يقرأ حاليا
الخديسي: كافة الدول تتجسس على بعضها.. وملف “بيغاسوس” به نوع من المبالغة
FR

الخديسي: كافة الدول تتجسس على بعضها.. وملف “بيغاسوس” به نوع من المبالغة

على خلفية تفنيد تهمة التجسس التي وُجهت إلى الرباط من طرف شبكة “فوربيدن ستوريز” و”منظمة العفو الدولية”؛ قال زهير الخديسي، مختص في المجال الرقمي ونائب رئيس تجمع المغرب الرقمي: “إن هذه الضجة المُثارة حاليا بخصوص “بيغاسوس” فيها نوع من المبالغة؛ وهناك استهداف للمغرب”.

وزاد الخديسي، في حوار خص به “نقاش 21” أن “لجميع الدول الحق في الحصول على التكنولوجيا الخاصة بالتجسس بغرض حماية أمنها القومي، وليس هناك ما يمنع دولة ما من الحصول على تقنيات للتجسس، لأنه مثلا لو قيل فيما بعد إن فرنسا تتجسس على رئيس الحكومة المغربي، لما أثيرت هذه الضجة، لأن هذا الأمر عادي، ويدخل أساسا في صلب مهام أجهزة المخابرات”.

وفي السياق ذاته، أصدر المغرب في قضية “بيغاسوس”، يوم الأربعاء 28 يوليوز 2021، أربعة استدعاءات مباشرة بتهمة التشهير، ضد كل من صحيفة “لوموند”، عضو الاتحاد الإعلامي الذي كشف عن قضية بيغاسوس، ومديرها جيروم فينوغليو، وضد “ميديابارت” ومديرها إدوي بيلينيل، والأخيرة ضد “راديو فرنسا” العضو في الاتحاد المذكور.

بداية، ما هو برنامج “بيغاسوس” وأين تكمن خطورته؟

“بيغاسوس” هو برنامج للتجسس، يقوم بالعبور للهواتف النقالة بغرض نسخ مجموعة من المعلومات المتعلقة بكل من الاتصالات والرسائل والصور وكافة الملفات المتواجدة داخل الهاتف، وتكمن خطورته في أنه نوع من الفيروسات الذي لا يحتاج لضغطة زر من طرف المُتجسس عليه، ولا لأي رابط، بل إنه لا يحتاج لأي موافقة قبلية من أجل تحميله على الهاتف، فقط يمكن للشخص التوصل باتصال أو برسالة نصية غير ظاهرة، حتى ينطلق في مهمته.

يعتمد على مجموعة من الثغرات المتواجدة في أنظمة تشغيل الهواتف، من أجل إدخال رمز معين للجهاز، للعمل من خلاله على إرسال كافة المعلومات المحصل عليها لجهة معينة.

ولا يُعتبر برنامج “بيغاسوس” أول من يعتمد على آلية صفر ضغطة من أجل التجسس، بل هناك عدد من البرامج غيره؛ لكن “بيغاسوس” عرف شهرة كبيرة لأنه ذُكر في عدد من الملفات الكبرى، كالتجسس على هاتف مدير شركة أمازون من طرف إحدى الدول، وذُكر في حالة الصحفي جمال خاشقجي، وقيل إنه استعمل للتجسس على عدد من الصحفيين الآخرين.

طيب، “بيغاسوس” تستخدمه عدد من الدول لأغراض مُعينة كمنع الهجمات الإرهابية وغيرها؛ فما الغاية الأساسية التي يمكن أن تكون مبررا للمغرب في حال أراد استخدامه؟

بداية لنتفق على أن برنامج “بيغاسوس” يُستخدم للتصنت، أما مبررات استعماله فهي متعلقة بالدول.

