يقرأ حاليا
سُحب من الصيدليات وبيع في “الفيسبوك” .. فوضى تُحيط بــ”كشف كورونا” في المغرب
FR

سُحب من الصيدليات وبيع في “الفيسبوك” .. فوضى تُحيط بــ”كشف كورونا” في المغرب

https://twitter.com/HoudaTwittoma/status/1425563237890863104?s=19

لا حديث في المغرب هذه الأيام، إلا عن أسباب سحب الاختبار السريع للكشف عن كورونا، من الصيدليات المغربية، خاصة أنه يُعطي نتائج تصل إلى 97 في المائة، في ظرف زمني لا يتعدى 15 دقيقة على أبعد تقدير، ويمكن لأي شخص أن يقوم به بنفسه دون الحاجة إلى مختبر أو طبيب، وبمقابل مادي لا يتجاوز 100 درهم.

واعتبر عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، أن قرار وزارة الصحة غير مقبول، ويخدم مصلحة المختبرات، التي تراكم الملايين من الدراهم يوميا، من اختبارات كورونا، التي يتراوح ثمنها بين 500 و800 درهم، بينما تحرم باقي المواطنين من اختبار “اللعاب” الذي كان يباع بالصيدليات بثمن يتوافق مع قدرتهم الشرائية؛ خاصة أن هناك عدد من المناطق التي لا تتوفر بها مختبرات ومراكز للكشف، في حين أن بها الصيدليات.

وعبر الصيادلة عن غضبهم من قرار سحب اختبارات اللعاب السريعة من صيدليات المملكة، في الوقت الذي تشهد البلاد تسارعا مُقلقا في أعداد الإصابات والوفيات اليومية بفيروس كورونا، نظرا للحاجة إليه في ظل هذه الظرفية الوبائية والاقتصادية التي يشهدها عامة المواطنين؛ كما أن الكشف السريع يُعتبر أرخص بكثير من اختبارات pcr التي تتطلب 500 درهم في ألطف الحالات، في حين أن اختبارات اللعاب السريع تُباع بحوالي 100 درهم.

ومما زاد من حدة الشكوك، هي المتابعات القانونية التي طالت كل شخص يبيع هذه “الكشوفات السريعة”، كما حصل في مدينة أكادير، حيث داهمت السلطات الأمنية محليين تجاريين، يعمدان إلى بيع هذه الكشوفات، الشيء الذي اضطر “المجلس الوطني لهيئة الصيادلة” إلى مراسلة وزير الصحة، بهدف السماح لهم ببيع هذه الاختبارات السريعة، لأسباب ربطتها بسهولة إجرائه من جهة أولى، ثم لأنه يعطي فكرة سريعة حول انتشار الفيروس.

سُحب من الصيدليات وبيع في “الفيسبوك” !

بحسب وديع مديح، الكاتب العام للجامعة الوطنية لجمعيات حماية المستهلك، فإن وزارة الصحة “مُلزمة بإيجاد حلول بديلة من أجل التخفيف من مصاريف المُواطنين، من أجل حماية حقوقه الاقتصادية والمحافظة على توازنه المالي الأسري، وكذلك بغرض مواجهة الوباء والقدرة على الحد من تفشيه؛ غير أنه للأسف يتم استغلال هذا الوباء للربح المادي، على حساب فئات لا حول لها ولا قوة”.

وأمام صعوبة إجراء فحص الإصابة بـ”كورونا” في المستشفيات العمومية، نظرا للاكتظاظ العارم الذي تعرفه، والذي ينتج عنه الفوضى، يُحاول عدد من المواطنين استعمال فحص الكشف pcr، لكنهم يعدلون عن الأمر بسبب غلاء الأسعار، إذ تتراوح تكلفة الفحص في المختبرات الخاصة بين 500 و 800 درهم، فيما يتراوح سعر الفحص السريع بين 250 و400 درهم، وهي أسعار حالت دون لجوء عدد كبير من المواطنين إلى إجراء الفحص، وانطلقوا في العلاج رغم ذلك.

“منع بيع الاختبار السريع لكوفيد-19 في الصيدليات، نتجت عنه سلوكيات مُضرة بالمستهلك، خاصة وأن بيعه بات مُتاحا في الخفاء، وعلى صفحات الفيسبوك، إذن لو تم تأطير توزيع هذه الاختبارات السريعة، لساهم ذلك في التصدي للجائحة” يؤكد مديح.

ويضيف رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك، في حديثه لـ”نقاش 21″ أنه “خلال الفترة الزمنية لتفشي فيروس كورونا، تم رصد عددا من التجاوزات في حق المستهلك، بدءا بالكمامات غير القانونية وأثمنة المُعقمات والرفع من أسعار المواد الاستهلاكية، وصولا إلى أثمنة الكشوفات السريعة عن الفيروس”.

