يقرأ حاليا
ارتفاع أسعار المواد الغذائية يُنهك جيوب المغاربة.. والأنظار تتجه صوب أخنوش للتدخل
FR

ارتفاع أسعار المواد الغذائية يُنهك جيوب المغاربة.. والأنظار تتجه صوب أخنوش للتدخل

في غياب أي تفسير رسمي، لا حديث بين المغاربة هذه الأيام إلا عن موجة الغلاء التي عَصفت بالأسواق المغربية، فمسَّت كافة المواد الغذائية الاستهلاكية، وكذلك الصناعية، الشيء الذي وُصف بـ”القفزة الهائلة في الأسعار التي أنهكت جيوب المُواطنين”.

واستاء المُواطنين المغاربة من هذه الزيادات، التي طالت المواد الأساسية في فترة سياسية خاصة في المغرب، وتعلق الأمر بفترة تسليم السلط ما بين حكومة سعد الدين العثماني المُنتهية ولايتها، وحكومة عزيز أخنوش، المُتصدر نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة.

وارتفعت أسعار جُل المواد الغذائية الأساسية، بنسبة فاقت النصف في بعض المواد، إذ عرف ثمن الزيت ارتفاعا انتقل من 10 دراهم إلى 16 درهما للتر الواحد، فيما ارتفع ثمن القطاني خاصة العدس إلى 13 درهما بعدما كان لا يتعدى 7 دراهم ونصف، ووصل ثمن الكيلو من الفول إلى 10 دراهم وكان ثمنه في السابق 8 دراهم، وقفز ثمن الزيت من 55 درهما إلى 85 درهما بالنسبة لخمسة لترات، كما ارتفع ثمن الدقيق من نوع الفينو بـ75 درهما لكيس 25 كيلو غراما، و35 درهم للكيس من حجم 10 كيلوغرامات، وعرفت أسعار المعجنات زيادة كبيرة تراوحت ما بين 1.70 درهم ودرهمين للكيلو غرام الواحد، بينما ارتفع سعر الكيلو غرام من الشاي بنسبة 7 في المائة.

ما سبب الزيادات “المُهولة” في أثمنة المواد الاستهلاكية؟

أتت الزيادات كالصفعة الحارقة، على ذوي الدخل المحدود وعديمي القدرة على قضاء حاجياتهم الأساسية من الأسواق، إذ أصبح جُلهم يُسارع الخطى للعودة إلى منزله، بقفة شبه فارغة، لا تغني ولا تسمن من جوع، بعدما كان فيما مضى يستطيع اقتناء ما يشاء من حاجيات أساسية. خاصة وأن هذه الزيادات حلَّت في الوقت الذي تستعد فيه الأسر للدخول المدرسي، مع ما يُصاحبه من مصاريف.

ويرى بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك، “في سنة 2020 كانت أسعار القمح قد ارتفعت عالميا، فتدخلت الحكومة آنذاك لخفض الرسوم الجمركية، مما عمل على خفض الأسعار، غير أنه في شهر يونيو 2021، قبل نهاية حكومة العدالة والتنمية، عملت على الرفع من الرسوم الجمركية، إلى 170 في المائة، الشيء الذي انعكس على أسعار المواد الاستهلاكية في السوق المغربي”.

هذه الزيادات لم تقف عند المواد الغذائية، بل إن أسعار المحروقات بدورها عرفت زيادات صاروخية ساهمت في ارتفاع أسعار الخضر والفواكه بالإضافة إلى الزيادات التي مسَّت مواد البناء، ومواد الترصيص والكهرباء، من قبيل أن ثمن الصنبور العادي ارتفع بما يُناهز 100 درهما، وذلك إلى حدود أواخر شهر شتنبر المُنصرم.

ويُردف الخراطي لـ”نقاش 21″ أنه “في سنة 2020 كنا قد طالبنا الحكومة أن الانخفاض الذي طال أثمنة القمح بالمغرب لا بد وأن يمسَّ الزيت كذلك، لكن مع الأسف لم تقم بهذا الأمر، مما انعكس بشكل جد سلبي على أثمنة الزيت في السوق الاستهلاكية المغربية” مشيرا إلى أنه “بالمقارنة مع عدد من الدول التي تعمل أيضا على استراد المواد الخام للزيت، فإن المغرب طالته زيادات كبيرة، على عكس باقي الدول”.

وأكد الخراطي حديثه لـ”نقاش 21″ بأن “المغرب واسبانيا تقتني نفس المواد الخام للزيت من السوق العالمي، غير أنها تبيعه بثمن أقل من السوق المغربي، لهذا إن هناك عدد من نقاط الاستفهام التي ننظر من كل وزارة المالية ومديرية الحكامة توضيح الأمور”.

ودخلت الشركة المُنتجة لزيوت المغرب، على خط الزيادات، من خلال بيان لها، بالقول إنها “تتفهم القلق والانزعاج اللذين خلفهما ارتفاع أسعار زيوت المائدة بالسوق المغربية خلال الأشهر الأربعة الماضية همت جميع الفاعلين، وهي راجعة بالأساس إلى ارتفاع مهم في أسعار المواد الزراعية الأولية على الصعيد الدولي. ومنذ مايو 2020، بلغ ارتفاع سعر الصوجا 80 % وسعر عباد الشمس 90%”.

“هناك زيادة غير معقولة في السوق على الصعيد الوطني، وهذه الزيادات طالت كذلك عدد من المنتوجات الأخرى، من قبيل الزجاج، الذي ارتفع ثمنه من 70 درهما للمتر المكعب إلى 135 درهم أو 200 درهم، الشيء الذي يعكس الخصاص المتواجد على السوق المغربي، بالرغم من استراد تركيا والإمارات والسعودية” يُؤكد الخراطي أنه “رغم أن بعض المواد المُستوردة من الصين لم تمسها التغيير في الأثمنة”.

