يقرأ حاليا
إدريس الروخ: “ما يلزم السينما المغربية هو الانتشار داخل القاعات السينمائية العالمية”
FR

إدريس الروخ: “ما يلزم السينما المغربية هو الانتشار داخل القاعات السينمائية العالمية”

لطالما أبحرت بنا السينما في عالم متناسق المعالم، تجعل المشاهد يرى الحياة بنظرة وزوايا مختلفة، فهي تصور الواقع وتبحث عن مكامن الخلل فيه بغية معالجته وتطويره. “جرادة مالحة” فيلم سينمائي مغربي، من إخراخ الممثل والمخرج إدريس الروخ، تمكن من الفوز بجائزة أفضل إخراج ضمن فعاليات الدورة  37 من مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط.

ويحكي فيلم جرادة مالحة قصة “رانيا” وهي شابة في الثلاثينات من عمرها تعيش حياة زوجية مليئة بالمشاكل، سببها الشك والغيرة.

الشريط السينمائي يحكي عن وقوع رانيا ضحية لمؤامرة تهدف إلى التحكم والسيطرة، ومحاولة استخدامها كأداة من طرف أشخاص لاستغلالها لأعراض خاصة، لتصبح حياة البطلة  تطبعها الفوضى ولا استقرار لتقرر الذهاب والبحث عن حياة أخرى. 

فيلم جرادة مالحة فيلم طويل تبلغ مدة عرضه 125 دقيقة، شارك في الفيلم ثلة من النجوم المغاربة أبرزهم: منى الرميقي، وعدنان موحاجة، وفاطمة الزهراء بناصر، وإدريس الروخ، اضافة إلى عبد الرحيم المنياري، ومحمد الورادي، ومحمود بلحسن.

وتأتي مشاركة الفيلم المغربي في مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط بعد حضور لافت في ملتقيات دولية مثل مهرجان “تورنتو” بكندا حيث حاز على جائزة أفضل فيلم، ومهرجان “مونتريال” للأفلام المستقلة، ومهرجان “ديربان” السينمائي الدولي في جنوب إفريقيا، وكذا مهرجان “بافالو” السينمائي الدولي في الولايات المتحدة الأمريكية.

إدريس الروخ، من خلال حوار له مع جريدة “نقاش 21″،يكشف عن مجموعة من توضيحات حول الفيلم وتتويجه.

ماذا يمثل لكم الفوز ضمن فعاليات مهرجان الإسكندرية، خاصة وأن الفيلم “جرادة مالحة” قد توج في مهرجان تورنتو بكندا؟

فوزي في مهرجان الإسكندرية بجائزة الإخراج ضمن الدورة 37 هو تتويج لمجهودات فريق عمل يتكون من إدارة إنتاج وإدارة فنية ومن ممثلين وتقنيين وجنود خفاء اشتغلوا في هذا العمل الفني طيلة سنوات، فالاشتغال أولا كان عبر نص وفكرة بيني وبين الفنان عدنان موحاجة، لتحولت بعد ذلك إلى الاشتغال في عمل ضخم، لتبدأ عملية التصوير والإنتاج ثم النسخة النهائية.

بعد الفوز، أشعر بالاطمئنان إلى ما قدمته كما أشعر بأن ما تم تقديمه فعل كائن يتوج في العديد من المهرجانات سواء بكثرة المشاركة ضمن في العديد من الفعاليات أو بالحصول على الجوائز وهذا يجعلك تستعد للمغامرات السينمائية والفنية أكثر، كما يجعلك تحس بأن للسينما دور في الحياة العامة للأشخاص فهي تخلق ذلك الفضاء الممتد الذي يصل للآخر ويكسر كل الصعوبات والترددات الخبيثة التي تكهرب أجوائنا وتجعلنا نشعر بالسلبية، فالسينما إيجابية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى فهي نفس وعبق وراحة البال وتواجد على مر العصور والأزمان.

ما هي الرسالة التي أردت إيصالها من خلال الفيلم؟

الفيلم في الحقيقة هو رسالة إلى العالم والإنسان و الإنسانية، على اعتبار أن هذا الفيلم يحمل في طياته الكثير من المعاني والدلالات والمفاهيم الإنسانية، خصوصا حينما يتسائل الإنسان عن من هو ومن نحن داخل هذا العالم الشاسع، الذي به العديد من المعيقات والذي في داخله قبح وخبث وفيه مؤامرات تجعلك لا تعرف نفسك وقد تجعلك تائها بين نفسك وذاتك وبينك وبين الآخر والعالم المحيط بك وبالتالي تجهل هويتك الحقيقية.

