يقرأ حاليا
تحليل.. لهذه الأسباب تُحاول إسبانيا كسب ودّ المغرب؟
FR

تحليل.. لهذه الأسباب تُحاول إسبانيا كسب ودّ المغرب؟

 قرر القضاء وضع وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة، قيد التحقيق على خلفية دخول زعيم ميليشيات “بوليساريو” إلى بلاد “الأندلس”، من أجل تلقي العلاج إثر إصابته بكوفيد-19، وهو الأمر الذي اعتبره متابعون للشأن الدولي والعلاقات المغربية الاسبانية، تطور تحاول به مدريد كسب ود الرباط بعد توتر العلاقات بين الجارتين”.

 

 وجاء في بيان للمحكمة الإقليمية في أراغون (شمال شرق إسبانيا)، أن قاضي التحقيق في محكمة مدينة سرقسطة، “قرّر استدعاء وزيرة الخارجية السابقة “أرانتشا غونزاليس لايا”، لاستجوابها في إطار تحقيق قضائي في “قضية زعيم الجبهة الوهمية بوليساريو”.

وأوضحت المحكمة أن “هذا التحقيق فُتح بسبب الاشتباه بارتكاب جرم المواربة،” ويرمي إلى “التحقق من الظروف التي أحاطت دخول إبراهيم غالي إلى إسبانيا”.

وفي هذا السياق، اعتبر الحسن أشهبار، أستاذ القانون الدستوري، والمتخصص في العلاقات الدولية، أن ” استجواب “أرانتشا”، دبرت الملف خارج إطار  القانون، مشيرا إلى احتمالية “تواطؤ عدة مؤسسات أخرى، مشيرا إلى أنها “رسائل إيجابية للمملكة، على استعداد اسبانيا من أجل فتح صفحة جديدة، في علاقتها مع المغرب”.

“الدرس المستفاد من هذه الأزمة، يقول المتحدث ذاته، هو  أن “الدبلوماسية المغربية حافظت على خطها الواقعي، منذ تربع  صاحب الجلالة الملك محمد السادس على كرسي العرش، وأن المغرب له استراتيجية منطقية، في تدبيره للازمات، والذي يقوم على أساس عدم التسرع في رد الفعل، وعلى اتخاذ المواقف المناسبة في الوقت المناسب، وعلى التعامل مع جميع  المحطات التي تمر بها كل أزمة بنوع من الواقعية”.

“وهذه رسالة لبعض الدول كذلك، مثل ألمانيا، والتي يجب عليها هي الأخرى أن تتخذ مجموعة من القرارات الإيجابية، وأن تقوم بخطوات للأمام  في اتجاه المصالحة مع المغرب” يقول  المتخصص في العلاقات الدولية.

القضاء الإسباني خُدشت صورته

 قال أشهبار، في تصريح لـ”نقاش 21″، إن “القضاء الإسباني أدرك جيدا، أن “صورته قد خدشت، وأن استقلاليته أصبحت محط شك على المستوى الداخلي والخارجي، وبالتالي هذه المبادرة قام بها من أجل تصحيح أخطائه”.

“خطوة محاكمة لوزيرة الخارجية السابقة، يقول أشهبار جاءت بعد “غضب الرأي العام الإسباني لطريقة تدبير هذا الملف”، مردفا “دون إغفال  أن “الإسبان أدركوا أن المغرب لن يتنازل ولن يسمح لنفسه بإعادة العلاقات مع إسبانيا إلى الوضعية التي كانت عليها قبل اندلاع الازمة، دون تطهير العلاقات بين الدولتين من هاته الشوائب، التي لا يمكن للمغرب (الدولة التي تعتبر مصالحها فوق كل شيء) أن تتجاوزها.”   

وأبرز المحلل السياسي، ذاته، أن “إدخال زعيم جبهة بوليساريو غالي سرا إلى اسبانيا، أضر كثيرا مصداقية دولة إسبانيا، باعتبارها تحترم  القانون وتشتغل في إطار قواعد القانون الدولي، بل حتى جهازها القاضي اتهم بكونه لم يحترم القانون، بعدما سمح بخروج غالي من اسبانيا، دون ان تتم محاكمته، بناء على دعاوى المرفوعة ضده أمام المحاكم  الاسبانية بتهم متعددة وخطيرة”، على حد قوله.

