التزمت الحكومة بمنحها للعاملين في الحمامات”.

كما يُطالب أرباب الحمامات، الجهات المسؤولة، بضرورة “إعفائهم من جميع الضرائب والجبايات والرسوم المترتبة عن سنتي 2020 و2021، لكون جميع الحمامات ظلت مُغلقة طيلة هاتين السنتين، وإعفاء أرباب الحمامات المملوكة للدولة من أملاك مخزنية وأحباس وجماعات محلية من أداء السومة الكرائية عن جميع الأشهر التي ظلت فيها الحمامات مُغلقة بسبب جائحة كورونا، مع التدخل من أجل تأجيل أداء جميع الديون المترتبة عن أرباب الحمامات لعدم تسديدها بسبب الإغلاق”.

وكانت الحكومة قد شددت على ضرورة التقيد الصارم تطبيقا للتدابير الاحترازية التي تم إقرارها في إطار حالة الطوارئ الصحية، من تباعد جسدي وقواعد النظافة العامة وإلزامية وضع الكمامات؛ فيما كان أرباب الحمامات والعاملين، المُنضوين تحت لواء الاتحاد العام للمقاولات والمهن، قد هددوا في الدخول في اعتصامات ووقفات احتجاجية في الأيام المُقبلة، للتعبير عن تضررهم من إغلاق الحمامات المُستمر على خلفية تفشي فيروس كورونا المستجد.

وقالوا إنهم “يمهلون الجهات المسؤولة، إلى غاية يوم 30 شتنبر الجاري، وإلا سيكونون مضطرين للدخول في اعتصامات ووقفات احتجاجية، ابتداء من يوم الاثنين 4 أكتوبر المقبل”.

انتقل إلى أعلى