يقرأ حاليا
عودة بنكيران من جديد.. هل يُبعث “البيجيدي” من رماده كطائر الفينيق”؟
FR

عودة بنكيران من جديد.. هل يُبعث “البيجيدي” من رماده كطائر الفينيق”؟

خلفت نتائج المؤتمر الاستثنائي، الذي أعاد بنكيران لرأس الحزب كأمين عام لحزب العدالة والتنمية خلفاً لسعد الدين العثماني، نقاشاً سياسيا كبيرا، وجدلاً داخل الحزب، بين من اعتبر أن الحزب على حافة “الانهيار”، وبالتالي يحتاج إلى قيادة شابة لضخ دماء جديدة، وتوجه آخر اعتبر أن بنكيران هو الرجل الذي سيخرج “البيجيدي” من الأزمة التي يعيشها بعدما مُني بهزيمة كبيرة في الانتخابات العامة الأخيرة، حيث تراجع عدد مقاعده في البرلمان من 125 إلى 13 فقط من إجمالي 395 مقعداً.

 

  عودة بنكيران، عجلت ببروز صراع الأجنحة داخل “البيجيدي” من جديد، إذ أسرعت عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، خديجة أبلاضي، لتقديم استقالتها من الحزب، عقب انتخاب الأمانة العامة الجديدة.

وسجلت نجلة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران، سمية بنكيران امتعاضها بعد انتخاب والدها  أمينا عاما للحزب، وتشكيل الأمانة العامة للحزب، مهددة بالاستقالة.

 وفي ظل هذا الصراع “الصامت” داخل حزب  العدالة والتنمية، بين تيار بنكيران، وجناح “الاستوزار” الذي يقوده عزيز الرباح، حاول بنكيران أن يبدد نوعا ما هذا الصراع، حيث دعا في أول كلمة له بعد انتخابه أمينا عاما لحزب “البيجيدي”، إلى “العمل الجماعي لتجاوز التراجع الحاد في انتخابات البرلمان الأخيرة”، مؤكدا “الأهم أن الحزب حافظ على وحدته”.

وأضاف: “لست إقصائياً، صحيح أنا بشر وعندي حساسيات لكني سأشتغل مع الجميع، وسوف نتعاون من أجل حل المشاكل”.

حظوظ عودة “البيجيدي” إلى الساحة السياسية

السؤال الذي يطرح نفسه في خضم تسارع الأحداث داخل “البيجيدي” بعد الانهيار المدوي في انتخابات 8 شتنبر، والذي بدأت باستقالة جماعية للأمانة العامة، وانتهت يوم امس السبت الماضي بانتخاب بنكيران على رأس الحزب، (السؤال ) هو هل سيعود الحزب إلى سابق عهده، وأن يبعث كالطائر الفينيقي الأسطوري من رماده، بعدما مني بهزيمة انتخابية وصفها بنكيران نفسه بـ”الكارثية”، وأضاف لي “بقا فيها ماشي غي الهزيمة أن الناس حتى واحد ما تحسر علينا فاش مشينا” في إشارة له إلى أن الحزب انتهى تواجده مجتمعياً.

وفي هذا السياق نقلت “نقاش “21 سؤالا مركزيا للمحلل السياسي والخبير في الشؤون الحزبية محمد شقير، حول إمكانية عودة الحزب للساحة، بعد عودة قائده السابق عبد الإله بنكيران؟

 الدولة تريد الحفاظ على الحزب

اعتبر شقير أن جهات داخل الدولة تريد الحفاظ على حزب “البيجيدي” ولا تريده أن يندثر موضحا أنه “كما تم الحفاظ على كل من حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وأحزاب أخرى يتم العمل على الإبقاء على حزب العدالة والتنمية”. مضيفا “ولعل الفقرة التي تضمنتها تهنئة بنكيران لرئاسة الحزب من جديد وحثه على الحفاظ على تعزيز مكانة الحزب ضمن الأحزاب الوطنية الجادة في إشارة سياسية تؤكد على هذا المنحى”.

وشدد شقير في حديثه مع “نقاش 21″، أن “رئاسة بن كيران للحزب سيكون، هدفه الرئيسي هو الحفاظ على وحدة الحزب، وتجنبه أي انشقاق قد يعصف بقوة الحزب وتنظيمه. أما تقوي الحزب فهذا رهين بالجهود التي ستبدل لإعادة هيكلة الحزب وتطعيمه بأطر جديدة يمكن أن تساهم في استعادة الحزب لمكانته السياسية واستغلال موقعه في المعارضة لإعادة الثقة في مشروعه السياسي بعد تجديد خطابه وبرنامجه السياسي”.

