يقرأ حاليا
عاملات المنازل.. معاناة تبحث عن الإنصاف في ظل التحايل على القانون
FR

عاملات المنازل.. معاناة تبحث عن الإنصاف في ظل التحايل على القانون

مروان حميدي

رغم دخول القانون المحدد لشروط الشغل والتشغيل، المتعلق بالعاملات، والعمال المنزليين حيز التنفيذ سنة 2018، إلا أن فئة عريضة من هذه الشريحة داخل المجتمع ما تزال مهدورة الحقوق  والاقتصادية والاجتماعية، إذ لم يستفيدون من أبسط حقوقهم، وهي التصريح بهم لدى مصالح صندوق الضمان الاجتماعي.

 

وكشفت المعطيات التي حصل عليها “نقاش 21″،  أن عدد العاملات والعمال المنزليين المصرح بهم في صندوق الضمان الاجتماعي، لم يتجاوز إلى حدود الساعة 4500 شخصاً. وأوضح المصدر ذاته أن “هذه الفئة المسجلة، هي من تستفيد من التعويضات العائلية والتغطية الصحية، بالإضافة إلى العطل”. 

وفي هذا السياق، أوضحت إحدى العاملات المنزليات “ف.خ”، لـ”نقاش 21″، أنها “تشتغل لأزيد من 27 سنة في إحدى المنازل، ولم يصرح بها من طرف صاحب المنزل لحدود اللحظة لدى صندوق الضمان الاجتماعي”. مضيفة “هذا المطلب طالما طالبت به، لكن دون جدوى فكل مرة يتم تقديم وعود زائفة، وإيهامِ بأنهم سيعترفون بي لدى المصالح المعنية”.

وبنبرة تحمل الكثير من الألم، وقساوة “الزمان”، عبرت الخادمة عن خوفها من المستقبل، قائلة “فكلما تقدمت فالسن، أحسست أنني في المسار الخطأ، خاصة وأنني أدرك جيدا أنه لن أستفيد من حقي في التقاعد، والتغطية الصحية في حالة المرض”.

وشددت “ف.خ” على حقوق “هذه الفئة داخل المجتمع مهضومة، ففي ساعات العمل مثلا، تمتد من الساعة الثامنة صباحا إلى ساعات متأخرة من الليل في بعض الأحيان، بالإضافة إلى عدم وجود عمل محدد تقوم به”. الخادمة تقوم بكل شيء”، تقول العاملة.

واستنكرت المتحدثة ذاتها، “هذا الوضع الذي وصفته بـ”المزري”، خاصة وأنه كلما حاولت إحدى عاملات المنازل المطالبة بحقها تكون عرضة للطرد من قبل المشغل”.

إجراءات التصريح بين التعقيد والتخفيف

من أجل التصريح بالعاملات من الواجب أن يتضمن الملف الوثائق التالية: التصريح بالانخراط وشهادة التعريف البنكي للمشغل، ونسخة مطابقة للأصل من بطاقة التعريف الوطني ونسخة مطابقة للأصل من عقد العمل، وطلب التسجيل بالضمان الاجتماعي لكل عاملة أو عامل منزلي ونسخة من بطاقته أو نسخة من عقد الازدياد وشهادة التعريف البنكي”.

في هذا الإطار، أوضحت مصادر “نقاش 21″، أن صندوق الضمان الاجتماعي يُطالب الجهات المعنية للتخفيف من هذه الإجراءات والعمل على رقمنتها. وأضاف المصدر ذاته أن “صندوق الضمان الاجتماعي، بدوره يعمل على فتح بوابة إلكترونية لتسهيل عملية تسجيل العامل(ة) المنزلي (ة)”.

قانون متقدم رغم الصعوبات

إن مقتضيات القانون رقم 19.12 الخاص بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعاملات والعمال المنزليين، ساهم إلى حد كبير في حفظ حقوق عاملات المنازل على اعتبارهم الفئة الأكثر عرضة للإهمال ويشكلون الحلقة الأضعف.

