يقرأ حاليا
النيابة العامة تُبرز الأثر القانوني والسياسي للاعتراف بمغربية الصحراء
FR

النيابة العامة تُبرز الأثر القانوني والسياسي للاعتراف بمغربية الصحراء

نظمت النيابة العامة بمدينة الداخلة، ندوة بعنوان “الأثر القانوني والسياسي للاعتراف بمغربية الصحراء”، بحضور مختلف الشخصيات القانونية والفكرية، وذلك في إطار تخليد المغاربة للذكرى السادسة والأربعين للمسيرة الخضراء.

 

وقال الحسن الداكي، رئيس النيابة العامة، في كلمة ألقاها بهذه المناسبة، أن اختيار موضوع “الأثر القانوني والسياسي للاعتراف بمغربية الصحراء” كعنوان لهذه الندوة، يأتي في سياق يتميز بتحولات جد مهمة في ما يتعلق بقضية الوحدة الترابية والتي يقف فيها المغاربة جميعا موقفا واحدا وراء الملك محمد السادس، و”الذي كان لتبصر وحكمة جلالته الأثر البالغ في تحقيق التقدم البارز الذي عرفته قضية وحدتنا الترابية”.

فمغربية الصحراء، يضيف المتحدث، حقيقة لا مراء فيها، تشهد عليها فروض البيعة التلقائية لسكانها لمختلف سلاطين المغرب، باعتراف محكمة العدل الخاصة في قرارها التاريخي الصادر بتاريخ 16 أكتوبر 1975 الذي أكدت فيه على أن “الصحراء لم تكن أرضا خلاء أو بدون سيد، وأنه كانت روابط قانونية وولاء وبيعة بين سلاطين المغرب والقبائل المقيمة بالصحراء”.

وتابع المسؤول “إذا كان تاريخ المغرب يشهد على أن السلطان المولى إسماعيل كان يمارس سيادته المباشرة على قبائل توات وكورارة وتيفورارين وواد الساورة من الصحراء الشرقية وبالمنطقة الممتدة من وراء درعة بدءً من الساقية الحمراء، وعلى تنظيم حركات سلطانية إلى الصحراء قادها مولاي الحسن في جمادى الثانية سنة 1303/1886 قصد تجديد خطة القضاء بتعيين أحمد بن محمد الأعمشي الجنكي سنة 1886/1303. فإن التاريخ سجل أيضا أسماء قضاة أفداد ساهموا في الحياة اليومية للمجتمع الصحراوي إلى جانب زملائهم القضاة في باقي ربوع المملكة الشريفة نذكر منهم محمد بنيوسف بن عبد الحق الركيبي والخليل بن عبد الحي التهامي وبابا أحمد ولد سيدي عثمان وأحمد محمود بن الشيخ بوبكر الفيلالي ومحمد كمال ولد المحفوظ الأزرقي وحسنة بن سيدي عثمان وأحمد بن محمد بن عبد الله النودوتي، فضلا عن مواجهتهم لمحاولات طمس هوية القضاء المغربي وتشتيت وحدته، حيث رفضوا أي عمل قضائي لا يكرس الوحدة الوطنية وكل تدخل في شؤون القضاء يمس استقلاليته وحياده”.

إن المتحدث عن تاريخ القضاء في المغرب ودوره في وحدة البلاد ومغربية أقاليمه الجنوبية لا يمكنه أن يتنكر للدور الذي لعبه تعيين القضاة في تكريس هذه الوحدة وفي هذا السياق تؤكد بعض الوثائق التاريخية قيام السلطان مولاي عبد العزيز بتعيين القاضي الفقيه السيد صالح بن مبارك المجاطي لتولي خطة القضاء بمرسى طرفاية. وهذا من بين الدلائل الأخرى التي تؤكد مكانة القضاء في المناطق الصحراوية من المغرب. يقول الداكي.

وزاد مسترسلا، لاريب أن من يستعرض تاريخ الدولة المغربية، سيجد الصحراء حاضرة فيه، وهو ما يفسر التشابه والانسجام بين المغاربة قاطبة على مستوى عدة أصعدة فعلى مستوى القضاء يجد المتمعن في الأحكام التي يصدرها فقهاء الصحراء متشابهة كثيرا مع التي تصدر في الشمال، سواء من حيث الشكل (الخط الأسلوب) أو من جهة القواعد (مرجعية الإمام مالك).

وفي هذا السياق المتسم بالتحولات الكبرى التي عرفتها منظومة العدالة بالمغرب، تستمر اليوم اللحظات المشرقة في تاريخ القضاء المغربي من خلال مساهمة القضاء في مواكبة مسار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية وفي بلورة الجهوية المتقدمة سواء من حيث حماية الحقوق الأساسية وتحقيق الأمن القضائي للمواطنين أو المساهمة في تحسين مناخ الأعمال.