سبب محاكمة وزير الخارجية

“هذا الواقع سبب أزمة غير مسبوقة بين المغرب، واسبانيا، وكان لذلك تبعات  اقتصادية وسياسية تضرر منها بشكل أساسي الاسبان، خاصة أنهم حرموا من مداخيل مهمة كانوا يحصدونها كل سنة، خلال “عملية مرحبا”، التي يستقبلها المغرب من إسبانيا”.

وأضاف أشهبار في نفس السياق، “من ناحية أخرى، أن التعاون الأمني بين المغرب واسبانيا، أصبح في الحدود الضيقة، وهو ما يشكل تحدياً أمنياً حقيقياً، بالنسبة لإسبانيا، التي ما فتئت تستفيد من التعاون الاستخباراتي مع  المغرب، دون اغفال ان اسبانيا تدرك جيدا ان المغرب هو شريك استراتيجي بالنسبة لها، ولا يمكن أن تفرط في طبيعة علاقة التي تجمعهما مهما كلف ذلك الحكومة الاسبانية”.

العودة للسكة الصحيحة

أوضح المحلل أن “إقالة وزيرة الخارجية الاسبانية “أرانتشا غونزاليس لايا” في وقت سابق، جاءت لتفتح فسحة أمل، من أجل إعطاء نفس جديد بين المغرب واسبانيا، وتجاوز الازمة التي تمر بها  الدولتين الجارتين، وتم تعيين وزير جديد بين أنه سيعمل كل ما في وسعه، لإعادة  العلاقة بين الدولتين للسكة الصحيحة”.

إقرأ أيضا

“ومن المرتقب أن يعقد الطرفين لقاء مشتركا، بين وزارة الخارجية الاسبانية والمغربية، من أجل إعادة علاقة الدولتين للسكة الصحيحة، بناء على طلب وزير الخارجية الاسبانية، يقول أشهبار مشيرا إلى أنه “من المحتمل أن يكون محور النقاش، هو التطورات التي تشهدها إسبانيا لمحاسبة المتورطين في المهزلة السياسية والقانونية المتمثلة، في كيفية دخول غالي الى اسبانيا وكيفية خروجه منها”.

وأكد المتحدث ذاته، أن “هذه التحقيقات سيكون لها، ما بعدها، وستظهر مجموعة من الحقائق، وستجرم مجموعة من الشخصيات الأمنية والسياسية، داخل اسبانيا، لأنه من غير المعقول أن تسمح دولة، لشخص متابع بتهم الإرهاب، أن يدخل ترابها بشكل سري، ودون احاطة المغرب علما بذلك مما يشكل طعنة من الخلف، لعلاقة كان ينظر إليها بأنها متينة”.

وختم أشهبار مؤكدا على أن “ما يقع اليوم ، هو انتصار للدبلوماسية المغربية، ودرس بليغ يجب أن يقرأه كل من يريد أن يشاكس المملكة في قضاياه الكبرى، أو يعتقد أن المغرب يمكن أن ينحني لأي دولة  كيفما كانت، مشددا على أن “الدبلوماسية المغربية، هي دبلوماسية واقعية مبنية على  المقارعة في ظل احترام القانون الدولي والاتفاقيات الثنائية”.

 أصل القصة

بدأت تتوتر العلاقة بين الجارتين، إثر دخول زعيم بوليساريو، إبراهيم غالي،  إلى إسبانيا في 18  أبريل بعدما أقلته طائرة طبية تابعة للرئاسة الجزائرية، وبحوزته “جواز دبلوماسي”. ومن ثم أدخل غالي إلى مستشفى لوغرونيو (شمال إسبانيا) بحال حرجة.

وكان المغرب، “وزارة الخارجية”، قد أعربت عن “غضبها وطالبت بتحقيق شفاف حول ملابسات دخول غالي إلى إسبانيا، مؤكدة أن “زعيم بوليساريو دخل الأراضي الإسبانية وافدا من الجزائر “بوثائق مزورة، وبهوية منتحلة”.

انتقل إلى أعلى