مهدي الودي اليزيدي محامي بهيئة الرباط يوضح “أن هذا القانون يمكن اعتباره متقدما فهو يلزم المشغل باحترام حقوق العمال المنزليين سواء في الصحة، والتقاعد والتعويضات العائلية بالإضافة، إلى العطل الأسبوعية وساعات العمل”.

وقال المحامي بهيئة الرباط، في تصريح هاتفي لـ”نقاش 21″، أن “أكبر مشكل يطرحه هذا القانون هو المسطرة التي يجب اتباعها للتصريح بالعامل فهي طويلة ومعقدة”.

وفي الأخير، دعا مهدي الودي اليزيدي، العاملين المنزليين لضرورة اللجوء  للأعوان المكلفين بتفتيش الشغل من أجل الحصول على حقهم في التسجيل في الضمان الاجتماعي”.

من جهته أكد حاتم بكار، محام بهيئة القنيطرة، في تصريح لـ “snrt news” أنه “من بين الإشكاليات التي كانت مطروحة، هو كيفية تحديد طبيعة العمل، خصوصا إذا كانت العاملة المنزلية مقيمة عند المشغل، إضافة إلى المهام التي ستسند إليها؛ هل ستتولى الطبخ أو الغسيل أو أنها ستقوم بأعمال أخرى”.

إقرأ أيضا

وأشار بكار إلى “الصعوبات الناجمة على مستوى رقابة مفتشية الشغل، حيث تعد المنازل محصنة بمقتضيات دستورية وبمقتضيات القانون، وهو ما يطرح التساؤل حول كيف يمكن لمفتش الشغل، أن يراقب طبيعة وساعات ومكان العمل، مشددا على أن هذه الإشكالية مازالت مطروحة إلى حدود اليوم”.

قانون 19.12

يوجد ضمن قانون رقم 19.12 مجموع من الحقوق التي يجب أن يحصل عليها العامل (ة) المنزلي (ة) ومن بين هذه الحقوق التسجيل لدى صندوق الضمان الاجتماعي، من أجل الاستفادة من التغطية الصحية والتعويضات العائلية والتقاعد.

وينص القانون على أن “مدة العمل في الأشغال المنزلية محدد في 48 ساعة في الأسبوع، غير أنه بالنسبة للعاملات أو العمال المنزليين المتراوحة أعمارهم ما بين 16 و18 سنة فتحدد مدة عملهم في 40 ساعة في الأسبوع، كما يجب أن تستفيد العاملة أو العامل المنزلي من راحة أسبوعية لا تقل عن 24 ساعة متصلة، ومن حقهم أيضا الاستفادة من عطلة سنوية مدفوعة الأجر، بالإضافة إلى حقهم في الاستفادة من راحة مؤدى عنها خلال أيام الأعياد الدينية والوطنية.

ووفق القانون نفسه،  لا يمكن أن يقل مبلغ الأجر النقدي للعاملة أو العامل المنزلي عن 60 بالمئة من الحد الأدنى القانوني للأجر، المطبق في قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة، وهو ما يعادل حوالي 1500 درهم. 

وفي نفس السياق فإن قانون 19.12 يضمن للعمال المنزليين تعويضات عند فصلهم إذا قضوا ما لا يقل عن سنة متواصلة من الشغل الفعلي لدى نفس المشغل.

ويحدد القانون سالف الذكر الحد الأدنى لسن تشغيل الأشخاص بصفتهم عاملات أو عمال منزليين في 18 سنة، غير أن القانون حدد فترة انتقالية مدتها خمس سنوات تسمح بتشغيل من تتراوح أعمارهم بين 16 و18 سنة. زيادة على الاستفادة من برامج التربية والتكوين المهني والحفاظ على الصحة والسلامة.

انتقل إلى أعلى