وحول الأسباب التي ساهمت في عودة بنكيران، أكد المحلل السياسي ذاته، أن بنكيران “استغل الهزيمة الانتخابية للحزب لكي يعود من جديد لقيادة الحزب” موضحا “لعل ما سهل له هذه المأمورية هو الصدمة السياسية التي أصيب بها أعضاء الحزب بعد النتائج الانتخابية المهينة والتي كانت تنذر بانقسام داخلي مما جعل بنكيران يمثل الشخصية القيادية التي ستعمل على الحفاظ على وحدة الحزب وإعادة الاعتبار السياسي لهذا التنظيم الذي  لم يفرز لحد الآن سوى شخصيتين قياديتين منذ ولوجه الساحة السياسية لأكثر من عشرين سنة”.

“البيجيدي” مطالب بتصحيح أخطائه وبنكيران بالتخلي عن تقاعده

 أكد المحلل السياسي، وأستاذ القانون الدستوري عبد الرحيم العلام، أن حزب العدالة والتنمية “لن يكون له شأن كبير في المشهد السياسي، حتى بعودة ابن كيران إلى قيادته، إلا إذا أقام الحزب نقدا ذاتيا، يُصحّح من خلاله الأخطاء”.

وفي السياق ذاته، قال بنكيران “أعلم أن بعض الأشخاص يتخيلون أننا سنعيد الماضي بسهولة، وأننا سننطلق من جديد. اسمعوا جيدا، أنا واحد منكم، أنا أخوكم عبد الإله بنكيران، لست بطلا من أبطال كرة القدم، ولست ميسي، ولكن سأبذل جهدي”.

إقرأ أيضا

وأوضح العلام أن من الأمور التي قد تساعده  “البيجيدي” على تجاوز “كبوته الشعبية وليست الانتخابية فقط، هو ألاّ يفكر في العودة السريعة إلى المشهد السياسي من بوابة المعارضة، لأن ذلك سيجعل من معارضته قريبة من السخرية، سيما وأن الكثير من السياسات التي سيعارضها هو من أسس لها أو على الأقل وُجدت في عهده”.

وأضاف المحلل السياسي من الأفضل للبيجيدي وللمجتمع، أن “يعود لذاته التنظيمية، يُلملم شتاتها، ويضمّد جراحها، وألاّ يشوش على المعارضة القائمة اليوم ضد سياسة الحكومة، لأن خروج الحزب إلى المعارضة السريعة، ستستغله الحكومة لكي تتهرب من أخطائها، وتُظهر المعارضة وكأنها معارضة حزب لم يعد في الحكومة. وعندما نقول عدم العودة السريعة للمعارضة، فهذا يعني المؤسسة الحزبية وليس عمل الأفراد”.

وأشار العلام إلى أن العدالة والتنمية عليه أن “يعلي من قيمة التواضع، وأن يجعل نفسه ضمن الجماعة السياسية المعارضة، بدل تلك الأستاذية التي اعتادها والتي جعلت غيابه غير مأسوف عليه، وأن يتعلم من أخطاء الماضي، لكي لا يرهن وجوده السياسي بتسويات خارج القواعد الشعبية، وألا يدخل في مساومات على حساب مصالح المواطنين”.

ودعا العلام “البيجيدي” إلى التركيز على “الخطاب السياسي، وأن يبتعد ما أمكن عن دغدغة العواطف الهويّاتية”، معتبرا أن من حق أعضاء العدالة والتنمية أن “يُظهروا نوع من الحماسة لعودة ابن كيران للقيادة، ويفرحوا وينشدوا، فإنه عليهم ألا ينسوا أن اكتساح ابن كيران لأصوات أعضاء المؤتمر، لا يعني أنه اكتسح أصوات الشعب، أو استعادة ثقة من كانوا يثقون به، وإنما الأمر يتعلق: أولا: أن الحزب لم يستطع إفراز قيادة جديدة تحقق شعبية للحزب”.

وفي الختام دعا العلام بنكيران أن “يتوقف عن إظهار دور المنقذ، والإدعاء بأنه لولا وجوده لسقطت الدولة، أو اقتناص الفرص من أجل الظهور بدور البطل، لأن ابن كيران وأنصاره يعرفون جيدا نتيجة هذه الادعاءات!”. كما طالبه بالتنازل عن التقاعد الذي مُنح له، وأن يعيش على مدخوله الشخصي وما يقدمه له حزبه للقيام بوظيفته السياسية، وذلك بعدما “لم يعد متقاعدا، وإنّما أصبح أمينا عاما لحزب سياسي لديه قواعد وموارد مادية”.

انتقل إلى أعلى