يقرأ حاليا
تقرير: تطورات جديدة.. إسبانيا تسعى لطي صفحة الأزمة مع المغرب
FR

تقرير: تطورات جديدة.. إسبانيا تسعى لطي صفحة الأزمة مع المغرب

 المؤشرات التي طفت على السطح مؤخراً، تقول إن اسبانيا، تسعى إلى طي صفحة الأزمة مع المغرب، وفتح صفحة جديدة يطبعها توطيد العلاقات في مجالات مختلفة، وذلك بعد الخرجات الإعلامية التي عبر من خلالها مسؤولو حكومة مدريد عن دفاعهم عن المغرب في ملف “إلغاء اتفاقيتي الصيد البحري والزراعة مع الاتحاد الأوروبي”، وتهنئة رئيس الحكومة الاسباني، لأخنوش بعد توليه لرئاسة الحكومة المغربية، والتي عبر فيها عن استعداده للعمل معها.”

 

الأزمة التي تحاول إسبانيا، إطفائها، اندلعت بعدما قامت مدريد بإدخال المدعو إبراهيم غالي زعيم ميليشيات “البوليساريو”، بأوراق مزورة، وصفة منتحلة”.

وفي هذا السياق، اعتبر الحسن أشهبار، أستاذ القانون الدستوري، والمتخصص في العلاقات الدولية، أن الأيام الماضية، كشفت لنا عن مجموعة من المؤشرات، التي تؤكد أن “الغيوم التي كانت تعكر صفو العلاقات بين المغرب واسبانيا، يتوقع أن تنقشع بشكل تدريجي لتفتح صفحة جديدة بين الدولتين”.

مؤشرات السعي نحو صفحة جديدة

من بين أقوى هذه المؤشرات التي تكشف أن اسبانيا تتجه نحو  إرضاء المغرب، وفتح صفحة علاقات جديدة، هو دفاع وزير الداخلية الإسباني “فرناندو غراندي مارلاسكا” عن المغرب، في مقر البرلمان الأوروبي ببروكسيل، وقال إن بلاده تراهن على التعاون مع المغرب في مجال الهجرة، ولا تعتقد أن الجار الجنوبي يمثل مشكل في هذا المجال.

وأكد وزير الداخلية ، أن المغرب “لم يستعمل ملف الهجرة للضغط على الاتحاد الأوروبي”، كما أنه “لم يسمح بمرور المهاجرين إلى البلدان الأوروبية للضغط عليها”. مشيدا بدوره في حماية أوروبا من تدفق المهاجرين غير النظاميين.

 ومؤشر ثاني، هو قرار القضاء الإسباني، الذي وضع وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة، قيد التحقيق على خلفية دخول زعيم ميليشيات “بوليساريو” إلى بلاد “الأندلس”، من أجل تلقي العلاج إثر إصابته بكوفيد-19.

وبمجرد تشكيل “حكومة أخنوش” أصدرت الحكومة الاسبانية، بلاغا، تهنئ فيه المغرب، على تنصيب الفريق الحكومي الجديد، وعبرت فيه عن أملها في العمل مع الحكومة المغربية الجديدة لتكييف الشراكة الاستراتيجية مع الفرص، والتحديات المشتركة، وذلك “على أساس الثقة، والاحترام، والمنفعة المتبادلة” كمؤشر ثالث مركزي.

وانتهزت إسبانيا الفرصة، للتأكيد على أن المغرب “شريك استراتيجي، وبلد مجاور، وصديق”، معبرة عن أملها في مواصلة تطوير تعاون نموذجي، ومثمر معه، في مجالات متعددة، بما يساهم في الاستقرار، والازدهار الإقليمي” حسب ما جاء في البلاغ.

إسبانيا المستفيد الأكبر

اعتبر الحسن أشهبار المتخصص في العلاقات الدولية،  في تصريح لـ”نقاش 21″،أن “إسبانيا تسعى إلى التكفير عن أخطائها السياسية مع المغرب، بعدما أدركت أنه حليف استراتيجي لا محيد عنه، وأن اقتصادها مرتبط به الى حد بعيد، وهذا ما أكده مسارعة رئيس الحكومة الإسباني سانشيز لتهنئة أخنوش، بعدما عينه صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، رئيسا للحكومة”.

وأوضح أشهبار أن “الفترة الأخيرة جاءت بمتغيرات، أبرزت أن “المصالح الاسبانية مرتبطة بالمغرب بشكل كبير، خاصة بعدما أصدرت المحكمة الأوروبية قرارا ابتدائيا بشأن الغاء اتفاقية الصيد والفلاحة مع المغرب، إذ لم يتأخر الرد الإسباني، الذي أكد على عدم تشكيكه في علاقة التعاون التي تربط المملكة المغربية مع الاتحاد الأوروبي”.