“استغلال فترة سياسية لشن غلاء الأسعار”

يسترسل رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك “في الحملة الانتخابية استغل الموردين هذه الفترة في تمرير جُملة من الزيادات التي مسَّت كافة المواد الاستهلاكية وغيرها المُتواجدة في السوق المغربي، الشيء الذي مسَّ السوق المغربي وجعله يُصابُ بفوضى عارمة في غياب أي مُراقب، فتغيرت كذلك أثمنة بعض الأدوية، وعدد كبير من المواد الصناعة، ووسائل النقل”.

أما عن دور الجامعة المغربية لحقوق المُستهلك، فيقول الخراطي أنها “منذ السنة الماضية وهي تستنكر وتدين الزيادات التي تمت بدون سبب، غير أنه لكامل الأسف ليس لنا الحق في التقاضي، وإلا لكنا قد ذهبنا إلى القضاء، لإنقاذ المُستهلك المغربي” مشيرا أن الجهة الوحيدة حاليا المُخول لها التدخل لوضع حد لغلاء الأسعار هي مديرية الحكامة والمنافسة في وزارة المالية، “هي التي تتابع الأسعار ومسار المواد كيفما كان السوق المغربي، وبالتالي هي المسؤولة التي كان بإمكانها التدخل، للقيام بإحالة إلى مجلس المنافسة”.

“نحن لا نتوفر على الحق في القيام بإحالة إلى مجلس المُنافسة، لأنه لا نتوفر على الحق في التقاضي، ولا الحق في الترافع، وبالتالي إن جمعية حماية حقوق المُستهلك مسجونة بعدد من القوانين التي قام بها الموردين، لكي تظل الحركة ضعيفة، وبدون تأثير السوق المغربي” يضيف المُتحدث نفسه.

إقرأ أيضا

ويشار إلى أن مجلس المنافسة، مؤسسة دستورية مستقلة تهدف إلى توفير الشروط الملائمة لضمان منافسة حرة ونزيهة في الأسواق، وحماية المستهلك.

ووفقا للمادة الثانية من القانون 104.12 فإن أسعار السلع والمنتجات والخدمات تُحدد عن طريق المنافسة الحرة، عدا السلع والمنتجات والخدمات التي تحدد قائمتها بنص تنظيمي بعد استشارة مجلس المنافسة؛ الشيء الذي دفع عدد من المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى تدخل الجهات الوصية، من أجل الحيلولة دون اتفاق الشركات فيما بينها على السعر الذي تبيع به منتجاتها في السوق.

وحسب ما جاء في المادة 4 من قانون الأسعار والمنافسة، فإن الإدارة يمكنها القيام، بعد استشارة مجلس المنافسة، باتخاذ تدابير مؤقتة ضد ارتفاع أو انخفاض فاحش في الأسعار تعلله ظروف استثنائية أو كارثة عامة أو وضعية غير عادية بشكل واضح في السوق بقطاع معين، دون أن تزيد مدة تطبيق التدابير المذكورة عن ستة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة.

مُطالبات جمعيات المُستهلك بالمغرب بحق التقاضي

إن جمعيات حماية المستهلك في فرنسا، على سبيل المثال، تلعب دورا فاعلا في الدفاع عن مصالح جمهور المستهلكين، حيث باتت من جماعات الضغط الاجتماعي، سواء على المشرع الذي باتت تدفعه إلى سَنِّ سياسة حمائية، كما شكلت أيضا مجموعة ضغط على المهنيين من خلال الأساليب أو الطرق التي سلكتها لحماية المصلحة الجماعية للمستهلكين، وذلك من خلال الدعاية المضادة ضد المشروعات التي تلحق الضرر بالمستهلكين، أو من خلال الامتناع عن الشراء أو مقاطعة بعض المنتوجات أو الخدمات، وأخيرا من خلال الامتناع عن دفع ثمن المنتوج أو الخدمة.

في السياق نفسه، أشار الخراطي إلى أن “الصين دولة شيوعية وقامت بإعطاء حق التقاضي لجمعيات حماية المستهلك منذ سنة 2010، ونحن في المغرب بالرغم من الاعتماد على السوق الحُرة التي يتحدد سعرها بناء على العرض والطلب، لا نتوفر على أي جمعية لها حق التقاضي أو الترافع، مع أننا قمنا بطلبه لمرتين، وتم رفض طلبنا بناء على أسباب تافهة، وبالنسبة لطلب المنفعة العامة لم نتوصل بأي رد يُذكر، مع أنه قانونيا يجب أن نتوصل بالرد”.

وأكد الخراطي على أن المشكل الأساس يكمن في “الظرفية والاتفاق بين الموردين على غلاء الأسعار الشيء الذي يُعتبر ممنوعا قانونيا، أما الزيادة في حد ذاتها في المواد الخام فهي مُرتبطة بمنظمة الأمم المتحدة”.

وكانت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “فاو” أكدت في تقريرها الشهري، أن أسعار الغذاء العالمية قفزت لـ32.8 بالمائة خلال سبتمبر الماضي على أساس سنوي، وسط استمرار زيادة أسعار مجموعات الغذاء الخمس الرئيسة، مشيرة إلى أن متوسط مؤشر المنظمة لأسعار الأغذية، بلغ 130 نقطة في سبتمبر، بارتفاع 1.2 بالمائة على أساس شهري.

انتقل إلى أعلى