غير أنه من المعروف والجلي أن لجميع الدول جهاز المخابرات الخاصة بها، والدور الأساسي الذي يقومون به هو التجسس على الأشخاص الذين يشكلون خطورة سواء داخل أو خارج تراب الدولة؛ أما عن الاستعمالات الممكنة لبرنامج “بيغاسوس” المعروفة، فهي استخباراتية أو متعلقة بمكافحة الإرهاب، أو محاربة الجريمة، ومحاربة الاغتصاب؛ لكن الشيء المثير والمُتسبب في هذه الضجة الكبرى، أنه قيل إن استخدامه تم للتجسس على عدد من الصحافيين المعارضين أو على هيئات معارضة.

لكن لنكن منطقيين، فإنه من الناحية القانونية، لجميع الدول الحق في التصنت على مكالمات عدد من الأشخاص؛ وبالنسبة للمغرب يتم الأمر عبر مسطرة قضائية، وبأمر من وكيل الملك، لترصد المكالمات أو المعلومات المتعلقة بأشخاص معينة، ولا تحتاج في ذلك لبرنامج معين كبيغاسوس مثلا، وتقوم بهذه المسألة في حالات كمكافحة الإرهاب والإجرام.

هناك عدد من الدول تمارس التجسس ولم تَرِد في أي تقرير، بل إنهم يدافعون على الأمر بمبرر حماية أمنهم القومي، لماذا تثار ضجة حين يتعلق الأمر بدولة عربية؟

الواقع هو أن كافة الدول تتجسس على بعضها البعض؛ ثم إن هذه الضجة المُثارة حاليا بخصوص “بيغاسوس” فيها نوع من المبالغة؛ وهناك استهداف للمغرب، لأنه لو قيل مثلا إن المغرب يتجسس على الجزائر أو الجزائر تتجسس على المغرب كان سيكون الأمر عاديا بل ومنطقيا، لكن بما أن الأمر تعلق بٍذكر أسماء معينة من بينها رؤساء دول، فإن هناك نوع من الكيل بمكيالين ونية مبيتة.

أولا لجميع الدول الحق في الحصول على التكنولوجيا الخاصة بالتجسس بغرض حماية أمنها القومي، وثانيا ليس هناك ما يمنع دولة ما من الحصول على تقنيات للتجسس، لأنه مثلا لو قيل فيما بعد إن فرنسا تتجسس على رئيس الحكومة المغربي، لما أثيرت هذه الضجة، لأن هذا الأمر عادي، ويدخل أساسا في صلب مهام أجهزة المخابرات.

لكن السؤال الذي يفتح الآن بابا للنقاش هو: أن هذه البرامج الخاصة بالتجسس التي لا تُمنح الآن إلا للحكومات والدول، هل يُمكن أن تُصبح بين أيدي أشخاص أو منظمات يقومون باستخدامها في إطار غير مقبول، يُهددحرمة وخصوصية الناس؟

إذا كانت الشخصيات ممن بإمكانها استخدام أكثر برامج الحماية تطورا، عرضة للتجسس، فما بالك بباقي المواطنين، هل نحن فعلا آمنين داخل منازلنا؟

ابتداء من الوقت الذي بات فيه استعمال التكنولوجيا بشكل عام وعادي، فإننا لم نعد بأمان، ويجب أن يكون هناك وعي بهذا الأمر، لأنه قد تكون لهذه المعلومات أثر كبير، أبسطها المتعلقة بالبطاقة البنكية أو الملفات المُتواجدة بالهاتف؛ وقد يكون التجسس على الهواتف من طرف عدد من الشركات الخاصة، وذلك من أجل العمل على إرسال إشهارت مُتوافقة مع اهتمامات الشخص.

شركات الهواتف الآن، ربما تعرف علينا أكثر مما نعرفه نحن على أنفسنا، وهناك عدد من الأشخاص المعروفين يعملون على تغطية كاميرا الهواتف، لأنه بالموازاة مع برامج التجسس المتطورة فهناك عدد كبير من برامج التجسس التي يسهل استخدامها، ويمكن استخدامها بشكل سيء، مما يُنقص من خصوصية الإنسان.

انتقل إلى أعلى