يقرأ حاليا
“مدخولي لا يتجاوز 30 درهما في اليوم”.. 5800 مقهى أُغلقت بشكل نهائي
FR

“مدخولي لا يتجاوز 30 درهما في اليوم”.. 5800 مقهى أُغلقت بشكل نهائي

“أحاول الفهم دون جدوى، ما الفرق بين الثامنة أو التاسعة أو الحادية عشرة ليلا، كان يُفترض أن تتخذ الحكومة إجراءات أخرى للحد من الفيروس من مصادره، وأن تُلزم المواطنين بالتلقيح، بدلا من هذه الإجراءات التي رمت بقطاع المقاهي والمطاعم في الحضيض” بكثير من السخط، عبر هشام أفندي، نادل مقهى بمدينة الدار البيضاء، عن غضبه من القرار الحكومي القاضي بإغلاق المقاهي على الساعة التاسعة ليلا.

 

وتابع أفندي، بنبرة حزن تُخفي ورائها جبلا من الأسى “فيما مضى كنت أشتغل بشكل جيد في الحفلات والأعراس، إلا أنه بعد تفشي فيروس كورونا وما نتج عنه من قرارات حكومية، اضطرت للعمل نادلا في المقهى، فتقلص مدخولي بشكل كبير، وفعليا تضاعفت معاناتي، خاصة وأن لي التزامات أسرية لا تنتهي، من قبيل مبلغ إيجار المنزل المُحدد في 1500 درهم، ومصاريف علاج ابني المريض”.

بعد أشهر قليلة من الانفتاح الجزئي، ارتفعت حالات الإصابة بفيروس “كورونا” وانعدمت البدائل أمام السلطات للتقليل من وتيرة الفيروس، فعادت الحكومة إلى إقرار الإغلاق المسائي، وتقييد حركة المواطنين، الشيء الذي خلف خسائر كبيرة لعدد من القطاعات التي تنتعش في فصل الصيف، ومن أهمها قطاع المقاهي والمطاعم.

وسبق لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب، أن راسلوا أمناء الأحزاب السياسية المشكلة للحكومة،أبريل المنصرم، لـ”ثني رئيس الحكومة عن قرار حظر التنقل الليلي”، الذي كان قد اتخذ تبعا لتوصيات اللجنة العلمية والتقنية بضرورة الاستمرار في الإجراءات اللازمة للحد من انتشار وباء كورونا، خاصة مع تفشي سلالات جديدة في بلادنا.

“يوميا أفكر في تغيير مجال عملي، وأصبحت أتمنى الحصول على عربة في الشارع، فإنها حتما ستكون أفضل من استمرار العمل نادلا في المقهى” يضيف أفندي موضحا في حديثه لـ”نقاش 21″: “فيما قبل كنا أربعة أشخاص نشتغل داخل المقهى بالتعاون فيما بيننا، أما خلال الأزمة أصبحنا شخصين فقط، والباطرون كل يوم “يشكي ويبكي”، في حين أن المتضررين الحقيقيين هم أنا وأمثالي، ممن بات مدخولهم اليومي لا يتجاوز ثلاثين درهما”.

وتُراهن السلطات المغربية على الإغلاق المسائي للتقليل من وتيرة انتشار الفيروس؛ فيما تؤكد وزارة الصحة أن المملكة ستدخل خلال الأسابيع القليلة المقبلة، مرحلة الذروة، وسيعرف معدل الإصابات ارتفاعا غير مسبوقا.

وعاد أفندي بذاكرته للأشهر القليلة المُنصرمة، بالقول: “في الموجة الأولى من تفشي فيروس كورونا كنا نشتغل من الساعة 6.30 صباحا إلى الساعة الثامنة ليلا، الحمد لله كانت الأرباح اليومية معقولة، لكن الآن تقلصت عدد ساعات العمل فانحدر معها الراتب الشهري، وبالتالي باتت المعاناة أكبر”.

“أزمة المقاهي” تُنذر ببُؤس قادم

أحمد بوفكران، المنسق الوطني للجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب، أكد في حديثه لـ”نقاش21″ أن “30 في المائة من المقاهي والمطاعم قد أفلست بشكل نهائي، خلال الإغلاق التام الذي عرفه المغرب، أثناء تفشي الموجة الأولى من الفيروس، إذ أنه فقط في مدينة الدار البيضاء، أغلقت 5800 مقهى بشكل نهائي، كان يعمل بها ما بين 8 إلى 10 أشخاص”.