“وزير الفلاحة والصيد البحري الإسباني “لويس بلاناس”، من جهته، أكد أن إسبانيا كانت دائما تدافع عن الوضع المتقدم للمغرب داخل الاتحاد الأوروبي، وأنها ستواصل على نفس النهج، بدعم المغرب لكونه شريكا استراتيجياً لإسبانيا”، وهو الموقف الذي أوضحه أشهبار بأنه مبني على “مصالح كبرى لآلاف الصيادين الإسبان الذين يزاولون أنشطتهم في المياه الإقليمية للمملكة “، وكذلك بالنظر لأواصر التجارية والاقتصادية، التي تربط المغرب بإسبانيا، فألاف الأسر الاسبانية، تعيش على المداخيل التي تأتيها من المغرب في ظل وجود أسطول إسباني كبير بالمغرب.”

“وزير الداخلية الاسبانية بطبيعة الحال تماشيا مع قرار حكومته، المؤيد للمغرب، أكد على حاجة الاتحاد الأوروبي وإسبانيا للمغرب، بالنظر لدوره البين في مجال الهجرة، ومكافحة الشق غير الشرعي منها”، يضيف أشهبار، موضحا أنه “بدون الدور الذي تقوم به المغرب في حماية حدود الاتحاد الأوروبي، انطلاقا من اسبانيا لكانت أوروبا غارقة في مستنقع “المهاجرين السريين”، متخذين من المغرب نقطة للعبور نحو إسبانيا ومنها إلى باقي الدول الأوروبية”.

هذه التطورات، يدل عليها كذلك، تغيير موقف القضاء الإسباني الذي فتح من جديد ملف إبراهيم غالي، المتهم بارتكاب عدة جرائم في حق  الصحراويين والصحراويات دون إغفال استدعاؤه لوزيرة الخارجية السابقة، والتي تبين ضلوعها في دخول غالي إسبانيا بطريقة غير قانونية، بغية مسائلتها إلى جانب مسؤولين اخرين في هذا الملف”.

الملك وإعادة ربط العلاقات مع إسبانيا

 أكد الملك محمد السادس، في خطابه بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، أن المغرب يرغب في “إقامة علاقات قوية، بناءة، ومتوازنة، خصوصا مع دول الجوار، متحدثا عن إسبانيا، وفرنسا على وجه الخصوص”.

وأشار الملك إلى أن “العلاقات بين الرباط ومدريد “مرت، في الفترة الأخيرة، بأزمة غير مسبوقة، هزت بشكل قوي الثقة المتبادلة، وطرحت تساؤلات كثيرة حول مصيرها”، وتحدث عن بداية حل المشكل، وقال: “غير أننا اشتغلنا مع الطرف الإسباني، بكامل الهدوء، والوضوح، والمسؤولية”.

وقال الملك إنه إضافة “إلى الثوابت التقليدية، التي ترتكز عليها، نحرص، اليوم، على تعزيزها بالفهم المشترك لمصالح البلدين الجارين”.

وأكد الملك أنه “تابع شخصيا، وبشكل مباشر، سير الحوار، وتطور المفاوضات”، وأضاف: “لم يكن هدفنا هو الخروج من هذه الأزمة فقط، وإنما أن نجعل منها فرصة لإعادة النظر في الأسس، والمحددات، التي تحكم هذه العلاقات”.

أصل النزاع

بدأت تتوتر العلاقة بين الجارتين، إثر دخول زعيم بوليساريو، إبراهيم غالي، إلى إسبانيا في 18  أبريل بعدما أقلته طائرة طبية تابعة للرئاسة الجزائرية، وبحوزته “جواز دبلوماسي”. ومن ثم أدخل غالي إلى مستشفى لوغرونيو (شمال إسبانيا) بحال حرجة.

وكان المغرب، “وزارة الخارجية”، قد أعربت عن “غضبها وطالبت بتحقيق شفاف حول ملابسات دخول غالي إلى إسبانيا، مؤكدة أن “زعيم بوليساريو دخل الأراضي الإسبانية وافدا من الجزائر “بوثائق مزورة، وبهوية منتحلة”.

وعرفت العلاقات المغربية الأوروبية حالة من التدهور بعد غض المغرب الطرف عن عبور عدد من المهاجرين إلى “داخل حدود الاتحاد”، في شهر ماي الماضي، على خلفية الأزمة التي اندلعت بين المغرب وإسبانيا بعد سماح هذه الأخيرة بدخول زعيم جبهة “البوليساريو” إبراهيم غالي إلى حدودها بجواز سفر مزور ودون إعلام المغرب بذلك.

انتقل إلى أعلى