وقال المصدر ذاته “يحق لنا اليوم أن نفتخر كمغاربة بما حققته المناطق الجنوبية من بلدنا من تقدم عمراني وحضاري وما تتوفر عليه من مؤهلات متنوعة، وما ينتظرها من مستقبل واعد في ظل النموذج التنموي الجديد، الذي تتمتع فيه جل مكونات المجتمع المغربي بنفس الحقوق والواجبات على قدم المساواة لا فرق بين جنوبه وشماله، شرقه وغربه. ”

وتأكيداً لهذه الحقيقة أشار تقرير تقييم فعلية الحقوق الإنسانية الأساسية في الأقاليم الجنوبية، الذي تم إعداده من طرف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي سنة 2013، إلى أن الحق في الولوج إلى العدالة يمارس في الجهات الجنوبية بالطريقة ذاتها التي يمارس بها في باقي جهات المملكة، وأن مراقبة وتحسين احترام الوضعية القانونية للطفل وضمان الحماية القانونية للأمومة يجري ضمانها في مجموع أقاليم الجهات الجنوبية، على الشكل نفسه الذي تشهده باقي جهات المملكة.

ووعياً منه بدقة المرحلة التي تجتازها قضية الوحدة الترابية للملكة، يضيف الداكي، فإن “القضاء بكل مكوناته ليؤكد أن كل محاولة يائسة لخصوم وحدتنا الترابية تستهدف المساس بها، لا يمكن إلا أن تزيد من قوة عزيمة نسائه ورجاله بالتشبث بالحل المغربي للنزاع المفتعل حول قضيتنا الوطنية الأولى، والتي من خلال ذلك تنخرط مختلف مكونات العدالة في التجند الدائم إلى جانب باقي مؤسسات الدولة وكل فعاليات المجتمع وراء جلالة الملك محمد السادس من أجل الدفاع والذود عن مغربية الصحراء وعن المصالح العليا للبلاد ومقدساتها على المستويين الدولي والقاري”.

إقرأ أيضا

ويوضح رئيس النيابة العامة، “إن قضية الدفاع عن مغربية الصحراء هي قضية أمة بكاملها أفراداً ومؤسسات وهو ما عبر عنه جلالة الملك حفظه الله في خطابه السامي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية التاسعة سنة 2013 حيث قال جلالته “قضية الصحراء ليست فقط مسؤولية ملك البلاد، وإنما هي أيضا قضية الجميع: مؤسسات الدولة والبرلمان، والمجالس المنتخبة، وكافة الفعاليات السياسية والنقابية والاقتصادية، وهيئات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام، وجميع المواطنين”.

واعتبر الداكي أن الإيمان الجماعي بعدالة قضية الوحدة الترابية كما عبر عن ذلك ملك البلاد هو الذي جعل المغرب يحقق انتصارات كبيرة، ومكتسبات مهمة متتالية بالنظر لسعيه لإيجاد حل واقعي في احترام تام لسيادة المغرب ووحدته الترابية في إطار مبادرة الحكم الذاتي التي تظل الأفق الوحيد للتوصل إلى حل سلمي سياسي لهذا النزاع المفتعل.

ولقد كلل هذا النهج الاستراتيجي الواقعي لبلادنا باعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على كامل أراضي صحرائه بموجب المرسوم الرئاسي الصادر بتاريخ 04 دجنبر 2020، وما واكب ذلك من افتتاح مجموعة من التمثيليات الدبلوماسية الأجنبية بالأقاليم الجنوبية. وأخيرا القرار المهم الصادر عن مجلس الأمن في شهر أكتوبر الأخير حول تمديد ولاية بعثة “المينورسو” لعام إضافي، يضيف المسؤول.

وختم قائلا “انخراطا في الجهود التي تبذلها بلادنا لتكون في مستوى الرهانات ومواجهة التحديات وتعزيز مكانة المغرب والدفاع عن مصالحه العليا، عملت رئاسة النيابة العامة منذ تأسيسها بتاريخ 07 أكتوبر 2017 على استحضار الدور الذي يمكن أن تلعبه في الدفاع عن القضايا الوطنية الكبرى، حيث اعتمدت الديبلوماسية الموازية كآلية مواكبة للدبلوماسية الرسمية، وأخذت على عاتقها اعتماد وتفعيل استراتيجية تواصلية ومقاربة منفتحة قوامها نسج علاقات متينة مع السلطات القضائية الأجنبية وبعض المؤسسات والمنظمات الدولية، والتي تعنى بموضوع العدالة والقانون، مكنتها من التعريف بالتطورات التي تعرفها بلادنا على المستوى القانوني والحقوقي وأيضا على المستوى القضائي وتحسيسها بأهمية قضايانا الوطنية ووجاهة موقف بلادنا اتجاهها”.

 

انتقل إلى أعلى