وبحسب إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط، فقد انتقل معدل البطالة من 10.3 في المائة إلى 12.8 في المائة على الصعيد الوطني، مؤكدة أن هذا المعدل يبقى مرتفعا لدى الشباب المتراوحة أعمارهم ما بين 15 و24 سنة، بنسبة 30.8 في المائة، ولدى الأشخاص الحاصلين على شهادة بنسبة 20.4 في المائة، وفي أوساط النساء بنسبة 15.9 في المائة.

وبنبرة غضب عارمة، يؤكد بوفكران أنه اضطر لتقليص عدد العاملين في مقهاه بالقول: “أنا صاحب مقهى، كان يعمل فيها 11 شخصا، بفعل الأزمة اضطررت لتقليص عدد اليد العاملة لتصبح في نهاية المطاف ثلاثة أشخاص فقط، وكان لدي كذلك مطعمين آخرين في كل من عين الدياب، والعنق، كان بهما ما يُقارب 213 عاملا، لكن بفعل تراكم الديون بمعدل 140 مليون شهريا، قام البنك بالحجز عليهما، والآن من أجل استرجاعها لا بد من سداد خمسة ملايير درهم، وهو أمر مستحيل في ظل هذه الأزمة الخانقة التي يشهدها القطاع”.

إقرأ أيضا

وبفعل تأزم الأزمة الوبائية التي تشهدها المملكة، عدد من المقاهي والمطاعم وصل بهم الأمر إلى الولوج المحكمة بسبب عدم قدرتهم على دفع الإيجار، وهناك من بات مُتابعا بعدد من الإيصالات والشيكات، بل منهم من لم يستطع دفع إيجار العاملين معه، في غياب حوار مهني ناجع مع وزارة الشغل، بالرغم من استمرار المراسلات، وذلك بحسب عدد من مهنيي القطاع.

وكان نور الدين الحراق، رئيس الجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب، قد قال في حديث سابق، إن “استمرار الإغلاق يُنذر بكارثة حقيقية سواء على مستوى أصحاب المقاهي والمطاعم، أو على مستوى العاملين بهم”، مؤكدا أنه في ظل استمرار الإغلاق الليلي وتشديد الإجراءات من قبيل ضرورة العمل بطاقة استيعابية لا تتجاوز 50 في المائة، لا زالت الضرائب تصل بنسبة 100 في المائة، والجماعات المحلية لا زالت ترسل رسم الاستغلال المؤقت للملك العام، وحتى بالنسبة للأبناك، لم تعد تثق في أصحاب المقاهي والمطاعم، بسبب ضعف المداخيل”.

“الحكومة تتخذ القرارات الصارمة في حق هذا القطاع الحيوي، وهي جالسة في مكاتب مُكيفة، بعيدة عن أرض الواقع، وليست على دراية تامة بالواقع الفعلي الذي يقبع فيه قطاع المقاهي والمطاعم، ولم تُكلف نفسها عناء إشراك المهنيين في اتخاذ هذا القرار، وهو شيء مؤسف” يضيف بوفكران في حديثه لـ”نقاش 21″ مردفا أن المحاربة الواقعية للفيروس يجب أن تنطلق من الأماكن الفعلية التي تشكل مرتعا للوباء، من قبيل الشواطئ، ومراكز التلقيح، والمؤسسات العمومية، ووسائل النقل العمومية التي تشهد اكتظاظا.

 على حافة الموت

في محاولة لإنقاذ ما يمكن لإنقاذه، اقترحت “الجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب”، مذكرة لإنقاذ القطاع من الإفلاس، مشيرة أن جائحة كورونا “أرغمت حوالي 25 % من المقاهي والمطاعم على غلق أبوابها نهائيا، حيث لم تستطع مسايرة القرارات الحكومية المتعلقة بالجائحة، من الإغلاق المبكر ومنع بث مباريات كرة القدم، والعمل بـ 50 % وغيرها من التدابير”.

فضلا عن النقاش السائد بخصوص أضرار الإغلاق الليلي على عدد من المقاهي المتواجدة في المدن الكبرى، هناك عدد من المدن تعيش الموت الحقيقي للمقاهي والمطاعم، ويتعلق الأمر بالمدن التي تعيش بفضل السياحة من قبيل مدينة ورزازات وزاكورة وكذلك عدد من المدن المتواجدة على الشريط الساحلي كالفنيدق وشفشاون.

انتقل إلى أعلى