الفيلم يتحدث عن الأنا، عن من نحن بالرغم من أننا في قرارات أنفسنا قد نتسائل هل نقرر وهل نختار وهل نحن موجودون بالفعل. وبالتالي فالفيلم سؤال كبير وعميق حول مفاهيم مهمة جدا في حياتنا اليومية لكي يسائل الآخر الذي يشاهدنا ويسلط تركيزه على ما نقدمه. ليأتي الفيلم كطرح لهذا المضمون حول هذه التركيبة داخل دماغنا وأنفسنا فقد يكون أحد ما يشتغل في الداخل ولا نعرف لماذا.

لماذا اخترت مدن إفران ومكناس وأزرو وبن صميم لتصوير مشاهد الفيلم؟

اختيار مدن إفران، مكناس، أزرو بن صميم، هو اختيار عقلاني واختيار منطقي له طبيعة ذات صلة بأحداث وشخصيات الفيلم، باعتبار أن أول إقامة فنية لكتابة هذا الفيلم تمت في مدينة الحاجب لتنتقل بعد ذلك ما بين إفران، بن صميم وأزرو ومكناس هذه الإقامة الفنية، عملت على اختيار ديكورات تحمل قوة درامية، وعلاقة نفسية ذات تأثير وتأثر بين الطبيعة وبين الشخصيات والمكان الذي ستقام فيه كل تلك اللعبة أو الخلطة التي يديرها أشخاص معينون سنكتشفها من خلال هذا الفيلم.

وبالتالي لا بد أن يكون بلاطو تصوير كبير جدا يتيه فيه الإنسان وفي نفس الوقت لا شيء فيه، وبالتالي اختيار هذه الديكورات مليء بالقناعات النفسية ومليء بالتركيبات المجازية، وبكل ما تحمله هذه الشخصيات من أسرار وخبايا نكتشفها من خلال العلاقة بين الديكورات والكثير من الإكسسوارات والملابس فهنالك تركيبة جمالية درامية نفسية عميقة تصب في تركيبة الشخصيات وتكوينها.

إقرأ أيضا

ماذا ينقص السينما المغربية للوصول للعالمية والجودة المطلوبة؟

السينما المغربية حاضرة وبقوة خلال سنوات مضت، نتيجتا لكثرة الإنتاج وتنوع المواضيع والأجناس السينمائية، بالإضافة إلى اختلاف الأفكار والمفاهيم لدى المبدعين وصناع الفرجة، وأيضا المشاركات الكبيرة والكثيرة للعديد من الأفلام في مجموعة من المحافل والمهرجانات كمهرجان “كان” و “برلين”، ربما ليس هذا هو الطموح الأكبر فطموحنا يمتد لأكثر من هذا فدائما نتمنى أن تكون السينما المغربية لها فعالية داخل هذه المهرجانات وأخرى.

إن السينما المغربية منتشرة داخل خريطة المهرجانات العالمية ولعل كل الأفلام التي تمر هنا وهناك تحصد جوائز وتنال إعجاب الجماهير.

أعتقد أن ما يلزم السينما المغربية هو الانتشار داخل القاعات السينمائية العالمية، والانتشار لا بد أن تكون له إستراتيجية وسياسة معينة لتوزيعه داخل هذه البلدان، ويصبح ضمن خريطة الأفلام المبرمجة طوال السنة سواء الأفلام التي تخص الجانب الجمالي أو الاستعراضي أو التجاري أو الفني أو التأليفي.

وبالتالي فما ينقص الأفلام السينمائية المغربية هو هذا الانتشار سواء داخل أرض الوطن أو بالخارج وعندما نتحدث عن الانتشار فإننا نتحدث عن الفرجة والتفاعل الإيجابي مع الجماهير المختلفة  وأن تكون هنالك فعلا أداة لنقل المعرفة والخبرة السينمائية إلى الآخر فمن خلال هذه التجربة قد تكتشف ما يبهر العالم.

كما أن هذا لا يعني أن السينما المغربية قد حققت الكثير وأنها وصلت إلى الأوج. أعتقد أن السينما المغربية وصلت للأهم شيء وهو التنوع والتعدد وفهم معنى إعطاء القيمة الحقيقية للسينما، وبالتالي فأوج السينما سيكون من خلال أفلام ومشاريع تخص الجوانب الإنسانية والروحية والتاريخية. 

فمن الواجب الاشتغال على هذه المواضيع على اعتبار أنها هي من ستجعل لنا سينما حاضرة بقوة ليس فقط داخل المهرجانات ولكن أن يصبح لها وجود في الثقافات الأخرى سواء عربيا أو عالميا.

انتقل إلى أعلى