يقرأ حاليا
محمد عبد الوهاب رفيقي: الإصلاح الديني في الغرب
FR

محمد عبد الوهاب رفيقي: الإصلاح الديني في الغرب

بعد أن تحدث محمد عبد الوهاب رفيقي، مفكر وباحث في الدراسات الإسلامية متخصص في قضايا التطرف والإرهاب والإصلاح الديني، في الحلقة السابقة، على أن الإصلاح الديني حل للمصالحة بين الدين والواقع وتيسير الحياة على الناس بدون الحاجة إلى التخلي عن الدين؛ تطرق في هذه الحلقة لمفهوم الإصلاح الديني وسياقاته التاريخية.

“إن محاولات التجديد والقراءات الدينية المختلفة والتأويلات في الإسلام هي قديمة قدم الإسلام نفسه” هكذا انطلق رفيقي، موضحا أن مصطلح الإصلاح الديني، لم يُعرف في أروبا إلا في القرن السادس عشر ميلادي، كحركة دينية تنادي بإصلاح الكنيسة وتصحيح الممارسات الخاطئة، وهذا ما نتج عنه ما يعرف بالكنائس الإنجيلية.

وأضاف رفيقي، خلال الحلقة الثانية لبرنامج “مراجعات” الذي خص به “نقاش 21” بالقول: “الإصلاح الديني، هي الحركة التصحيحية التي كانت تدعو إلى تقويم الكنيسة الكاثوليكية واعتماد الإنجيل كمصدر أصلي ووحيد للدين، بعيدا عن البابا والتقاليد المسيحية المتوارثة وتفسيرات رجال الدين”.

“طبعا هذه العملية لم تكن بالسهلة، بل خلقت اختلافات كبيرة بين زعماء الإصلاح” يضيف الباحث في الدراسات الإسلامية مردفا “لا ننسى في ذلك أن الفروق الجغرافية والسياسية والثقافية بين هذه الدول نتج عنها أكثر من حركة إصلاحية، إلى أن بات نصف سكان أروبا منشقين على الكنيسة الكاثوليكية، وذلك خلال مدة قصيرة لا تتجاوز الأربعين سنة”.

إلى ذلك، يمضي رفيقي، المعروف إعلاميا بلقب “أبو حفص” مؤكدا أن شعوبا ودولا بأكملها انضوت تحت لواء الكنيسة البروتيستانتية والإنجيلية على رغم الاختلاف الذي كان بينها؛ أما عن الأسباب في ذلك فهي أن “انطلاق هذه الحركة راجع إلى فساد الكنيسة بالدرجة الأولى، فبات الهم الأول للباباوات هو جمع الأموال وتكديسها وممارسة الطغيان على الناس واستغلال ثقتهم في الكنيسة إلى حد بيع صكوك الغفران”.

“كما أن ترجمة الكتاب المقدس للغات الوطنية والشروحات التي أصبحت معاصرة للإنجيل، جعلت الناس تتطلع لمعرفة ما يحتوي عليه، وبذلك أصبحوا لا يعتمدوا على رجال الدين، فانطلقوا في انتقاد ممارساتهم وسلوكياتهم، خاصة حينما يقدمون أنفسهم كوسطاء بينهم وبين الله” يضيف رفيقي، مشيرا أن المجتمع آنذاك، بأُناسه البسطاء والنبلاء والأمراء والبرجوازية الناشئة، انطلق في التمرد على الكنيسة، بكونها تسيطر على أغلب الأراضي الفلاحية، فأدى هذا التمرد إلى تحولات سياسية واجتماعية واقتصادية كبيرة في المنطقة.

ويردف رفيقي: “حركة الإصلاح الديني في أروبا ستنطلق في ألمانيا على يد مارثن لوثر، الذي انتقد بشدة قضية بيع صكوك الغفران، وخاصة الوساطة بين الخالق والمخلوق، معتبرا أن الإيمان هو السبيل الوحيد للخلاص، ومؤكدا أن الإنجيل هو المصدر الوحيد للدين”.

ثم انطلق رفيقي، في الحديث عن انطلاق حركة الإصلاح الديني في فرنسا، بالقول إنها ظهرت على يد جون كالفان، الذي تأثر بمارثن لوثر، وأفكاره الإصلاحية، فترجم الكتاب المقدس إلى اللغة الفرنسة معتبرا إياه المصدر الوحيد للدين، ومطالبا بإلغاء جميع الطقوس والشعائر الدينية التي كانت تُقام في الكنيسة، بل الأكثر من ذلك فإنه طالب بتغيير نظام الكنيسة كاملا.

أما في إنجلترا، فقد ظهرت حركة الإصلاح بدعم من الملك هنري الثامن الذي كانت له رغبة التخلص من سيطرة الكنيسة الكاثوليكية على أراضي الفلاحين والأموال التي كانت ترسل إلى روما، لأنها كانت تفرض على الناس ضرائب باهظة وكانت ضد الطلاق، وهو كانت له الرغبة في التخلص من زوجته.

انتقل إلى أعلى