يقرأ حاليا
الانتخابات بتاء التأنيث.. هل حققت الأحزاب المغربية المناصفة؟
FR

الانتخابات بتاء التأنيث.. هل حققت الأحزاب المغربية المناصفة؟

أكد متابعون للشأن السياسي المغربي، أن نسبة النساء التي قدمتها الأحزاب المغربية للترشح في للانتخابات ضئيلة جدا، وذلك بعدما انتهت الأحزاب السياسية، رسميا  مساء يوم الأربعاء 25 غشت الجاري، في تقديم لوائح مرشحيها ومرشحاتها، لخوض غمار الاستحقاقات الانتخابية المقررة إجراؤها يوم 8 شتنبر القادم.

 

وكشفت المعطيات الأولية، أن نسبة النساء المرشحات في الانتخابات كوكيلات اللوائح، لم تصل سوى لـ25 في المائة في بعض الجهات، مما دفع الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، لتطلق نداءً للأحزاب، بضرورة استحضار مقاربة النوع الاجتماعي، في الاستحقاقات الانتخابية المنتظرة وجعل هذه الأخيرة، مناسبة للتربية على المساواة”.

وفي أرقام رسمية لوزارة الداخلية، أصدرتها اليوم الجمعة 27 غشت 2021، فإن الترشيحات النسوية لعضوية المجالس الجماعية، بلغت نسبة 30 في المائة من عدد الإجمالي للترشيحات،” وهو رقم اعتبره الداخلية سجل ارتفاعا مقارنة مع انتخابات سنة 2015.

ضعف في إرادة التغيير

اعتبر أحمد عصيد، الكاتب والناشط الأمازيغي، أن “هذا التناقض بين إعلان مبادئ ومخالفتها في التدابير العملية دليل ضعف كبير على المستوى الميداني، فالأحزاب تتبنى أفكاراً (المناصفة والمساواة)، لكنها لا تعمل على إشاعتها في الواقع وتأطير المواطنين بها، إذ تعتمد في عملها اليومي اختيارات مغايرة لما هو معلن نظريا وبلاغيا”.

من جانب آخر يقول عصيد، في حديثه لـ”نقاش21″،”لا ينبغي، أن ننسى أن الطبقة السياسية على العموم بما فيها أصحاب القرار الفعلي يتبنون نهجا تدريجيا ينبئ عن ضعف في إرادة التغيير، ويجعل التطور الديمقراطي بطيئا، ففي دستور 2011 مثلا ورد الحديث عن “السعي نحو المناصفة” وليس تحقيق المناصفة فعليا، وسبب هذا النوع من الصياغات اللغوية شعور المسؤولين بضعف الوعي المواطن والديمقراطي في المجتمع”.

نسبة متدنية لوكيلات اللوائح

أشارت الباحثة في العلوم السياسية، أسماء المهديوي، إلى  أن” المناصفة هي غاية تسعى الدولة إلى الوصول إليها في مختلف أجهزتها سواء المنتخبة أو المعينة، لكن تنزيل هذا المبدأ على أرض الواقع يواجه صعوبات جمة، أبرزها التقاليد الانتخابية المغربية التي ارتبطت بهيمنة السلطة الرمزية والسلطة المالية وكذا شيوع الارتباطات العائلية مما يعقد على النساء الظفر بالتزكيات على مستوى الأحزاب السياسية.”

وأبرزت المهديوي في تصريح لـ”نقاش 21″، أن الأرقام التي أخرجتها وزارة الداخلية، هي في الحقيقة لا تعبر عن رغبة الأحزاب في وصول النساء، بقدر ما تؤثث بها لوائحها لإظهار أنها تسعى إلى المناصفة، ويظهر ذلك من خلال النسبة المتدنية لوكيلات اللوائح”.

كما أشارت كذلك المهديوي إلى أن ” الأحزاب تجد أيضا صعوبات في إيجاد نساء لترشيحهم بالنظر لضعف انخراطهن في الأحزاب، وكذلك لعدم ضبطهن لمكانيزمات المجال الحزبي، وللغة السياسة المغربية التي لازالت مجالا ذكوريا بامتياز”.

وختمت المتحدثة حديثها، مؤكدة على أن “مسألة وصول النساء إلى المجالس المنتخبة لا ترتبط فقط برغبة الأحزاب السياسية، بل هي مسألة معقدة تتداخل فيها الثقافة المجتمعية بالعوامل الاقتصادية والعوامل الثقافية لذلك فالعبرة اليوم، ليست بوجود النساء من عدمه بقدر وجود ممثلين يحملون مشاريع تؤمن بأحقية النساء في المشاركة الفعلية في تنمية المجتمع”.

مبدأ الاستحقاق بدل الجنس

اعتبر المحلل السياسي والمختص في الشؤون الحزبية، أن “الحل ليس في المناصفة بل في التدبير الأمثل والجيد للشأن العام الذي. فالمؤهلات النفسية والشخصية والفكرية والتكوينية ورصيد التجربة هو الذي يسهل عملية تسيير الشأن العام”، يقول شقير.

إقرأ أيضا

وبالتالي فإطلاق مبدأ المناصفة، الذي نص عليه  دستور فاتح يوليوز  2011 والذي تبنته السلطة وترفعه الأحزاب لن يحل مشكل سوء تسيير الشأن المحلي، إذ أن رفع نسبة المرشحات، لا يعني بالضرورة أن يتم التصويت عليهن من طرف الهيأة الناخبة والتي تتكون في غالبيتها من النساء”، على حد تعبير شقير.

كما أن التجربة السياسية، يضيف شقير، لم تكرس لحد الآن الإضافة السياسية التي أضافها التسيير النسوي للشأن العام،” داعيا إلى عدم “التركيز على مبدأ المناصفة، وأن يتم التركيز على مبدأ الاستحقاق دون النظر لا إلى الجنس أو المنحدر الاجتماعي، بالمسؤولية لا جنس لها”.

التشجيع

دعت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، خلال النداء الذي أطلقته، بضرورة “تشجيع النساء على التدخل في التحليلات السياسية والبرامج الحوارية، وتمكين كل النساء من الأحزاب والنقابات والأكاديميات من فرص أقوى للمساهمة في الممارسة السياسية ببلادنا، فضلا عن ضرورة فتح فرص حقيقية للنساء من مختلف الجهات لتداول الكلمة في وسائل الإعلام”.

وحثت الجمعية وسائل الإعلام على اعتماد مقاربة النوع الاجتماعي بالنسبة إلى الأشخاص في وضعية إعاقة؛ وذلك ضمن تصوراتها في صياغة برامج الحملات الانتخابية، بالإضافة إلى ضرورة تبني التوازن في تقديم ممثلي الأحزاب على نحو يحترم المبادئ المكرسة للمناصفة في وسائل الإعلام.

انتقل إلى أعلى