وفي السياق نفسه، دعا المجلس الوطني لهيئة الصيادلة، إلى صرف الاختبارات السريعة للكشف المبكر عن فيروس كورونا، أسوة بما هو معمول به في كثير من الدول، داخل الصيدلية، بحكم أن القانون يجيز ذلك؛ وذلك تفاعلا مع التوصيات الدائمة لمنظمة الصحة العالمية، الداعية إلى تكثيف الاختبارات كوسيلة مباشرة وفعالة لمحاصرة الفيروس، والبدء المبكر في التدابير العلاجية.

وقالت كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب، في مراسلة وجهتها إلى مديرية الأدوية والصيدلة، إن دعوة سحب les tests antigéniques من الصيدليات، “لم تستوعبها الأطر الصيدلانية، لا من حيث الشكل الذي يؤهل الصيادلة للمساهمة في مجهودات الدولة للتصدي للجائحة، ولا من حيث المضمون الذي يفتقد للتأصيل القانوني وفق مقتضيات القانون 12-84”.

“أمر غير مفهوم”

من جهته، قال علي لطفي، رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة، إن “قرار وزارة الصحة سحب الاختبارات الذاتية السريعة من الصيدليات، بعد تدخل قوي من طرف عدد من المختبرات الخاصة، أمر غير مفهوم، خاصة في ظل صمت الوزارة الوصية”.

“هذه الاختبارات الذاتية، التي لا تتطلب وجود مهنيين صحيين في أخذ العينات “أقل عدوانية” من أجهزة PCR، وستسمح بالأداء أكثر” يضيف لطفي خلال حوار سابق لـ”نقاش 21″ مشيرا إلى أن “عدد من الدول من قبيل فرنسا لا يتجاوز فيها سعر الكشف السريع لكورونا 5 يورو، أو يتم إصدارها مجانًا، بناءً على إثبات للموظفين العاملين في المنزل مع كبار السن أو المعاقين”.

إقرأ أيضا

أما بالحديث عن مجانية الكشوفات الخاصة بكوفيد 19، يؤكد لطفي، أنه “يمكن أن يؤدي الوصول المجاني الكامل إلى الحد من انتشار الفيروس، وإنقاذ العديد من الأرواح، لكن الثمن الباهظ لها في المغرب، وأنه لا يتم تعويضها من قبل صناديق التأمين الصحي، يُساهم أكثر في تأزيم الوضعية الاجتماعية للعديد من الأسر، إذ أنهم لا يأخذون في الاعتبار القوة الشرائية المحدودة للمغاربة، نحن نتحدث عن نفقات الأسرة، أي 700 درهم × 2 أو × 4”.

كشف مجاني وزحام عَلَني

عبد الرحيم (اسم مستعار) يقول: “لكي أتفادى دفع المقابل المادي من أجل كشف كورونا، اضطرت أن ألتحق بالمستوصف العمومي المُجاور لمنزلي على الساعة السادسة والنصف صباحا، وحصلت بذلك على الدور الخامس، إذ أنني لو تأخرت قليلا لم أكن لأحصل على كشف مجاني، وكُنت سأضطر لدفع المال في مستوصف خاص، الشيء الذي يستحيل بالنظر إلى حالتي المادية”.

وعلى غرار عبد الرحيم، هناك العديد من المواطنين الذين يشعرون بأعراض العدوى، لكنهم يفتقرون للمُقابل المادي، وبالتالي يلجئون في وقت واحد للمستوصفات العمومية، حيث تجد العشرات في زحام مُطبق منتظرين دورهم في الحصول على كشف مجاني، لقطع الشك باليقين؛ وهناك يختلط المريض مع السليم، ويطول الانتظار في عدد من الأيام.

وأكد الطيب حمضي، رئيس نقابة الطب العام بالمغرب، أنه “كلما كان هناك تسهيلا ووفرة في الكشوفات السريعة عن كوفيد 19، من ناحية المجال الجغرافي والمُقابل المادي، كلما كان الأمر جيدا، وكلما كان هناك تقييما أفضل للحالة الوبائية، غير أن المهم بعد ذلك هو ضرورة عزل الأشخاص ذوي الحالة الإيجابية، وإلزامية إجراء التحاليل من قبل مخالطين، وهو الشيء الذي لا يكون يسيرا لدى عدد من الفئات المجتمعية”.

“يجب تكثيف الجهود بين كل من الدولة والمختبرات الخاصة لتسهيل عملية ولوج المواطنين إلى التحاليل، ويجب تجاوز فكرة الرفع من منسوب الربح المادي، إذ حاليا يجب ربح الرهان بمحاربة الوباء والحد من انتشاره، وليس استغلال الأزمة والظرفية الوبائية من أجل الكسب المالي” يضيف حمضي في حديثه لـ”نقاش 21″.

وبالحديث على أن عددا من المختبرات الخاصة لا تُقدم ورقة إثبات الحالة بعد إجراء الكشف السريع لكورونا، قال حمضي، إنه “حين يعمد المختبر إجراء التحليل، يجب تقديم ما يُبرر الأتعاب، ثم إعطاء ما يُبرر النتيجة التي كانت، كيفما كانت النتيجة، بدون قيد أو شرط”.

انتقل إلى أعلى