يقرأ حاليا
شفشاون في زمن الجائحة.. السياحة في غرفة الإنعاش
FR

شفشاون في زمن الجائحة.. السياحة في غرفة الإنعاش

بات الصمت يُخيم على جل المحلات التجارية المُتواجدة في قلب أزقة القلب النابض للمدينة الزرقاء، منذ أن قلصت الأزمة الوبائية من أعداد الزائرين، من المواطنين المغاربة عشاق السياحة الداخلية، والأجانب القادمين لاكتشاف مدينة شفشاون، المتواجدة في شمال المغرب، بجهة طنجة تطوان الحسيمة.

بعد مرور حوالي سنة ونصف على انتشار فيروس كورونا، مازالت الأزمة الاقتصادية تلوح في أفق سماء مدينة شفشاون، في ظل التوقف شبه التام للسياحة الخارجية، ومحدودية مردودية المداخيل المتأتية من السياحة الداخلية.

ووصف عدد من المهنيين القطاع السياحة بمدينة شفشاون بـ”موت الأمل” مرجحين الأسباب إلى “التدابير التقييدية للسفر بين المدن، والحد من إمكانية الوصول للسياح الأجانب، وفرض أوقات حظر التجول، وحظر الترفيه أثناء النهار والليل، بالإضافة إلى الإغلاق الإجباري لعدد من نقط البيع”.

وبحسب جولة قامت بها “نقاش 21” بين دروب الأزقة السياحية بشفشاون، لاحظت أن جل الباعة بدروب المدينة الزرقاء قد مسَّتهم نيران الأزمة الصحية، بسبب تراجع نسبة الوافدين على المدينة منذ مطلع سنة 2020؛ إذ بحسب أرقام رسمية، لم تستقبل المملكة في ظل السنة الفارطة سوى 2.2 مليون سائح بانخفاض يعادل 78 بالمائة مقارنة مع سنة 2019.

استسلام لأمر الواقع

في أزقة المدينة القديمة، المجاورة لمنطقة راس الما، تحولت الأسواق التي ينتشر فيها باعة المنتوجات الخشبية المصنوعة يدويا، واللوحات التعبيرية التشكيلية، والمنسوجات، إلى سلسلة من المتاجر ما بين المغلقة، وما بين الفارغة إلا من بضعة زبائن يعدون على رؤوس الأصابع.

عبد الله، صاحب محل لبيع اللوحات التعبيرية، بالمنطقة السياحية رأس الما، يقول في حديثه لـ”نقاش 21″ ويده على خده من حر الملل الذي يصيبه، في تعبير عن الصمت المخيم على المكان، والرغبة الجامحة في تكسير الوباء، وتخليص المدينة من الكساد الاقتصادي، وجعلها وٍجهة دائمة للسياحة والتسوق، طِوال السنة، إن “بعض الرسومات قد أصابها القِدم، وكأنها تعبت من عرض نفسها بدون أن يأتيها عاشق يبتاعها”.

“في خضم الأزمة اضطر عدد من الباعة إلى بيع محلاتهم، أو بيع ما بداخل المحل بثمن بخس في أحسن الأحوال” تقول “عائشة” بائعة أفرشة منزلية، اضطرت لتزويد دخلها بامتهان عمل إضافي، للحفاظ على محل الأفرشة الذي ورثثه من زوجها، فظل معيلا لها لسنوات طِوال.

وتضيف المرأة الخمسينية، بابتسامة هشة تُخفي ورائها الكثير من الشكوى “استسلمت لأمر الواقع، وأصبحت أطبخ لبعض النساء تحت الطلب، وأصنع الحلويات المنزلية، لأن مدخول هذا المحل تراجع للوراء، منذ أن حلت بنا الأزمة الوبائية؛ بالرغم من أن صيف هذه السنة أفضل بكثير من السنة الفارطة، وذلك لأن المغاربة المقيمين في الخارج أتوا ونوروا المدينة، وقدموا لنا بصيصا من الأمل”.

بدوره يعرب يوسف عن أسفه من تراجع نسبة الزوار بالمدينة الزرقاء، قائلا “كنت أعيش بفضل السياح الأجانب، أرافقهم لجولة في مدينة، وأعرفهم على أبرز الأماكن الصالحة لحصة الصور، ثم أقودهم لأحد المطاعم من أجل الراحة وتناول الأكل المحلي، لكن الآن الوضع تغير، وبات السياح في مدينتنا من العملات النادرة؛ أي نعم أحمد الله وأشكره في كافة الظروف، لكن الواقع يؤكد أن مدخولي تراجع بشكل كبير جدا”.

من جهتها، تحاول السلطات تشجيع السياحة الداخلية لتحريك القطاع إذ أعلن قبل أشهر قليلة عن حملة ترويجية، لكن رفع قيود الطوارئ الصحية يظل الوسيلة الوحيدة لإنقاذ السياحة، على ما يؤكده جل العاملين في القطاع.

إقرأ أيضا

السياحة في غرفة الإنعاش

فقدت عدد من الوحدات السياحية المُتواجدة في الأحياء الشعبية، أزيد من 80 في المائة من رقم معاملاتها السنوي، خاصة بعد أن تراكمت عليهم ديون الموردين والمصارف، فضلا عن المستحقات الجبائية المتراكمة عليهم بسبب استمرار تأثرها بالانعكاسات السلبية لتفشي جائحة كورونا المُتسببة في وقف أجور عدد كبير من العاملين في القطاع.

فيما أوضح عدد من المستخدمين بفنادق شفشاون، أن قطاع السياحة دخل غرفة الإنعاش وبات مصيره غامضا، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد، لأن المؤسسات الفندقية بكافة فئاتها المُجتمعية لم تعد لها القدرة على الحفاظ على فرص العمل والوفاء بالتزاماتها المالية والاجتماعية، ناهيك على أن عدد من العاملين بها دخلوا في حركة بحث مستمرة عن بديل لضمان المصروف اليومي.

ويرى رئيس الفيدرالية الوطنية للصناعة السياحية، لحسن زلماط، أن حالة الطوارئ الصحية في المملكة باتت مصدرا للقلق، وبالرغم من كافة النوايا الحسنة والتضحيات المتراكمة، فإن قطاع السياحة في المغرب يمضي نحو المجهول إذا استمر صمت الحكومة الذي طال أمده، لأنه بات من الضروري العمل على إيجاد حلول عاجلة لضمان استمرارية القطاع، بدلا تركه يغرق.

وكانت نادية فتاح، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية، قد طرحت قبل فترة قصيرة إمكانيات لإطلاق عجلة القطاع مجددا، من قبيل إقامة فسحات للمعارض في المتاجر الكبرى؛ ويوظف هذا القطاع أكثر من مليوني شخص أي 20 في المائة من اليد العاملة من بينهم نحو 230 ألف حرفي في الصناعات التقليدية، وتشكل الصناعات التقليدية حوالي 7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي مع صادرات، درت حوالي مليار درهم في غضون السنة المنصرمة.

انتقل إلى أعلى